(9) مفتاح المجاهدة
جمال الباشا
لعل قائلا يقول: قد علمنا أن الشهوات تُدفع بالمجاهدة، ولكني أجاهد نفسي ولا أستطيع قهرها فماذا أفعل؟
- التصنيفات: تزكية النفس -
لعل قائلا يقول: قد علمنا أن الشهوات تُدفع بالمجاهدة، ولكني أجاهد نفسي ولا أستطيع قهرها فماذا أفعل؟
والجواب: أن نعلم أن العبد يحتاج في المجاهدة إلى قوتين:
الأولى: قوة إدراك الحق، وهي "القوة العلمية".
الثانية: قوة إيثار الحق، وهي "القوة العملية".
والناس مع هاتين القوتين أربعة أقسام:
الأول: من امتلك القوتين معا، فهو قوي في معرفة الحق وقوي في العمل به، وذاك المستقيم على الإيمان والعمل الصالح، وهو خير الأربعة.
الثاني: من فقد القوتين معا، فلا علم له بالحق، ولا قوة له على العمل، وهو من شر الدواب عند الله، الصم البكم الذين لا يعقلون.
الثالث: من يمتلك القوة العلمية، لكنه فاقد الإرادة، فلا قوة له على العمل بما يعلم، وهذا فيه شبه من اليهود المغضوب عليهم.
الرابع: من أوتي القوة العملية والإرادة الحتمية على التطبيق، ولكنه فاقد للقوة العلمية، فيعبد الله على جهل، وهذا فيه شبه من النصارى الضالين.
والمؤمن العاصي لم يفقد القوتين بالكلية، بل لديه ضعف في إحديهما أو كلتيهما. وتفاوت العباد في درجات الصلاح والاستقامة بحسب تفاوتهم في تلكما القوتين.
والعبد الصالح يدعو ربه ويستعينه في كل ركعة أن يجعله من أهل الصراط المستقيم الذي عليه الصنف الأول، وأن يصرفه عن سبيل الصنفين المتقابلين: الثالث والرابع. وهما يشملان الثاني من باب أولى.
أيها السالك:
مفتاح الحل الأول: الخشوع في الصلاة، واستحضار هذه المعاني عند تلاوة الفاتحة، والتي تتضمن الاستعانة به وحده على طاعته، والبراءة من الحول والقوة الذاتية، إلى حوله وقوته.
ويكون هتاف القلب الدائم:
لا قوة إلا بالله.