(جريرة كامليا) مشاهد وأحداث في التمرد الطائفي
حاتم أبو زيد
قد يتحقق ما يتمناه الكاهن، فتتنصر السلطة حين ترى في الكنيسة ا
الملاذ الأخير . ولكن عجيب هو فعل الله؛ فالدولة الرومانية التي
اعتنقت النصرانية نفت زعيم التثليث أثناثيوس وظل فيها مطاردا أغلب
حياته
- التصنيفات: اليهودية والنصرانية -
كاهن أثيوبيا يزور الكنيسة المصرية ويجتمع مع قيادتها؛ مليس زيناوي يصرح وبدون مقدمات بأن مصر لن تنجح في صراعها على المياه، القس مكاري يونان يتوعد في محاضرة له بأننا لن نجد كسرة خبز، وسنتصارع على حفنة مياه.
مشهد آخر : كاهن الكنيسة يتذكر كيف تحولت السلطة الرومانية الحاكمة للنصرانية فاعتنقتها، ويأتي التفسير من أحد الكهنة بأنه إسقاط على الوضع الحالي.
مشهد سابق : الحزب الحاكم يدشن حملته الانتخابية من الكنائس، وبعضهم يغالي فيضع الصورة المنسوبة للعذاراء ومعها ولدها بجوار صورته في دعايته الانتخابية، مشهد لم يفعله المرشحون النصارى.
وفي الخلفية عمليات خطف، حبس، واستيراد للأسلحة، وقطع ألسنة من يحذر فغلق لقنوات، واعتقال لمحرري المواقع الإلكترونية .
أصدق المشاهد : كاهن الكنيسة يقول :احترسوا أن تقعوا في غضب الله؛ الله يصبر يصبر لكن لو غضب غضبة مخيف.
خرجت هذه الكلمات ممن يؤمن بالصلب والفداء، العقيدة التي مقتضها أن نقمة الله وغاضبه لم تقع على العصاة والمخطئين؛ وإنما وجهت للابن البرئ من كل ذنب وخطية.
وبقطع النظر عن اعتقاده، فإن تلك الكلمات لا تصح في حق الله من جهة التعبير والألفاظ.
فإن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، ومن أظلم الظلم الصد عن سبيله وقتل أولياءه كما حدث مع وفاء قسطنطين، وخطف من يؤمن بالله الواحد لإرهاب الآخرين؛ مثل ما وقع لياسمين فوزي، وكامليا شحاته، وإيليا نبيل، وغيرهم.
يهيمن على كل المشاهد السابقة: دعاء المظلومين، فدعوة المقهورة كامليا شحاته على جميع من وقف في طريق إعلان إسلامها، تصعد للسماء فتستمطر عليهم اللعنات.
فما نزل عليه وعلى أتباعه الذين يسوقهم إنما هو جزء من غضب الله عليهم بجريرة المسكينة التي حبسها، لقد أمهله الله من قبل كثيراً. فلم يرعوي؛ فسلطهم على أنفسهم فاشتبكوا مع الأمن، الأمن الذي قاد الحملة للقبض على كامليا شحاته وسلمها لهم. وشاءت إرادة العلي أن تأتي الاشتباكات أيضا في محافظة الجيزة تلك المحافظة التي شهدت عملية القبض على كامليا، وخطف ياسمين فوزي.
سلطهم الله على أنفسهم فلم يقبلوا وعد المحافظ بأن يوافق على تحويل مبني الخدمات إلى كنيسة مقابل تقديم طلب منهم بذلك. حتى يظهر للعيان سوء طويتهم وفساد نيتهم وخبث مقصدهم. آهٍ يا كامليا: ( أقاتل عنكم وأنتم تصمتون)؛ هكذا يقول كتابهم. والله عزوجل يقول "ِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ "[الحج : 38] ولكن من يتدبر.
نعم لا يتدبرون كيف تعمل يد الله على حد تعبيرهم الكتابي، فإن الله يجعل في تدبيرهم تدميرهم.
فبالرغم من أن الحزب الوطني علق في رأسه قرني استشعار صوب الكنيسة يبحث عن رضاها، فدشن حملته الانتخابية من الكنائس، وأغلق القنوات التي تابعت على استحياء توابع عملية اعتقال كامليا، ثم أعقبها باعتقال خالد حربي مدير موقع المرصد الإسلامي. ولكن عجيب هو فعل الله فها هم يسلطهم الله على أنفسهم وعلى الحزب ليحاربوه.
فالصورة التي بدا عليها المرشحون، وركبها الجميع كحزب الوفد، حتى البرادعي الذي اختفى عاود الظهور مرة أخرى من أجل الكنيسة ما هي إلا انتهازية سياسية يتحلى بها دوما المنافقون.
وأما أكثر المشاهد مأساوية: فذلك المجبور والغافل؛ أؤلئك الذين ينفذون الأوامر أو كما يطلقون عليه (عبد المأمور) تلك الأداة التي يتسلط بها على عباد الله، وتنفذ بها المخطاطات ويتترس بها المتآمرون، فهؤلاء لا بدنيا فازوا؛ وأما الآخرة فالله أعلم بها.
أما المشهد الأخير: فلا يراه غيرنا "إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ" [غافر : 51].
قد يتحقق ما يتمناه الكاهن، فتتنصر السلطة حين ترى في الكنيسة ا الملاذ الأخير . ولكن عجيب هو فعل الله؛ فالدولة الرومانية التي اعتنقت النصرانية نفت زعيم التثليث أثناثيوس وظل فيها مطاردا أغلب حياته، فهذا غضب الله جزاء ما فعل؟ في حين أن المنعة كانت لأهل التوحيد من أتباع القس آريوس. ألم يقل الله للمسيح عيسى ابن مريم "وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ "[آل عمران : 55]. فهل يرعوي أثناثيوس العصر الحديث؟
ولم يهنأ نصارى مصر المثلثين ؛ بأي راحة في ظل الدولة الرومانية قبل أن تثلث، وبعد أن صارت نصرانية مثلثة مثلهم؛ سلطهم الله بعضهم على بعض، فما قامت لهم قائمة، وما كانت لهم كنيسة ولا راهب يستطيع الظهور، وفروا إلى البراري والصحاري؛ فتدبر كيف هو غضب الله؟.
بل إن هؤلاء النصارى لا يحكون تاريخهم إلا على أنه مجموعة من النكبات يتبع بعضها بعضا، فإلههم مصلوب مقهور، على عكس الموحدين فنبيهم قد علا في السماوات منتصرا، والسلطان والشعب يطارد فئتهم ويعذبها؛ وعلى مر الدهور ينظر إليهم بعين الشك والريبة فهم دائما فئة ضالة منحرفة. أفلا يقفون مع أنفسهم ويتدبروا لماذا غضب الله عليهم ولعنهم. حتى سلطهم على أنفسهم في تاريخهم. ألا لعنة الله على الظالمين.