"أو يعيدوكم في ملتهم"
مدحت القصراوي
في يوم الجمعة وأنت تقرأ سورة الكهف تذكّر..
- التصنيفات: تزكية النفس -
عندما تقرأ قول الفتية {إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا} [الكهف: 20] ، فاعلم أنهم في تصرفهم وعلاقاتهم كانت عندهم ثوابت واضحة في حركتهم، يمكن في مرونتهم أن يتلطفوا لئلا يظهر عليهم العدو، لكنه إن ظهر عليهم فثمة ثابتٌ لا يمكن التزحزح عنه، {أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا}، فلو تراجعوا عن قضاياهم الثابتة فهو خيبة السعي وحبوط الجهد السابق كله..
لا بد لأي حركةٍ مسلمةٍ ولأي شخصٍ مسلمٍ من ثوابت وخطوط لا يمكنه التراجع عنها، يقدّم نحْره دونها، وتقف الحركة عندها لا تتزحزح ولا تكذب على الله تعالى، فتبديل الشرائع لا يمكن قبوله، وولاء الكافرين لا يمكن قبوله، وعبادة غيره تعالى لا يمكن قبولها، وما دون ذلك لهم فيه سعةٌ ومرونة.
من نعم الله على أصحاب الكهف أن وقفوا عند هذه الثوابت ولم يُبتلوا بشيوخ أو دعاة (نصّابين) يقولون لهم يمكن أن تتراجعوا وعلينا التبعة، وأنه يمكن ترك الملة من أجل البلاد والمجتمع!
لقد ثبتوا عند الخط الذي لا يجوز لهم الرجعة، فكانوا أنموذجًا للبشرية نتلو ذكرهم إلى هذه الساعة، ولو تراجعوا لكانوا ممن نكصوا، والناكصون كثر وما لهم ذِكْر ولا شرف، فإعلم أين يكون ذكر الثابتين، وأين يكون ذكر المَفتون.