عن شرف الطريق وسالكيه
مدحت القصراوي
لما كان المنهج المُنزل هو الطريق الموصل إلى الله تعالى، فقد شرّفه تعالى فنسبه إليه
- التصنيفات: تربية النفس -
لما كان المنهج المُنزل هو الطريق الموصل إلى الله تعالى، فقد شرّفه تعالى فنسبه إليه، فلا يذكره تعالى إلا أن يقول (سبيل الله) أو يسميه (سُبلنا) أو يسميه (سُبل السلام) وكفى بهذا شرفًا للسالك..
وقد ذكر تعالى أن الطريق القويم والقاصد إنما يدل على الله وعلى عبادته {قَالَ هَـٰذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} [الحجر: 41]، فالطريق القاصد والمستقيم لا يدل إلا على عبادته وحقه تعالى، فهذا هو مأخذ الاستقامة.
ولكن لما سلك السالكون طريقه تعالى، ورضوه ونصروه، وعرفوا قيمته وأحبوه؛ شرّفهم تعالى فنسب إليهم الطريق أيضًا فأعلن تعالى أنه {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [ النساء: 115]، ونسبه إليهم عند دعاء الداعي { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 6 وجزء من الآية: 7]، وقد ألقى الله تعالى عليهم سلامه {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ ۗ آللَّـهُ} [النمل جزء من الآية: 59]، وهم من اصطفاهم الله لهذا الدين ونصرة نبيه، وأمر نبيه أن يبلغهم سلامه {إِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} [الأنعام جزء من الآية: 54] وأمره أن يبلغهم بأمرٍ قُضي في السماء قضاه الله على نفسه بشأنهم وذلك بأن يبشرهم بقبوله توبتهم إذا تابوا بعد خطأ أو استغفروا بعد معصية {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ۖ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [الأنعام جزء من الآية: 54]، فالغفور الرحيم ينتظرهم برحمته ومغفرته وتوبته ما داموا على الطريق.
في مقابل أن نسب تعالى طريق الضلال لأصحابه، إزراءٌ بهم وبطريقهم، فسماه باسمهم إذ كانوا مجرمين {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام جزء من الآية: 55] وفصّلهم فقال: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة جزء من الآية: 7] يعني غير طريق المغضوب عليهم، وغير طريق الضالين.
فكفى بسالك طريق ربه تعالى شرفا أن ينسب اليه الطريق أحيانا، تنويها بشأن السالك ورضا ربه عنه.. فراجع أي الطريق تسلك..