دواء الغيبة

خالد أبو شادي

وهذا هو قانون السلف: أن لا يسمحوا في مجالسهم لأحد أن يتلفَّظ بغَيْبَة. قال ابن الجوزي واصفًا شيخه عبد الوهاب الأنماطي: "كان على قانون السلف: لم يُسمَع في مجلسه غيبة".

  • التصنيفات: أعمال القلوب -

كفارة الغيبة
ذنب الغيبة يتضمن حقين: حق الله، وحق الآدمي، فالتوبة منه بتحلل الآدمي بالاستغفار له، ولا يخبره بوقوعه فيه، فإنه ربما أخبره، فتدب بينهما العداوة والبغضاء والقطيعة، والندم فيما بينه وبين الله لأجل حقه، وأن يذكر المغتاب والمقذوف في مواضع غيبته وقذفه بضد ما ذكره فيها من الغيبة، فيبدِّل غيبته بمدحه والثناء عليه وذكر محاسنه، ويستبدل قذفه بذكر عفته وأمانته، ويستغفر له بقدر ما اغتابه.

قال مجاهد: "كفارة أكلك لحم أخيك أن تثني عليه، وتدعو له بخير".

وبعضهم يعوِّل على دعاء ختام المجلس ليكفِّر الغيبة؟!

لكن الحقيقة أن الغيبة كبيرة لا تكفِّرها إلا التوبة، فإذا اغتبت أحدًا، فكفارتك أن تتوب، وتتحلل ممن اغتبته.

الشفاء من داء الغيبة
قال الفضيل: "من أراد أن يسلم من الغيبة، فليسد عن نفسه باب الظنون، فمن سلِم من الظن سلم من التجسس، ومن سلِم من التجسس سلِم من الغيبة".

وأكثرها شيوعًا غيبة الموظفين للمديرين، وغيبة المرؤوسين للكبراء، وغيبة الطلبة للمدرسين.

واجب من سمع الغيبة
قال النووي: "اعلم أنّه ينبغي لمن سمع غيبة مسلم أن يردّها ويزجر قائلها، فإن لم ينزجر بالكلام زجره بيده، فإن لم يستطع باليد ولا باللّسان، فارق ذلك المجلس، فإن سمع غيبة شيخه أو غيره ممّن له عليه حقّ، أو كان من أهل الفضل والصّلاح، كان الاعتناء بما ذكرناه أكثر".

أخي .. من أراد أن يشفيه الله من داء الغيبة فلا ينبغي أن يكون سلبيًا، وليحاصر الغيبة في شخوص أصحابها، وليقلِّد إما سعيد بن جبير أو محمد بن سيرين!

أما سعيد بن جبير، فكان لا يدع أحدا يغتاب عنده، وأما محمد بن سيرين، فكانوا إذا ذكروا عنده رجلًا بسيِّئة، ذكره بأحسن ما يعلم. فاسلك أي الطريقين تصل إلى واحة الشفاء!

وهذا هو قانون السلف: أن لا يسمحوا في مجالسهم لأحد أن يتلفَّظ بغَيْبَة. قال ابن الجوزي واصفًا شيخه عبد الوهاب الأنماطي: "كان على قانون السلف: لم يُسمَع في مجلسه غيبة".

وكانوا يحاسبون أنفسهم على سماع الغيبة -فضلًا عن النطق بها- أشد المحاسبة، ومنهم إبراهيم بن أدهم، فقد دُعِيَ إلى وليمة، فحضر، فذكروا رجلًا لم يأتهم، فقالوا: "إنه ثقيل"، فقال إبراهيم: "أنا فعلت هذا بنفسي؛ حيث حضرت موضعًا يُغتاب فيه الناس"، فخرج، ولم يأكل ثلاثة أيام!

المصدر: صفحة الشيخ على الفيسبوك.