مأساة كامليا وتمايز الصفوف
حاتم أبو زيد
ذكر حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد
أخبر بكل أمر هو كائن إلى يوم القيامة، ثم قال حذيفة: وإنه ليكون منه
الشيء قد نسيته فأراه فأذكره، كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه،
ثم إذا رآه عرفه..
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
ذكر حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-
قد أخبر بكل أمر هو كائن إلى يوم القيامة، ثم قال حذيفة: وإنه ليكون
منه الشيء قد نسيته فأراه فأذكره، كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب
عنه، ثم إذا رآه عرفه.
وهكذا قد يكون من ذلك ما رواه الإمام مسلم في كتاب الفتن من صحيحه
(2897/34) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «
لا
تقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق أو بدابق [موضعان بالشام بالقرب
من حلب] فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذٍ، فإذا
تصافوا قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سُبُوا منا نقاتلهم. فيقول
المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا تقاتلونهم
».
في هذا الجزء يصف النبي حال المؤمنين آخر الزمان، وكيف سيأتي إليهم
من أهل الباطل من يبغي التسلط على طائفة منهم بحجة أنهم كانوا منهم
ومن شيعتهم، كما هو حادث الآن بصورة ما من ادعاء الكنيسة أن اختطاف
المواطنين هو شأن خاص بها؛ إذ أن هؤلاء المحتجزين لديها هم من شيعتها
وطائفتها، ومن يسأل عن هؤلاء حتى كمواطنين تأتيه الإجابة القاطعة:
وأنت مالك. «خلوا بيننا وبين الذين تركونا نقتلهم
».
هنا ينقسم الناس إلى قسمين، قال صلى الله عليه وسلم: «
فينهزم ثلث
»؛ ينهزم خوفا، ينهزم من أجل الدينار والدرهم، ينهزم
لأنه هو مهزوم أصلا ليس له قضية وإنما كانت الحادثة كاشفة. ولكن لابد
من يلبس هزيمته ثياب الحكمة.
فما الداعي أن نتوقف عند حادثة إسلام امرأة، هناك من القضايا ما هو
أهم. هكذا يختذل القضية رغم أن المصائب تترى أمام عينه، لكن المهزوم
لا يريد أن يرى، يرتدي ثوب الحكمة ويقول: "أَنْتُمْ لَا تَعْرِفُونَ
شَيْئًا ولاَ تُفَكِّرُونَ، أَنَّهُ خَيْرٌ لَنَا أَنْ يَمُوتَ
إِنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ وَلاَ تَهْلِكَ الأُمَّةُ كُلُّهَا"
فمصلحة الأمة أولى، أتعرفون؟! هذه المقولة صدرت منذ ما يقرب من ألفي
عام، من الكاهن قيافا تبريرا لتسليم المسيح عليه السلام للرومان، فما
حافظ على أمة ولا على دين، وزال قدس أقداسهم بعد أقل من أربعين عاما
وشتتوا في الأرض.
إن الغول الطائفي يريد كل شيء، يريد الأفراد الذي كانوا يوما ما من
شيعته، والذين ليسوا من شيعته، يريد الأرض، يريد الوطن الذي يعيش فيه،
في خياله هو.
هؤلاء أدعياء الحكمة والمصلحة ينبغي أن يتداركوا أنفسهم خشية أن يكون
قوله صلى الله عليهم وسلم: «فينهزم ثلثٌ لا يتوب الله عليهم أبداً
»، واقع فيهم.
إننا جميعا ينبغي لنا أن نبصر مواقع أقدامنا حتى لا نكون من ذلك
الفريق المهزوم، لا من أجل الهزيمة ؛ ولكن هؤلاء «
لا
يتوب الله عليهم أبداً» كما قال
صلى الله عليه وسلم. أي لا يلهمهم التوبة، وقد جاء وصف تلك الصورة
بأنها حالة (ردة شديدة) أي أن المهزومين سيكونون كثر، كما في حديث ابن
مسعود الذي أخرجه مسلم في الفتن (2899/37) وأحمد في المسند
(1/385،435).
أما القسم الآخر الذي يأبى أن يسلم أخاه، كما جاء في حديث ابن عمر
عند البخاري(2442): «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا
يسلمه....الحديث». وزاد الطبراني
من طريق آخر: «ولا يسلمه في مصيبة نزلت به
». فقد بشرهم صلى الله عليه وسلم
فقال: «ويقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله، ويفتح
الثلث لا يفتنون أبداً» فأبشر بها
من نعمة ولله الحمد والفضل.
وختاما أترك القارئ مع نص الحديث: عن أبى هريرة أن رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- قال: «لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو
بدابق فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ فإذا
تصافوا قالت الروم خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم. فيقول
المسلمون لا والله لا نخلى بينكم وبين إخواننا. فيقاتلونهم فينهزم ثلث
لا يتوب الله عليهم أبدا ويقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله ويفتتح
الثلث لا يفتنون أبدا فيفتتحون قسطنطينية فبينما هم يقتسمون الغنائم
قد علقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان إن المسيح قد خلفكم فى
أهليكم. فيخرجون وذلك باطل فإذا جاءوا الشأم خرج فبينما هم يعدون
للقتال يسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاة فينزل عيسى ابن مريم فأمهم فإذا
رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح فى الماء فلو تركه لانذاب حتى يهلك
ولكن يقتله الله بيده فيريهم دمه فى حربته
».