(39) فقأ الفقاعات

جمال الباشا

تذكَّر أيُّها المبارك أنَّ الذي سترَ باطنَك عن أعيُنِ الناس لهو أقربُ إليك منهم، وسريرتُك عنده علانية، فلا تجعله أهون الناظرين إليك، وكافح فقاعاتك الهدَّامة

  • التصنيفات: تزكية النفس -

لمّا كانت خواطر الإنسان من باطنه الذي لا يراه غيرُه استساغ الواحدُ منا أن يُطلقَ لخياله العنان، وسمح لفكره التجوُّلَ في مساحاتٍ من المحظور ولو كان جالسًا بين فضلاء الناس، لأنَّه مطمئنٌّ أنَّ أحدًا ما لا يطلعُ على سرّه.

لو افترضنا أنَّ هذه الخواطر والخيالات تظهرُ فوقَ رؤوس أصحابها على شكل فقاعةٍ هوائيةٍ تَعرضُ ما في داخل كلّ رأس - على نحو ما تعارف عليه الرسامون - فكيف سيكون يا ترى حالُ الواحدِ منا عندما تهاجمُه قبائحُ الخواطر، وكانت محلَّ نظر الجُلساء؟! 
لا شكَّ أنَّه سيُدافعها بما أُوتي من قوة، خشيةَ الفضيحة على الملأ، ثمَّ السقوط من أعين الخلق. 

تذكَّر أيُّها المبارك أنَّ الذي سترَ باطنَك عن أعيُنِ الناس لهو أقربُ إليك منهم، وسريرتُك عنده علانية، فلا تجعله أهون الناظرين إليك، وكافح فقاعاتك الهدَّامة، واجعل شعارك الدائم:

افقأها قبل أن تفقأك.