تأملات أم في قصة الذبيح ..
أم هانئ
فجاعت وعطشت، ويبس ثديها، فجاع الصبي، وجعل يتلوى من الجوع، فأدركتها الشفقة، فرأت أقرب جبل إليها الصفا فذهبت إلى الصفا، وجعلت تتحسس لعلها تسمع أحداً، ولكنها لم تسمع، فنزلت إلى الاتجاه الثاني إلى جبل المروة، ولما هبطت في بطن الوادي نزلت عن مشاهدة ابنها، فجعلت تسعى سعياً شديداً، حتى تصعد لتتمكن من مشاهدة ابنها، ورقيت لتسمع وتتحسس على المروة، ولم تسمع شيئاً، حتى أتمت هذا سبع مرات ....
- التصنيفات: قصص مؤثرة -
باسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعـــــد :
* نتابع معًا أخواتي الكريمات رحلتنا مع تأملات الأمّ، أبدأ مستعينة بالله تعالى سائلتــه التوفيق والســـداد :
( 2 )
«البخاري رقم: [3364] )
(صحيح** لله كم تمثلتُ حال سعيي حالها، وبين العلمين الأخضرين عاينت شدة وجدها، كأني بعين الخيال بين الجبلين أعاين هنالك ما مرّ بها، أرى عينيها حال السعي لا تفارقان موضع وليدها، يُطوّف منها اللحظ حواليه يرعاه قلبها، وعند العلمين الأخضرين في بطن الوادي هنالك اشتدّ كربها؛ أم توارى عن ناظريها شخص وليدها، فكربتْ وطفقت تجد السعي من شدة وجدها، لهفة علي الوليد يسبقها قلبها .
* قال الشيخ ابن العثيمين في كتابه الماتع (( الشرح الممتع على زاد المستقنع )) :
"« » فإن قال قائل: ما الحكمة في كونه يسعى سعياً شديداً بين العلمين.
فالجواب: أنه كان في هذا المكان واد، أي مسيل مطر، والوادي في الغالب يكون نازلاً ويكون رخواً رملياً فيشق فيه المشي العادي، فيركض ركضاً.
وأصل السعي أن يتذكر الإنسان حال أم إسماعيل، فإنها ـ رضي الله عنها ـ لما خلَّفها إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ هي وابنها في هذا المكان، وجعل عندها، سقاءً من ماء، وجراباً من تمر، فجعلت الأم تأكل من التمر وتشرب من الماء، وتسقي اللبن لولدها، فنفدَ الماء ونفد التمر، فجاعت وعطشت، ويبس ثديها، فجاع الصبي، وجعل يتلوى من الجوع، فأدركتها الشفقة، فرأت أقرب جبل إليها الصفا فذهبت إلى الصفا، وجعلت تتحسس لعلها تسمع أحداً، ولكنها لم تسمع، فنزلت إلى الاتجاه الثاني إلى جبل المروة، ولما هبطت في بطن الوادي نزلت عن مشاهدة ابنها، فجعلت تسعى سعياً شديداً، حتى تصعد لتتمكن من مشاهدة ابنها، ورقيت لتسمع وتتحسس على المروة، ولم تسمع شيئاً، حتى أتمت هذا سبع مرات .... / والقصة مطولة في صحيح البخاري / كتاب الأنبياء / رقم : (3364) فهذا هو السبب في كون الناس يسعون سعياً شديداً إذا وصلوا هذا المكان، والآن ليس فيه واد، لكن فيه علامة على هذا الوادي وهو هذا العلم الأخضر.فالإنسان إذا سعى يستحضر:
أولاً: سنة الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ،
وثانياً: حال هذه المرأة وأنها وقعت في شدة عظيمة حتى أنجاها الله، فأنت الآن في شدة عظيمة من الذنوب فتستشعر أنك تحتاج إلى مغفرة الله ـ عزّ وجل ـ كما احتاجت هذه المرأة إلى الغذاء، واحتاج ولدها إلى اللبن،
وقد قرأ النبي صلّى الله عليه وسلّم حين أقبل على الصفا: «إن الصفا والمروة من شعائر الله» أبدأ بما بدأ الله به[، ليشعر نفسه أنه إنما طاف بالصفا والمروة؛ لأنهما من شعائر الله ـ عزّ وجل ـ ولذلك لا تقرأ هذه الآية إلا إذا أقبل على الصفا حين ينتهي من الطواف وأما بعد ذلك فلا تقرأ.
مسألة: إذا سعى هو وزوجته ووصلا إلى العلم الأخضر فهل يسعى سعياً شديداً وزوجته معه؟
الجواب: لا يسعى سعياً شديداً، لا سيما في أيام المواسم والزحام فإنه لو سعى ضيعها.
لكن هنا إشكال وهو أنه إذا كان أصل سعينا بين العلمين سعي أم إسماعيل وهي امرأة، فلماذا لا نقول: إن النساء أيضاً يسعين؟
الجواب: من وجهين :
الأول: أن أم إسماعيل سعت وحدها ليس معها رجال.
الثاني: أن بعض العلماء كابن المنذر حكى الإجماع على أن المرأة لا ترمل في الطواف ولا تسعى بين العلمين، وعليه فلا يصح القياس؛ لأنه قياس مع الفارق ولمخالفة الإجماع إن صح...."
انتهى النقل بتصرف / ج7 / كتاب المناسك / ص: 306-308
** أخـــــواتي:-
أحيا الله بما صدر عن فطرة الأم سنّة، يتدبرها من حج بيته شاعرا له بالمنّــة،كتب الله سبحانه على نفسه الرحمة ، فلا يخلو شرع ولا منسك أمرنا به من نعمة؛ فمن وجد في قلبه تدبرا لها فقد حاذ في قلبه الجنة .
اللهم ارزقنا حبك، وحب من يحبك ،وحب عمل تقربنا به إلى حبك.آمــــــــين .