الاحتفال برأس السنة الميلادية، حكمه، ومظاهره

إنعقد إجماع علماء الأمة سلفا وخلفا، على أن مشاركة المسلم الكافر أفراحه -خصوصا التعبدية منها- حرام، لا تحل بحال.

  • التصنيفات: الولاء والبراء - النهي عن البدع والمنكرات -

انعقد إجماع علماء الأمة سلفًا وخلفًا، على أن مشاركة المسلم الكافر أفراحه -خصوصًا التعبدية منها- حرام، لا تحل بحال.
ومن ذلك الذي يحرم على العبد المسلم الابتهاج به مع الكفار، الاحتفال بما يسمى بعيد رأس السنة الميلادية، لأنه من خصائص دينهم الباطل، المحرم علينا تقليدهم أو تشبههم فيه، اتفاقًا.
وقد قرر علماء الأمة رحمهم الله جميعًا أن الاحتفال بهذا اليوم، منكر لا يحل لمسلم فعله.

ولعلنا هنا أن نوجز أسباب هذا المنع بالوجوه العشرة التالية:
الوجه الأول: أن في هذا الاحتفال تشبه وتقليد بيِّن لما عليه النصارى عباد الصليب، ومقتضى هذا التقليد أو التشبه؛بيان أفضلية المقلَّد على المقلِّد له، وهذا لا يصح من مسلم فضّله الله وكرمه على غيره من أهل الأديان.

الوجه الثاني: أن فيه تكثير لسواد الكفار عباد الصليب، ولما هم عليه من الباطل.

الوجه الثالث: أن فيه إظهار الود للكفار، المحرم علينا لأهل الكفر، كما قال ربنا جل وعلا: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَأنوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَأنهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة من الآية:22]، ويظهر هذا الود ههنا في أمور:
الأول: تهنئتهم بهذا اليوم.
الثأني: حضور احتفالاتهم التي يقيمونها بهذا الخصوص.
الثالث: الفرح معهم ومشاركتهم ذلك.

الوجه الرابع: أن في الاحتفال بهذا اليوم إظهار تبعية المسلم للكافر، المكسب له العزة والعلو على أهل الإسلام.

الوجه الخامس: أن فيه إظهار الكمال للكافر وسبقه إلى محاسن الأمور.

الوجه السادس: أن في هذا الاحتفال أيضًا إظهار ضعف المسلم للكافر، بتنازله عن مبادئه وقيمه ؛ وهذا بين في حضور بعض المسلمين مثل هذه الاحتفالات التي يُعصى الله بها بأفحش المنكرات وأخبث الرذائل.

الوجه السابع: أن فيه شيء من مداهنة الكفار، والسعي في كسب رضاهم وثقتهم، وهذا ما يزيدهم قوة وعلوا على الإسلام والمسلمين.

الوجه الثامن: أن فيه هدم لأهم عرى الإسلام وأوثقها؛ وهي الحب في الله والبغض في الله، ومشاركة المسلم الكافر بهذا الاحتفال؛ تقويض لهذا الأصل، بحب من يبغضه الله ويكرهه.

الوجه التاسع: أن هذا الاحتفال من البدع التي أحدثها البشر بغير دليل من الشرع، فلو أن المسلمين أنفسهم من أحدثوه، لكفى في رده وعدم العمل به، إذ العمل بالبدعة منهي عنها بالجملة، فكيف إذا كان أهل الكفر، وعباد الصليب من أحدثوه، فإذا اجتمع الوصفان صارا علتين مستقلتين في القبح والنهي، كما أشار الى هذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الاقتضاء.

الوجه العاشر: أن في هذا الاحتفال اعتراف صريح بدين النصارى، وما هم عليه أتباعه من الباطل والبهتان، وهذا أمر من الخطورة بمكان، إذ لا دين حق عند الله بعد مبعثه صلى الله عليه وسلم، إلا دين الإسلام، قال الله: {إن الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران من الآية:19]، وقال جل وعز: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمرأن: 85]، فمن اعتقد خلاف هذا، كفر والعياذ بالله ؛ إذا قامت عليه الحجة، وتبين له الحق.

مظاهر الإحتفاء بعيد رأس السنة:
ومن مظاهر الاحتفاء بهذا اليوم، المنهي عنه، ما يلي:
1- اتخاذ هذا اليوم عيدا .
2- تبادل التهاني والتبريكات بهذه المناسبة.
3- رفع الصور والشعارات المعبرة عن هذا اليوم في أماكن اجتماع الناس، وعلى مواقع، وصفحات حساباتهم الإلكترونية المتنوعة.
4- تبادل عبارات الحزن على انقضاء العام الراحل والتفاؤل بالعام الجديد.
5- تخصيص الموعظة الدينية بهذا اليوم وحث الناس على وداع اللحظات الأخيرة للعام الراحل بالدعاء ومحاسبة النفس، وهذا وإن كان مطلوب شرعًا، لكن تخصيصه بهذه المناسبة تحديدًا، باطل لا أصل له.
6- تخصيص هذا اليوم بالنزهة والترويح على النفس.
7- فعل الخير في هذا اليوم، وإعانة المحتاجين فيه، لما في هذا اليوم من معاني الابتهاج والفرح والسرور.

وحاصل ما سبق من هذه المظاهر؛ أن فعل كل مباح، أو مأمور به من الشرع، بنية الاحتفاء بعيد رأس السنة الميلادية منكر وباطل يحرم على المسلم فعله على كل حال.

والله أعلم.
والحمد لله رب العالمين.

الخميس: 30 ربيع الأول 1438 هـ

 

رضوان بن أحمد العواضي