شفاعةٌ تضر

أبو الهيثم محمد درويش

لم يقولوا أنهم يرونهم خالقين مع الله أو أنهم ملوك السماوات والأرض

  • التصنيفات: ترجمة معاني القرآن الكريم -

لم يقولوا أنهم يرونهم خالقين مع الله أو أنهم ملوك السماوات والأرض، أبداً: إنما يرونهم شفعاء يقربونهم إلى الله ويرونهم واسطةً بينهم وبين خالقهم، كما يرى الكثير من أبناء الأمة اليوم قبور الأنبياء والأولياء التي ترفعهم من الأرض إلى السماء في لحظات معدودات على اعتقادهم فترفع عنهم الضر وتمدهم بالنفع، وهيهات هيهات، ما كل هذا إلا تخيلات، سبقكم بها من سبق من المشركين.

  {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}   [يونس: 18].
قال السعدي في تفسيره :
يقول تعالى: {وَيَعْبُدُونَ} أي: المشركون المكذبون لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
{ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ } أي: لا تملك لهم مثقال ذرة من النفع ولا تدفع عنهم شيئا.
{ وَيَقُولُونَ } قولا خاليا من البرهان: {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} أي: يعبدونهم ليقربوهم إلى الله، ويشفعوا لهم عنده، وهذا قول من تلقاء أنفسهم، وكلام ابتكروه هم، ولهذا قال تعالى -مبطلا لهذا القول-:  {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأرْضِ} أي: الله تعالى هو العالم، الذي أحاط علما بجميع ما في السماوات والأرض، وقد أخبركم بأنه ليس له شريك ولا إله معه، أفأنتم-يا معشر المشركين- تزعمون أنه يوجد له فيها شركاء؟ أفتخبرونه بأمر خفي عليه، وعلمتوه؟ أأنتم أعلم أم الله؟ فهل يوجد قول أبطل من هذا القول، المتضمن أن هؤلاء الضلال الجهال السفهاء أعلم من رب العالمين؟ فليكتف العاقل بمجرد تصور هذا القول، فإنه يجزم بفساده وبطلانه: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} أي: تقدس وتنزه أن يكون له شريك أو نظير، بل هو الله الأحد الفرد الصمد الذي لا إله في السماوات والأرض إلا هو، وكل معبود في العالم العلوي والسفلي سواه، فإنه باطل عقلا وشرعا وفطرة.
  {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}.

#مع_القرآن

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام