ما حدث في حلب لن يبقى في حلب
قد يظن العالم أن ما جرى في حلب جريمة ضخمة ولكن بالتدريج سيتم نسيانها إلا أن الحقيقة أن ما جرى في حلب من خيانة للإنسانية ولأبسط معايير العدالة لن يمر مرور الكرام فالأطفال الذين رأوا بأعينهم هذه الفظائع سيكبرون وفي قلوبهم غصة لن تمحى بسهولة والشباب الذين قتل أحبابهم بين أيديهم لن يقبلوا أن يحكمهم طاغية مثل بشار الأسد ولن يستسلموا للاحتلال الفارسي الروسي لبلادهم مهما طال الزمن.
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
المجازر البشعة التي ارتكبتها المليشيات الطائفية في مدينة حلب السورية بدعم من ثاني أكبر قوة عسكرية في العالم وهي روسيا والقصف المكثف على المدنيين بشتى أنواع الأسلحة المحظورة وغيرالمحظورة واستهداف المستشفيات والمصابين والطفال والنساء، والحصار الذي استمر لسنوات لآلاف من المدنيين وتركهم دون طعام وشراب ودواء ثم إجلائهم في ظل أسوأ ظروف ممكنة بل واستهدافهم خلال عمليات النزوح وسط صمت دول العالم والمؤسسات الدولية التي كانت تشاهد وتنقل المأساة بالصوت والصورة دون أن تتخذ أي رد فعل حيالها؛ كل هذا لن يمر على العالم أو على المنطقة مرور الكرام.
في وقت سابق كانت تجرى عمليات قتل وتعذيب داخل بعض البلدان أو خلال حروب بعيدًا عن وسائل الإعلام وقد لا يعلمها العالم إلا بعد سنوات من وقوعها ولكن الآن لم يعد ممكناً إخفاء الجرائم أو حجمها فكل شيء أصبح مذاعًا على الملأ بأدق التفاصيل.
قد يظن العالم أن ما جرى في حلب جريمة ضخمة ولكن بالتدريج سيتم نسيانها إلا أن الحقيقة أن ما جرى في حلب من خيانة للإنسانية ولأبسط معايير العدالة لن يمر مرور الكرام فالأطفال الذين رأوا بأعينهم هذه الفظائع سيكبرون وفي قلوبهم غصة لن تمحى بسهولة والشباب الذين قتل أحبابهم بين أيديهم لن يقبلوا أن يحكمهم طاغية مثل بشار الأسد ولن يستسلموا للاحتلال الفارسي الروسي لبلادهم مهما طال الزمن.
إن بشار يظن هو ومن يدعمه أن معركة حلب ستكسر أنف الشعب الثائر وأنه لم يعد لديهم خيار سوى القبول بحكم الطائفية الحاقدة التي نبشت القبور وأخرجت عظام الموتى أمام عدسات الكاميرات، وحولت بعض المساجد إلى حسنيات، ولكن حجم الغضب الكامن في نفوس السوريين سيتصاعد حتى ينفجر اليوم وغدًا وكل يوم في وجوه الظالمين الذين كشفوا عن أسوأ ما فيهم ولم يعد ممكنًا خداعهم بشعارات "التعايش والإخوة" ولا بفتاوى حسون وغيره من علمان السلاطين..إن ما جرى في حلب سيلقي بظلاله على المنطقة بأسرها التي ستنفجر غضبا في وجه التوسع الشيعي الأعمى الذي أصبح يضرب في كل مكان بوجه مكشوف فلن تمر مخططاته الدنيئة في اليمن ولبنان والموصل مرور الكرام ولن يقف أهل السنة يشاهدون قتلاهم يتساقطون دون أن يتحركوا للدفاع عنهم.
ولكن الخطر الحقيقي الذي ما زال الغرب لا يفطن له حتى الآن رغم مرور مجموعة من المشاهد الدامية أن ما جرى في حلب سيغذي العنف داخل أراضيه فالمنظمات المتطرفة ستستغل الموقف الغربي المتواطئ في حلب لكي تروج لنفسها وتستقطب المزيد من الأعضاء لتنفيذ هجمات على شاكلة ما جرى في برلين مؤخرًا وما جرى قبل ذلك في عدة دول أوروبية وسترفع لافتة "الانتقام لحلب".
إن الغرب لم يعد يستوعب أن مواقفه المتخاذلة ومعاييره المزدوجة ونظرته الدونية للعالم الإسلامي والنظرة الضيقة لمصالحه فيه لم تعد مجرد أخطاء يدفع ثمنها من سمعته وحجم الكراهية له داخل حدود هذا العالم فقط بل الامر تجاوز هذا إلى عمليات دموية تسفر عن مقتل العشرات بل المئات من أبناء شعبه.
إن تفاقم الإسلاموفوبيا والتضييق على المسلمين في الغرب كرد فعل على الهجمات التي تنفذها "جماعات متطرفة" تنتسب زورًا للإسلام هو تفكير ساذج وأبله من مجتمعات تعودت على الإنغلاق والنظرة لرفاهيتها دون الشعور بالآخرين لأن ما يجري هو حصاد مر لسياسات نفعية وتحالفات وتواطؤ مع قوى شريرة في المنطقة أدت إلى هذه المجازر التي نسمع عنها ونراها كل يوم وهي الغذاء الحقيقي لجماعات العنف والتطرف.
إن العدالة في التعامل مع قضايا المسلمين وعدم التحالف مع جلاديهم وأعدائهم هي البداية الحقيقية لقطع الطريق على توسع المنظمات المتطرفة.. فهل يستوعب الغرب الدرس أم أنه يريد مبررًا لكي يزداد تنكيلاً بالمسلمين؟!
خالد مصطفى