اختلافًا كثيرًا
أحمد كمال قاسم
كلام الله متفردٌ في إعجازه وكأنه على قمة جبلٍ وباقي كلام الناس - على تفاوته - ليس على جبلٍ اصلًا، بل على هضابٍ متفاوتةٍ الإرتفاع لكنها كلها منخفضة.
- التصنيفات: القرآن وعلومه -
سؤال:
يقول أحد الملاحدة، أن قوله تعالى {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [ النساء جزء من الآية: 82] غير بليغٍ، فالاكثر إعجازا أن تزعم ان الكتاب ليس به خطأٌ واحد، وهل إذا وجد كتابٌ نسب إلى الله به خطأ او خطأين ليس بكثير يعني انه من عند الله؟
جواب:
ضل الملحد في فهم الآية. الآية هنا تدل على معناً دقيق لا يفي به التعبير الآخر "لوجدوا فيه اختلافًا، أو اختلافًا قليلاً"، وهذا المعنى هو أنه توجد منطقة لا تتحقق في كلام لا الخالق ولا المخلوق، وهي المنطقة المجاورة لمنطقة كلام الله الذي لا اختلاف فيه على الإطلاق، هذه المنطقة المجاورة هي" منطقة الاختلاف القليل"! وهذا يعني أن كلام المخلوق لابد وأن تجد به اختلافًا كثيرًا، ولا يمكن أن تجد فيه مجرد اختلافٍ قليل، أي لن تجد كلامًا لمخلوق الفرق بينه وبين اختلاف الخالق - في صحته وبلاغته وفصاحة كلماته - فرقاً ضئيلاً، بل لابد وهناك فجوة لا يوجد فيها كلامٌ لا للخالق ولا للمخلوق، وذلك يؤدي لعدم اختلاط كلام الناس مع كلام الله، وبذلك تنقطع حجة العقلاء من الناس، ويكون القرآن ظاهرًا بلا ريب أنه كلام الله.
وجدير بالذكر أن الاختلاف ليس معناه الخطأ وحسب، بل المعنى الأقرب هو كون النص ليس على درجةٍ واحدةٍ من البلاغة، فلا يستطيع شاعرٌ أو أديبٌ أن يكتب نصاً جميع أجزائه على نفس درجة البلاغة، بل حتى لو كان عبقريًا ستجد معظم كلامه بليغًا، وبعضه ركيك او ركيك جدًا، وهذا هو الفرق بين كلام العباقرة وكلام الله، أن كلام الله كله على نفس درجة البلاغة، فلا تجد بين أجزاء كلامه اختلافا لا قليلًا ولا كثيرًا، وعليه فوجود منطقة الخلاف القليل خاليةٌ من الكلام يجعل كلام الله متفرداً في إعجازه وكأنه على قمة جبلٍ وباقي كلام الناس - على تفاوته - ليس على جبلٍ اصلًا، بل على هضابٍ متفاوتةٍ الإرتفاع لكنها كلها منخفضة.