لماذا لا يُفصح البنك المركزي؟
عامر عبد المنعم
الشفافية في موضوع الديون واجبٌ وطني، لأن التعتيم وعدم الوضوح يتسبب في استمرار الكارثة، ويساهم في استمرار الاقتراض والإجهاز على ما تبقى من مقدرات، وسيؤدي حتمًا وبأسرع مما نتخيل إلى إسقاط الدولة، وتصفية أصولها وتسليمها للدائنين الأجانب، وتكرار تجربة الخديوي إسماعيل لتدمير مصر، إلا أن التدمير هذه المرة يفوق التدمير بالقنبلة النووية.
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
الشأن المصري:
لماذا لا يُفصح البنك المركزي عن الحجم الحقيقي للديون؟
الديون تجاوزت الـ 100 مليار وليست 55.764 مليار دولار، نريد أن نعرف بشكلٍ واضحٍ ما هي الديون التي يتحدث عنها البنك المركزي، ولماذا لا يحصي كل الديون؟
هل ما يعلنه البنك من أرقامٍ حول المديونية الخارجية خاصٌ بما يدفع البنك أقساطه وفوائده فقط؟
هل يمتنع البنك عن وضع باقي الديون في القائمة لأن سدادها مؤجل وستتحملها الأجيال القادمة، خاصة أن الإتفاقات عليها تتحدث عن فترات سماح تتراوح بين 10سنوات إلى 15 عامًا؟
هل يعلن البنك ما تتحمله الحكومة الحالية فقط ويتجاهل باقي الديون لأنها تخص الأجيال القادمة؟
الأسئلة السابقة مشروعة بعد إعلان البنك المركزي منذ أيام أن الدين الخارجي للبلاد قفز إلى 55.764 مليار دولار في نهاية العام المالي 2015/2016، بزيادة بلغت 16% عن العام المالي السابق قيمتها 7.7 مليارات دولار، حيث كان إجمالي الدين الخارجي للبلاد في نهاية العام المالي 2014/2015 48.062 مليار دولار .
ومن الملفت أن البنك المركزي كان قد أعلن في نهاية شهر مارس 2016 أن إجمالي الدين الخارجي قد بلغ 53.4 مليار دولار، أي أن الزيادة خلال 6 شهور منذ مارس حتى الآن بلغت 2.364 مليار فقط!
هذه الأرقام لا تتفق وحجم القروض التي يُعلَن عنها، والإتفاقات التي تنشرها الصحف في الدول المقرضة قبل الصحف المصرية، ولكي نوضح عدم دقة ما يعلنه البنك المركزي رصدنا الأرقام التي أعلنتها الدول والجهات المقرضة وبعض ما أعلنته الحكومة المصرية وخاصةً وزارة التعاون الدولي التي تفاخر بما تأتي به من قروض!
هذا كشفٌ سريعٌ للذي يعلن عنه من القروض، وليس كلها خلال العامين الماضيين، ويؤكد أن القروض تجاوزت الـ 100 مليار دولار:
1- 25 مليون دولار قروض روسية لتمويل محطة الضبعة النووية.
2- 15 مليار دولار قروض ألمانية لمحطات الكهرباء التي أنشأتها شركة سيمنس.
3- ( 10 :15 ) مليار دولار قروض فرنسية لتمويل صفقات ومشتريات متنوعة.
4- 23 مليار دولار قرض من السعودية لتمويل شحنات الوقود بفائدة 2%، وسيتم السداد على 15 سنة، مع فترة سماح ثلاث سنوات (تم التوقيع عليه رسميًا).
5- 21 مليار قروض تم التوقيع عليها مع البنك والصندوق الدوليين (البنك الدولي 9 مليار والصندوق 12 مليار).
6- 2 مليار من السعودية (من الـ 6 مليار التي يشترط الصندوق اقتراضها لتقديم قرضه).
7- 5 مليار سندات دولارية يتم بيعها ببورصتي لندن ونيويورك.
8- 1.5 مليار دولار قرض من السعودية لتطوير سيناء.
9- 1 مليار من صندوق أبو ظبي.
10- 1.5 مليار من البنك الإفريقي للتنمية (تشير تقارير صحفية إلى أن الاتفاق يصل إلى 4 مليار)
11- 3.5 مليار ديون لشركات البترول الأجنبية العاملة في مصر.
12- 4 مليار من الصين لتمويل مشروعات (يتم التفاوض عليها)
13- 10 مليار من ألمانيا (يتم التفاوض عليها)
الأرقام السابقة لأهم القروض التي تم رصدها، ولا تشمل الأرقام التي تقل عن المليار وهي كثيرة، ولا تضم الكثير مما لم يعلن عنه، لتمويل الصفقات السرية.
وإذا نظرنا إلى حجم القروض المحلية التي اقترضتها الحكومة بسندات وأذون خزانة نجد كارثةً أخرى لا تقل عن كارثة التدمير بالقروض الخارجية؛ فحجم الدين المحلي بالجنيه المصري بلغ 2.5 تريليون جنيه في نهاية مارس 2016 حسب بيان المركزي المركزي، وسيصل إلى 3 تريليون جنيه نهاية هذا العام، والمستحق منها والفوائد التي تدفعها الحكومة تأكل موارد الدولة، وتبتلع أي نموٍ مستقبلي، علاوةً على تدمير العملة بطبع الورق بدون غطاء.
الشفافية في موضوع الديون واجبٌ وطني، لأن التعتيم وعدم الوضوح يتسبب في استمرار الكارثة، ويساهم في استمرار الاقتراض والإجهاز على ما تبقى من مقدرات، وسيؤدي حتمًا وبأسرع مما نتخيل إلى إسقاط الدولة، وتصفية أصولها وتسليمها للدائنين الأجانب، وتكرار تجربة الخديوي إسماعيل لتدمير مصر، إلا أن التدمير هذه المرة يفوق التدمير بالقنبلة النووية.