(7) محركات الدفع
جمال الباشا
كل عضو في الإنسان إنما خلقه الله لأداء وظيفة خاصة به، وتؤدي الأعضاء بالجملة وظيفة تكاملية مشتركة غايتها تحقيق العبودية الخالصة لله وحده.
- التصنيفات: تزكية النفس -
كل عضو في الإنسان إنما خلقه الله لأداء وظيفة خاصة به، وتؤدي الأعضاء بالجملة وظيفة تكاملية مشتركة غايتها تحقيق العبودية الخالصة لله وحده.
وظيفة العقل في المجموعة هي تحليل المدخلات وتصنيفها، فيميز بين النافع والضار، والخير والشر، وكل ما يمكن تصنيفه في دائرة المعرفة، ومن ثم نقل الخُلاصات إلى القلب وعرضها عليه ببيانات مُجرَّدة، يستقبلها القلبُ بدوره ويتفاعلُ معها، ويعالجها لتصير مشاعر وأحاسيس ينشأ عنها الإرادةُ والهمُّ للفعل، فتكون بمثابة محركات الدفع التي تحرّك سائر الجوارح.
ومحركات الدفع الرئيسة ثلاثة:
المحبة والرجاء (للدفع الأمامي)، والخوف(للدفع الخلفي)، فبدون هذه المقوّمات لا ينهضُ المرء ولا تنبعث إرادته لشيء، فهو إنما يحركه لفعلٍ ما محبتُه لشيءٍ ما، أو رجاؤه فيه، أو خوفه منه.
ينشأ عن هذه المقدمة؛ أن الإنسان الذي لا يسلك طريقه إلى الله تعالى، ولا تتحرك فيه له أيةُ جارحةٍ هو صاحب قلب معطوب بالكلية، ومحركاته تالفة.
ومن كان سيرُه فيه ضعيفًا أو مترنحًا ففي قلبه من العطب بحسب سيره.
ومن صلُحت محركاتُ الدفع في قلبه وسلمت من الآفات، سار على الطريق بنشاط وهمة واستقامة.
ولا تكادُ قلوبُ العباد تخرج عن هذه القسمة؛ فإما قلبٌ ميت، قد ختم الله عليه، فلا ينتفع بذكرى ولا إرادة فيه لهدى.
أو قلبٌ سقيم، فيه من العلل ما يُعيقه عن الاستقامة في السير، فهو يقوم ويسقط، ثم يقوم ويتابع سيره، وهكذا.
أو قلبٌ سليم، في سيره مستقيم، مداوم على تفقُّد قلبه وإجراء ما يلزم من أعمال الصيانة، يوشك أن يبلغ غايته، على أحسن حال وأسعد خاتمة.