عندما تتقلص الاختيارات
مدحت القصراوي
عندما تتقلص الاختيارات، إما أن تعانق النجوم أو تلفظك القبور، في أوقات العافية قد يكون هناك مساحةٌ للتفاوت وسعةٌ نسبيةٌ في الاختيارات؛ فتجد تفاوتاً في الطاعة والإيمان، ولكن في مواقف الإشهاد يختلف الأمر؛ فتضيق مساحة الاختيار.
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
عندما تتقلص الاختيارات، إما أن تعانق النجوم أو تلفظك القبور، في أوقات العافية قد يكون هناك مساحةٌ للتفاوت وسعةٌ نسبيةٌ في الاختيارات؛ فتجد تفاوتاً في الطاعة والإيمان، ولكن في مواقف الإشهاد يختلف الأمر؛ فتضيق مساحة الاختيار.
فموقف السحرة أمام فرعون لم يكن أمامهم ثمةَ اختيارٌ، فإما أن يكونوا شهداء بررةً أو سحرةً فجرة، إما أن يكونوا أئمة إلى يوم القيامة تُتلى حكايتهم في آيات الله بالمحاريب أو يُلعنوا مع المقبوحين.
يجب أن نفرق بين الأوقات والظروف؛ فالإمام أحمد لم يترخص وعاب على من ترخص من أهل العلم؛ حيث رأى أنهم متبوعون يتأثر بهم الناس فلا يجوز لهم الترخص، وهم رأوا أنهم ليسوا بهذا التأثير فترخصوا، لكن أحمد رحمه الله - وقد ترخص خلقٌ من العلماء وأخذ آخرون بالعزيمة ـ وجد الأمر آل إليه، ولو ترخص لضاع الحق ولم يمكن استدراك الأمر فثبت وهانت عليه نفسه في الله تعالى.
قد يكون السكوت للبعض هروباً من موقف الإشهاد، ولكن قد لا تكون له حجةٌ ولا وجهٌ يلقى الله تعالى به..
لكن العجيب اليوم أن من يسكت عن بيان الواجب والحق، عندما ينطق فوه يتبين أنه مجرمٌ أخرسٌ وأفعى كامنة لا أكثر، فعندما يهمّ البعض أن يلتمس لهم وجهاً من العذر لسكوتهم من الخوف يفاجئون الناس بأنهم متآمرون لم يحن وقت نطقهم بعد.
يجب أن تعلم الرموز التي تتجه إليها الأنظار اليوم، حفظهم الله، من الإخوان وغيرهم، في الداخل والخارج، ومن رموز الدعاة، وإلى من يريد أو يفكر في التراجع أو المداهنة، أن مساحة الاختيارات قد ضاقت.. ولا رفاهية في الاختيار.