عشر عبر ياسينية
حامد بن عبد الله العلي
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
1ـ تعد حياة شيخ المجاهدين أحمد ياسين ، بحق سيرة مجاهد رباني ، وقد
كان آخر ما تلاه لوسائل الإعلام هذه الآيات { وكأيّن من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا
لما أصابوهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا ، والله يحب
الصابرين ، وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا
في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ، فآتاهم الله ثواب
الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنيــــن ، يا أيها الذين
آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا
خاســــــرين ، بل الله مولاكم وهو خيــــــر الناصــــــرين }
.
أي: كم من نبي قاتل معه ، وفي قراءة { قتل معه } أي جاهدوا حتى بلغوا أن استشهدوا ، ولم يكن يصيبهم في طريق الجهاد مع تعاليم الأنبياء الوهن ، وهو الذي يفت بالعزيمة ، ولا الضعف الذي يصيب البدن فيطلب الراحة من عناء الجهاد ، ولا الاستكانة وهي الرضوخ لقوة الأعداء رهبة لها .
بل بقوا إلى آخر الطريق ، صابرين ، مصابرين ، مرابطين ، وكانوا مع ذلك يطلبون من الله أن يغفر ذنوبهم ، وإسرافهم على أنفسهم بالذنوب ، فهم لا يرون أنفسهم شيئا ، بل يرونها مقصرة فيما يجب أن تقوم به من الجهاد لله ، وكانوا يسألون النصر على الكفار من الله ، لا من عند أنفسهم ، ولا يغترون بقوتهم ولا بعددهـــم ولا بعدتهم ، فأثمر جهادهم ، وصبرهم ، وتواضعهم، ثواب الدنيا وهو راحة نفوسهم وإصلاح بالهم وهم في أشد المواجهات مع أعداءهم ، والنصر على أعداءهم ، وحسن ثواب الآخرة ، أي نعيم الآخرة ، وتأمل كيف حذر الله تعالى بعد ذلك من طاعة الكفار ، وأنه سبيل الخسران ، ذكر هذا بعد الأمر بالقتال ، ليبين أن طاعتهم في ترك القتال هو الخسران العظيم .
2ـ والعجب أن الصهاينة يعترفون أن هذا الرجل المقعد لم يحاربهم مثله ، ولم يمر على كيانهم أشق من الأعوام التي قاد فيها حماس في جهاد كالبرهان الثائر على الصهاينة ، ونعم ، قد صدقوا فقد كانت الرجولة كأنها قد حلت كلها في الشيخ أحمد ياسين ، وما في غيره منها إلا انعكاس لما فيه ، ومع أنه مسلوب القوة البدنية ، غير أن الرجولة كأنها تريد أن تضرب به مثلا قائلة ، لاتطلبوني في الأبدان القوية ، ولكن في العزائم القوية ، ولهذا لما وصف الله تعالى الرجال في القرآن ، وصفهم في موضعين ختم أحمد ياسين حياته بهما :
{ في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لاتلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة }
وقول تعالى { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومن ينتظر وما بدلوا تبديلا ليجزي الصادقين بصدقهم } .. الآيات
وقد استشهد رحمه الله تعالى وهو خارج من الصلاة و التسبيح في بيوت الله إلى حيث قضى نحبه صادقا لم يبدل تبديلا ، فقد بقي رحمه الله صامدا في اتباع نهج الجهاد الإسلامي ، لم يبدل شريعة الله فيه ، ولم يتنازل عن شيء منها كما فعل غيره تحت ضغط الواقع ، تحت الشعار الذي تحول إلى مطية الانهزام واستمراء الذل والهوان : " مصلحة الدعوة " .
3ـ إذا كان لكل كبير من أمتنا مدرسة تميزه ، فالذي ميز الشيخ أحمد ياسين أنه مؤسس مدرسة القنابل البشرية التي حصرت الصهاينة وراء جدار وحولت كيانهم إلى كابوس من الرعب ، وإذا كان لكل جبل من رجال الأمة فكرة جوهرية أعاد إحياءها في الأمة ، ففكرة ياسين هي فكرة صناعة المجد من رحم الهزيمة.
4ـ لقد ترك ياسين أسودا وضعهم الصهاينة على قائمة الاغتيالات ، ومن أهم القيادات : الرنتيسي .. الزهار .. عبدالله الشامي .. أبو قصي .. اسماعيل هنية .. محمد الهندي .. نفاذ عزام ..
هؤلاء الأبطال وغيرهم من قادة الجهاد حراس المسجد الأٌقصى وأسود شيخ الجهاد أحمد ياسين ، قد أسلمهم الحكام العرب الخونة إلى أعداءهم ، ولاشي يقف في وجه الصهاينة ويردعهم عن استكمال مخططهم الخبيث الذي يهدف في النهاية إلى الاستيلاء على المسجد الأقصى مهاجر الأنبياء ومسرى النبي صلى الله عليه وسلم وثالث الحرمين ، سوى هؤلاء الأبطال .
وقد أحيط بهم ، فالحكام الخونة من الدول المحيطة بالكيان الصهيوني ، من وراءهم بالمرصاد ، يقتلون كل من يحاول نجدتهم من إخوان العقيدة ، والصهاينة أمامهم يطلقون عليهم الصواريخ .
وقد يتساءل المرء كيف لهم أن يصمدوا ، وهم في هذا الحصار ، الذي ضاق عليهم ، وضاقت به عليهم الأرض بما رحبت ، وزلزلوا ، والجواب : أن إيمانهم بأن الله تعالى من وراء اعداءهم محيط ، وحبهم للقاء الله تعالى بدرجة الشهادة التي هي أعظم ما يلقى العبد بها ربه ، جعل هذا الحصار بالنسبة إليهم فرصة عظيمة يحلمون بهـــا ، وليس بفزع يخشونــــــه ، فتأمل كيف يحول الإيمان الرجال إلى طاقات من العطاء الخارج عن قدرة الوصف .
5ـ أحمد ياسين عاش يتيما ثم مقعدا ثم معتقلا سنين طويلة عانى فيها ما عانى من التعذيب الصهيوني ، ثم قاد المجاهدين الذين يجاهدون جيشا تخشاه كل الدول العربية مجتمعة ، وأحدثوا في هذا الجيش وكيانه الصهيوني أعظم النكايات ، وأذاقوه أشد البأس ، قادهم على كرسي متحرك ، بهمة العالية ، وإيمانه ـ نحسبه ـ الكبير بالله تعالى ، وثقة بنصره ، ثم كتب الله تعالى له الشهادة على كرسي متحرك ، وكان ذلك غاية ما يتمناه ، فقد كان ابنه يحذره من اقتراب المروحيات فيقول أليس هذا ما نتمناه .
والحقيقة أنه لم يمت بل تحول ، كما تحول القسام ، وكل أبطال الجهاد الفلسطيني إلى روح نابضة تقود الجهاد بما ضربته من مثل وتضحية ، ولهذا فشيخ الجهاد أحمد ياسين انتصر على جلاديه ، وحقق أمنيته ، بأن يحيي قائدا للجهاد الفلسطيني إلى النصر بنيله الشهادة على يد أعداءه .
6ـ هذا الأنموذج البطولي لصناعة تاريخ المجد ، الذي حول الضعف والشلل والفقر واليتم إلى قيادة شعب لأعظم جهاد ، هذا الأنموذج البطولي العظيم هو الذي لا يريد الأعداء أن يُقدم لشباب أمتنا ، بل يريدون بدل ذلك تقديم "الستار أكاديمي" و"السوبر ستار" وما لفّ لفّهما من النماذج المهترئة البائسة ليقتلوا في شباب الأمة ، كل همة وحب للجهاد والتضحية ، فمتى نعي حقيقة ما يكاد لنا .
7ـ مخزون الأمة من الأبطال ، والمجاهدين ، مخزون عظيم لاينتهي ولا ينضب ، والأمة التي أنجبت شيخ الجهاد أحمد ياسين ، ستنجب ألوفا مثله ، ألم تنجب قبله محمد الفاتح العثماني ، وصلاح الدين ، وعمر المختار ، وقبلهما الصديق والفاروق ، وخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص ، إنها مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم مصنع الرجال والأبطال والمجاهدين الذي لن يتوقف إلى قيام الساعة.
8ـ حماس مصنفة إرهابيا في أمريكا وأروبا على حد سواء ، وقائدها أحمد ياسين وفق هذا التصنيف ، قائد منظمة إرهابية ، ولاريب أن الكيان الصهيوني قد أخذ الضوء الأخضر الأمريكي والأوربي على تصفيته .
وهذا يدل بلا ريب على أن المقصود بالإرهاب هو الجهاد الإسلامي ، الذي يقف اليوم وحده صامــدا ، أمام المخططات الصهيونية لأمتنا ، فمن العار والغباء أن ندعو اليوم إلى ترك الجهاد ، أو نرمي المجاهدين بأنهم متهورون يحملون مشروعا خاسرا ، لأن هذه المقولة الخبيثة تحقق هدف الأعداء نفسه فليكف عنها المنهزمون قاتلهم الله أنى يؤفكون .
9ـ يجب أن نكون على يقين تام أن المخطط الصهيوني على أمتنا أكبر بكثير من اغتيال ياسين ، أو احتلال فلسطين ، أو هدم المسجد الأقصى ، إنه مخطط في غاية الخبث لم يمر على أمتنا مثله في تاريخها ويهدف إلى اغتيال عقيدتها ، وسلب حضارتها ، وسرقة عقول أبناءها ، وتحويل مكتسباتها إلى رصيد لأعدائها ، بواسطة إرهاب عسكري ، وفكري ، وإعلامي هائل .
كما يجب أن نعلم أن نكون على يقين أن الجهاد الإسلامي اليوم جهاد واحد ضد عدو واحد ، فالمجاهدون في أفغانستان ، والعراق ، والشيشان ، وكشمير ، وفلسطين .. إلخ ، كلهم يقاتلون في قضية واحدة ، ضد عدو واحد ، عدوهم المشترك هو الصهيوصليبية العالمية وأولياءها ، ومخططها واحد ، يهدف إلى القضاء على الإسلام ، والواجب على المسلمين أن يقفوا مع المجاهدين في كل مكان .
10ـ بشارات النصر لاحت ، ورياح التغيير قد هبت نسائمها ، وانقلاب الأوضاع لصالح الإسلام قاب قوسين أو أدنى ، وكم هم جهلة أولئك الذين اغتروا بتقلب الذين كفروا في البلاد وقد نهاهم الله تعالى عن ذلك ، وكما هم جهلة الذين نسوا أن الله أخبر أن سنته في الذين يمكرون السوء بهذا الدين لا تتبدل ولا تتغير .
كما قال تعالى { اسْتِكْبَارًا فِي الأرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ولا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلا . أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ ولا فِي الأرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا . وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا }
وقد دنا ـ والله أعلم ـ هذا الأجل ، فأبشروا والله يا أهل الإسلام .. أبشروا والله إني أقولهـــــــا بقين تــــــــــــام وسوف تعلمون ..
أي: كم من نبي قاتل معه ، وفي قراءة { قتل معه } أي جاهدوا حتى بلغوا أن استشهدوا ، ولم يكن يصيبهم في طريق الجهاد مع تعاليم الأنبياء الوهن ، وهو الذي يفت بالعزيمة ، ولا الضعف الذي يصيب البدن فيطلب الراحة من عناء الجهاد ، ولا الاستكانة وهي الرضوخ لقوة الأعداء رهبة لها .
بل بقوا إلى آخر الطريق ، صابرين ، مصابرين ، مرابطين ، وكانوا مع ذلك يطلبون من الله أن يغفر ذنوبهم ، وإسرافهم على أنفسهم بالذنوب ، فهم لا يرون أنفسهم شيئا ، بل يرونها مقصرة فيما يجب أن تقوم به من الجهاد لله ، وكانوا يسألون النصر على الكفار من الله ، لا من عند أنفسهم ، ولا يغترون بقوتهم ولا بعددهـــم ولا بعدتهم ، فأثمر جهادهم ، وصبرهم ، وتواضعهم، ثواب الدنيا وهو راحة نفوسهم وإصلاح بالهم وهم في أشد المواجهات مع أعداءهم ، والنصر على أعداءهم ، وحسن ثواب الآخرة ، أي نعيم الآخرة ، وتأمل كيف حذر الله تعالى بعد ذلك من طاعة الكفار ، وأنه سبيل الخسران ، ذكر هذا بعد الأمر بالقتال ، ليبين أن طاعتهم في ترك القتال هو الخسران العظيم .
2ـ والعجب أن الصهاينة يعترفون أن هذا الرجل المقعد لم يحاربهم مثله ، ولم يمر على كيانهم أشق من الأعوام التي قاد فيها حماس في جهاد كالبرهان الثائر على الصهاينة ، ونعم ، قد صدقوا فقد كانت الرجولة كأنها قد حلت كلها في الشيخ أحمد ياسين ، وما في غيره منها إلا انعكاس لما فيه ، ومع أنه مسلوب القوة البدنية ، غير أن الرجولة كأنها تريد أن تضرب به مثلا قائلة ، لاتطلبوني في الأبدان القوية ، ولكن في العزائم القوية ، ولهذا لما وصف الله تعالى الرجال في القرآن ، وصفهم في موضعين ختم أحمد ياسين حياته بهما :
{ في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لاتلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة }
وقول تعالى { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومن ينتظر وما بدلوا تبديلا ليجزي الصادقين بصدقهم } .. الآيات
وقد استشهد رحمه الله تعالى وهو خارج من الصلاة و التسبيح في بيوت الله إلى حيث قضى نحبه صادقا لم يبدل تبديلا ، فقد بقي رحمه الله صامدا في اتباع نهج الجهاد الإسلامي ، لم يبدل شريعة الله فيه ، ولم يتنازل عن شيء منها كما فعل غيره تحت ضغط الواقع ، تحت الشعار الذي تحول إلى مطية الانهزام واستمراء الذل والهوان : " مصلحة الدعوة " .
3ـ إذا كان لكل كبير من أمتنا مدرسة تميزه ، فالذي ميز الشيخ أحمد ياسين أنه مؤسس مدرسة القنابل البشرية التي حصرت الصهاينة وراء جدار وحولت كيانهم إلى كابوس من الرعب ، وإذا كان لكل جبل من رجال الأمة فكرة جوهرية أعاد إحياءها في الأمة ، ففكرة ياسين هي فكرة صناعة المجد من رحم الهزيمة.
4ـ لقد ترك ياسين أسودا وضعهم الصهاينة على قائمة الاغتيالات ، ومن أهم القيادات : الرنتيسي .. الزهار .. عبدالله الشامي .. أبو قصي .. اسماعيل هنية .. محمد الهندي .. نفاذ عزام ..
هؤلاء الأبطال وغيرهم من قادة الجهاد حراس المسجد الأٌقصى وأسود شيخ الجهاد أحمد ياسين ، قد أسلمهم الحكام العرب الخونة إلى أعداءهم ، ولاشي يقف في وجه الصهاينة ويردعهم عن استكمال مخططهم الخبيث الذي يهدف في النهاية إلى الاستيلاء على المسجد الأقصى مهاجر الأنبياء ومسرى النبي صلى الله عليه وسلم وثالث الحرمين ، سوى هؤلاء الأبطال .
وقد أحيط بهم ، فالحكام الخونة من الدول المحيطة بالكيان الصهيوني ، من وراءهم بالمرصاد ، يقتلون كل من يحاول نجدتهم من إخوان العقيدة ، والصهاينة أمامهم يطلقون عليهم الصواريخ .
وقد يتساءل المرء كيف لهم أن يصمدوا ، وهم في هذا الحصار ، الذي ضاق عليهم ، وضاقت به عليهم الأرض بما رحبت ، وزلزلوا ، والجواب : أن إيمانهم بأن الله تعالى من وراء اعداءهم محيط ، وحبهم للقاء الله تعالى بدرجة الشهادة التي هي أعظم ما يلقى العبد بها ربه ، جعل هذا الحصار بالنسبة إليهم فرصة عظيمة يحلمون بهـــا ، وليس بفزع يخشونــــــه ، فتأمل كيف يحول الإيمان الرجال إلى طاقات من العطاء الخارج عن قدرة الوصف .
5ـ أحمد ياسين عاش يتيما ثم مقعدا ثم معتقلا سنين طويلة عانى فيها ما عانى من التعذيب الصهيوني ، ثم قاد المجاهدين الذين يجاهدون جيشا تخشاه كل الدول العربية مجتمعة ، وأحدثوا في هذا الجيش وكيانه الصهيوني أعظم النكايات ، وأذاقوه أشد البأس ، قادهم على كرسي متحرك ، بهمة العالية ، وإيمانه ـ نحسبه ـ الكبير بالله تعالى ، وثقة بنصره ، ثم كتب الله تعالى له الشهادة على كرسي متحرك ، وكان ذلك غاية ما يتمناه ، فقد كان ابنه يحذره من اقتراب المروحيات فيقول أليس هذا ما نتمناه .
والحقيقة أنه لم يمت بل تحول ، كما تحول القسام ، وكل أبطال الجهاد الفلسطيني إلى روح نابضة تقود الجهاد بما ضربته من مثل وتضحية ، ولهذا فشيخ الجهاد أحمد ياسين انتصر على جلاديه ، وحقق أمنيته ، بأن يحيي قائدا للجهاد الفلسطيني إلى النصر بنيله الشهادة على يد أعداءه .
6ـ هذا الأنموذج البطولي لصناعة تاريخ المجد ، الذي حول الضعف والشلل والفقر واليتم إلى قيادة شعب لأعظم جهاد ، هذا الأنموذج البطولي العظيم هو الذي لا يريد الأعداء أن يُقدم لشباب أمتنا ، بل يريدون بدل ذلك تقديم "الستار أكاديمي" و"السوبر ستار" وما لفّ لفّهما من النماذج المهترئة البائسة ليقتلوا في شباب الأمة ، كل همة وحب للجهاد والتضحية ، فمتى نعي حقيقة ما يكاد لنا .
7ـ مخزون الأمة من الأبطال ، والمجاهدين ، مخزون عظيم لاينتهي ولا ينضب ، والأمة التي أنجبت شيخ الجهاد أحمد ياسين ، ستنجب ألوفا مثله ، ألم تنجب قبله محمد الفاتح العثماني ، وصلاح الدين ، وعمر المختار ، وقبلهما الصديق والفاروق ، وخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص ، إنها مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم مصنع الرجال والأبطال والمجاهدين الذي لن يتوقف إلى قيام الساعة.
8ـ حماس مصنفة إرهابيا في أمريكا وأروبا على حد سواء ، وقائدها أحمد ياسين وفق هذا التصنيف ، قائد منظمة إرهابية ، ولاريب أن الكيان الصهيوني قد أخذ الضوء الأخضر الأمريكي والأوربي على تصفيته .
وهذا يدل بلا ريب على أن المقصود بالإرهاب هو الجهاد الإسلامي ، الذي يقف اليوم وحده صامــدا ، أمام المخططات الصهيونية لأمتنا ، فمن العار والغباء أن ندعو اليوم إلى ترك الجهاد ، أو نرمي المجاهدين بأنهم متهورون يحملون مشروعا خاسرا ، لأن هذه المقولة الخبيثة تحقق هدف الأعداء نفسه فليكف عنها المنهزمون قاتلهم الله أنى يؤفكون .
9ـ يجب أن نكون على يقين تام أن المخطط الصهيوني على أمتنا أكبر بكثير من اغتيال ياسين ، أو احتلال فلسطين ، أو هدم المسجد الأقصى ، إنه مخطط في غاية الخبث لم يمر على أمتنا مثله في تاريخها ويهدف إلى اغتيال عقيدتها ، وسلب حضارتها ، وسرقة عقول أبناءها ، وتحويل مكتسباتها إلى رصيد لأعدائها ، بواسطة إرهاب عسكري ، وفكري ، وإعلامي هائل .
كما يجب أن نعلم أن نكون على يقين أن الجهاد الإسلامي اليوم جهاد واحد ضد عدو واحد ، فالمجاهدون في أفغانستان ، والعراق ، والشيشان ، وكشمير ، وفلسطين .. إلخ ، كلهم يقاتلون في قضية واحدة ، ضد عدو واحد ، عدوهم المشترك هو الصهيوصليبية العالمية وأولياءها ، ومخططها واحد ، يهدف إلى القضاء على الإسلام ، والواجب على المسلمين أن يقفوا مع المجاهدين في كل مكان .
10ـ بشارات النصر لاحت ، ورياح التغيير قد هبت نسائمها ، وانقلاب الأوضاع لصالح الإسلام قاب قوسين أو أدنى ، وكم هم جهلة أولئك الذين اغتروا بتقلب الذين كفروا في البلاد وقد نهاهم الله تعالى عن ذلك ، وكما هم جهلة الذين نسوا أن الله أخبر أن سنته في الذين يمكرون السوء بهذا الدين لا تتبدل ولا تتغير .
كما قال تعالى { اسْتِكْبَارًا فِي الأرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ولا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلا . أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ ولا فِي الأرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا . وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا }
وقد دنا ـ والله أعلم ـ هذا الأجل ، فأبشروا والله يا أهل الإسلام .. أبشروا والله إني أقولهـــــــا بقين تــــــــــــام وسوف تعلمون ..
المصدر: خاص بإذاعة طريق الإسلام