لقائي الصحفي مع الشيخ عبد المجيد 2
عبد المنعم منيب
أردت أن أصف الشيخ عبد المجيد الشاذلي رحمه الله لقلت: المهندس (لأنه خريج كلية العلوم) ولقلت: السياسي الاقتصادي المفكر الإسلامي، مؤسس وزعيم جماعة دعوة أهل السنة، ولكن من يرد أن يقرأ تفاصيل حياة الشيخ فسيجد ترجماتٍ عديدةٍ عنه على موقع دعوة أهل السنة، وعلى ويكيبيديا وغير ذلك من مواقع الويب، ولكنني أريد أن ألقي الضوء على جوانب من شخصية الشيخ أظن أن أحداً لم يتكلم عنها، وقد أبرزت أغلب هذه الجوانب فى الحلقة الأولى من هذا المقال، ونكملها الآن هنا لنوضح أبعادها العملية على أرض الواقع.
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
وأردت أن أصف الشيخ عبد المجيد الشاذلي رحمه الله لقلت: المهندس (لأنه خريج كلية العلوم) ولقلت: السياسي الاقتصادي المفكر الإسلامي، مؤسس وزعيم جماعة دعوة أهل السنة، ولكن من يرد أن يقرأ تفاصيل حياة الشيخ فسيجد ترجماتٍ عديدةٍ عنه على موقع دعوة أهل السنة، وعلى ويكيبيديا وغير ذلك من مواقع الويب، ولكنني أريد أن ألقي الضوء على جوانب من شخصية الشيخ أظن أن أحداً لم يتكلم عنها، وقد أبرزت أغلب هذه الجوانب فى الحلقة الأولى من هذا المقال، ونكملها الآن هنا لنوضح أبعادها العملية على أرض الواقع.
هناك سؤالان يتبادران للذهن عند قراءة الحلقة الأولى من هذا الموضوع وهما:
الأول: ما هى الرؤى المتميزة للشيخ عبد المجيد الشاذلي رحمه الله فى السياسة والاستراتيجية والاقتصاد؟ وأين نجد تفاصيلها؟
الثانى: لماذا لم تنعكس هذه الرؤى على أرض الواقع العملي؟ ولو كانت انعكست فما مظاهرها فى الواقع العملي؟
وإجابة السؤال الأول: أننى أجريت حواراتٍ مع الشيخ عبد المجيد الشاذلي رحمه الله استغرقت عدة أيام وتم تسجيلها بالفيديو، وسألته فيها حول هذه الأمور وغيرها وأجاب بإسهاب وسوف أنشرها قريباً إن شاء الله، وهذه الحوارات تمثل مختصراً للعديد من رؤاه بهذه المجالات ولكن التفصيلات الأكثر موجودة بعشرات الفيديوهات المنشورة على موقع دعوة أهل السنة واليوتيوب وبعضها مخصص لشرح قضايا بعينها بتفصيل جيد، كما أنه ترك أبحاثاً وأوراقاً أظن أن بعضها سيجد طريقه للنشر وربما يكون بعضها قد فقد.
أما إجابة السؤال الثانى: فهي أن الشيخ من المؤكد أنه عندما أسس حركته لم يكن فكره السياسي والتنظيمي قد وصل للمنتهى الذى صار إليه عام 2011 وبالتالي فلا يمكننا الزعم أنه سار في حركته منذ 1975 وفقاً لهذا الفكر السياسي والتنظيمي، وأذكر أننى فى مرة كنت أتجاذب معه أطراف الحديث حول الأوضاع العامة وتحرك جماعة دعوة أهل السنة فى هذه المرحلة ولا أذكر موضوع الكلام تحديداً ولا وجهته، ولكن أذكر أنه قال لي: "المشكلة أن الخبرة كمشط لا تملكه إلا بعدما تصبح أقرعا"، وقالها بحسرةٍ بالغةٍ، وحينها أشرت إلى شباب من تلامذته، وقلت له إنهم إن شاء الله سيفعلون ما تقوله لهم فلاحظت على وجهه تعبير حسرةٍ لكنه لم يتكلم بكلمة.
فالرؤية السياسية المتكاملة للشيخ ربما لم تصل إلى هذا المستوى من التكامل إلا بعدما كبر سنه ووهن عظمه وصار لا يمكنه القيام بدور حركي مباشر فانحصر تأثيره فى مجال الفكر والتنظير، ويبدو أن أغلب من رباهم الشيخ فكرياً من تلامذته توقفوا عند مرحلة محددة من التطور الفكري للشيخ وصعب عليهم تجاوزها رغم إلحاحه عليهم حتى وفاته، فمثلا نرى فى آخر فيديو له سجله الأخوة له وهو بالمستشفى (قبيل موته بفترةٍ قصيرةٍ جداً) نراه رحمه الله يوصيهم بالعمل السياسي كي يكون أداة لإفساح المجال والفرص للعمل الدعوي وكي يحمي الدعوة، وكرر الجملة المعبرة عن هذا أكثر من مرة فى الفيديو الذى لم يتجاوز 3 دقائق من على فراش موته، وفى الفترة من صيف 2011 وحتى قبل وفاته ظل يُلِح على أبناء حركته بالتركيز على عدد من المحاور العملية المهمة والفعالة وهى:
1. العمل الجماهيري الدعوي الواسع في الشارع المصري بشتى السبل فى المدن والقرى والجامعات.
2. إنشاء قناة فضائية إسلامية شاملة بتكنيك عصري.
3. إنشاء موقع إخباري محترف على الويب.
4. إنشاء جريدة ورقية.
5. إنشاء حزب سياسي.
ولكنه فى نهاية حياته تراجع عن فكرة الحزب بدرجة ما، بسبب أن هذا الأمر أدى لانقسام بين أبناء الجماعة وقبيل مرض وفاته أخبرني بعض الأخوة أنه تراجع عنه حفاظاً على وحدة الأخوة وعدم حدوث انقسام بينهم بسبب هذا الأمر.
لقد حاول عدد من تلامذته إنجاز وإنفاذ رؤيته السياسية ولكن فى ضوء ما أتيح لهم من موارد فكرية واقتصادية، ولكن هذه الموارد لم تسعفهم لتحقيق إنجاز واضح، فضلاً عما حدث بمصر منذ 3 يوليو 2013.
ولكن....
هل معنى هذا أن الشيخ عبد المجيد الشاذلي لم ينجز شيئاً خارج عالم الفكر؟
فى الواقع أن للشيخ رحمه الله إنجازاً عملياً مهماً وهو تأسيس جماعة دعوة أهل السنة التى ربما يكتب لها الله أن تتطور عملياً وتنفذ الرؤى الفكرية الناضجة والمتقدمة للشيخ عبد المجيد الشاذلي والأستاذين سيد قطب ومحمد قطب رحمهم الله على أرض الواقع فى مرحلة زمنية ما، كما أن للشيخ عدداً من التلاميذ استفادوا منه ليس في العقيدة والعلوم الشرعية فقط بل في السياسة والاستراتيجة والاقتصاد وشاهدت هؤلاء فى الإسكندرية فقط، بينما تلامذته من المحافظات الأخرى تجدهم يركزون ويحفظون كتبه فى العقيدة ولديهم إلمامٌ قليلٌ في السياسة والاقتصاد ونحو ذلك، طبعاً لم أُجرِ إحصاءً شاملاً للكل ولكن هذا مجرد انطباع عام لدي، وعلى كل حال فالمجموعة التى عايشت الشيخ بالإسكندرية تجدها متشربة بأفكار وطريقة تفكير الشيخ بشكلٍ واضحٍ جداً، وهذا إنجاز عمليٍ مهمٍ وكبير.
وللحديث بقيةٌ إن شاء الله.