الكنيسة فوق الأهرام وفوق الدولة

ممدوح إسماعيل

كلما أمر على مبنى جريدة الأهرام القديم والجديد بشارع الجلاء وأتأمل
كيف تحتل سيارات الأهرام الشارع وكل المنطقة المحيطة بدون رقابة
مرورية مطلقاً أتوقف وأقول لنفسي ومن يحاسب الأهرام إنها لسان حال
الدولة وأكبر مؤسسة صحفية....

  • التصنيفات: اليهودية والنصرانية -

كلما أمر على مبنى جريدة الأهرام القديم والجديد بشارع الجلاء وأتأمل كيف تحتل سيارات الأهرام الشارع وكل المنطقة المحيطة بدون رقابة مرورية مطلقاً أتوقف وأقول لنفسي ومن يحاسب الأهرام إنها لسان حال الدولة وأكبر مؤسسة صحفية، ومن يعمل بها يشعر كأنه دخل الجنة، والكثيرون يتسابقون للعمل بها بكل الطرق والوسائل التي تتفق أو لا تتفق مع كرامة الإنسان.
لذلك يضع كثيرون فى ذهنهم الأهرام كأنها مؤسسة سيادية لا يمكن الاقتراب منها، وعندما فاحت رائحة إهدار للمال داخلها بالملايين التي لا تحصى تم التغطية على الرائحة ولم يعد أحد يشعر بتلك الرائحة فقد جعلوها سلطة رابعة لا يحاسبها أحد.

لكن كل ذلك تهاوى تحت مطرقة الكنيسة عندما نشرت الأهرام مقال تحت عنوان أقباط 2010، نشر الكاتب فيه جزء يسير من الحقيقة حيث أشار إلى وقائع في حادثة العمرانية الأخيرة توضح أن الكنيسة تجاوزت بكثير سلطة الدولة ولكن الكنيسة لم يعجبها أن ينشر ولو جزء من الحقيقة في الأهرام فسارعت إلى تهديد الأهرام، واستجابت الأهرام للتهديد وسحبت المقال بل واعتذرت، وأصبح المشهد مؤسسة الأهرام أكبر مؤسسة صحفية في الوطن العربي وأفريقيا كأنها أهرام من كرتون تهاوت مع أول ضغطة من الكنيسة ولم تصمد ولو حتى من باب حرية الرأي وفتح المجال للكنيسة للرد.


ويستوقفني هنا ذل وهوان جريدة الأهرام مع الكنيسة وهي التي تستأسد على الإسلاميين فنجدها مع كل قضية للإخوان والمسلمين تفرد الصفحات الكبيرة لكل شبهة وتضخمها وتتناول حياة الناس وأعراضهم بلا رحمة، والواقعة وغيرها الكثير يكشف أن تغول للكنيسة فاق كل الحدود في الدولة وكأننا نعيش مشكلة جنوب السودان وجرنج والحركة الشعبية مع الكنيسة والأنبا شنودة.


وبالرجوع الى المقال أجد أن الكاتب بارك الله فيه كتب ما يود كل مصري كتابته حيث أشار إلى الآتي:
1-الإعداد المسبق للتجمهر بإشراف رجال دين ونقل الآلاف إلي موقع الحدث بسيارات خصصت لهذا الغرض وغالبيتهم من خارج القاهرة‏,‏ وتجدر الإشارة إلي أن الشابين اللذين لقيا حتفهم خلالها كانا من محافظة سوهاج‏.‏
‏ 2-استهداف الضباط في الاعتداءات‏.
‏ 3-عمليات التخريب التي طالت -بخلاف مؤسسات الدولةـ ممتلكات وسيارات المواطنين الأبرياء.
‏ 4-العدد الكبير من زجاجات المولوتوف التي تم ضبطها مع المشاركين في التجمهر‏,‏ وهو أمر يطرح العديد من الأسئلة حول وجود أسلحة بالكنائس‏.‏
‏ 5-موقف البابا شنودة من الأحداث الأخيرة بعدم استنكارها يظل يثير الدهشة‏.


هذا ما ورد بالمقال وهو عين الحقيقة ومما يزيد أن الأنبا شنودة اعتبر القتلى شهداء وقام بالاعتكاف للضغط على الدولة للإفراج عن المتهمين!!!!!! وامتنع عن درسه الإسبوعي ومنع توزيع دعوات الاحتفال بما يسمى عيد الميلاد ولا تعليق.

ومن المفارقات التي تكشف ضعف الدولة أمام الكنيسة وطغيانها مع المسلمين أن الدولة رغم كل ما حدث تعاملت مع المتهمين بكل رقة ولطف وعطف ولم تعتقل أحد ولم توجه لهم تهمة التنظيم ولم تحيلهم لنيابة أمن الدولة العليا رغم أن ذلك هو القانون الذي تحاكم الدولة به الناس في مصر، فكما جاء في نص المادة 86 من قانون العقوبات:

(يقصد بالإرهاب في تطبيق أحكام هذا القانون كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع، يلجأ إليه الجاني تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، يهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطـر، إذا كـان من شأن ذلك إيذاء الأشخاص أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة، أو بالاتصالات أو المواصلات أو بالأموال أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم لأعمالها، أو تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين أو اللوائح).


ويهمني هنا الإشارة إلى أن تطبيق القانون الذي وضعته الدولة وألزمت نفسها به لا يطبق على جميع المصريين بدون تفرقة أو مغالاة، فمما يثير مليون علامة تعجب أن الدولة قبضت على المئات من الطلبة فيما عرف إعلاميا بقضية طلبة الأزهر وأحالتهم لنيابة أمن الدولة العليا التي حبستهم شهوراً وأفرجت عن الطلبة ثم تمت إحالة قيادات من الإخوان بنفس القضية والاتهامات للمحكمة العسكرية بسبب ما سمى العرض العسكري لطلبة الإخوان مجرد استعراض للطلبة أحيل الإخوان للمحكمة العسكرية وأما العملية المنظمة فى السابعة صباحاً التى تم جمع لها أعداد غفيرة من البلاد قاموا بالضرب والإتلاف والتجمهر وتخريب ممتلكات حكومية وحرق بزجاجات الملوتوف وجرح ضباط فذلك كله لا يستدعي تطبيق قانون الإرهاب والطوارئ!!!!


وحتى يتبين الفرق فى استخدام القانون نرجع إلى مذكرة تحريات مباحث أمن الدولة في قضية طلبة الأزهر نجد الآتي بالنص:

(قامت هذه العناصر بعقد عدة اجتماعات تنظيمية لإعداد مخطط يستهدف التغلغل في القطاع الطلابي بجامعة الأزهر في إطار مخطط يستهدف إثارة القاعدة الطلابية بالجامعة ودفعها إلى التظاهر والاعتصام والتعدي على الطلاب والأساتذة، والخروج بتلك المظاهرات للطريق العام وتعكير صفو الأمن العام وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة وإشاعة عدم الاستقرار على غرار ما يحدث ببعض دول الجوار) كل ذلك كلام وكشف نوايا واطلاع على السرائر لم يحدث منه شيء ومع ذلك تمت الإحالة للمحكمة العسكرية وصدرت أحكام بالسجن
أما الأفعال العدوانية المُنظمة من بعض المصريين (المسيحيين) من تخريب وإتلاف وضرب وجرح
فقبض وحبس احتياطي بتهمة التجمهر التي ستنتهي إلى لا شيء بسبب شيوع الاتهام وهو أمر متعمد ومقصود من الدولة أن تحبسهم فترة وينتهي الأمر فالدولة أضعف من أن تحيل المتهمين للمحاكمة لأن ورائهم كنيسة يقودها جناح متطرف تركتها الدولة تستقوي وتتغول حتى أصبحت دولة فوق القانون لا تستطيع الدولة تطبيق القانون معها.


تخطف الكنيسة نساء وتحبسهم لا اتهام ولا عقاب، يسيء بعض رموز الكنيسة للإسلام دين الغالبية لا اتهام ولا عقاب, يستقوى بعض رموزها بالخارج لا اتهام ولا عقاب, يقومون ببناء الكنائس مخالفين القانون لا اتهام ولا عقاب, يتجمهرون بإعداد مسبق ويتظاهرون ويخربون الممتلكات العامة والخاصة ويضربون ضباط الشرطة لا اتهام ولا عقاب.


ويبقى أنني أطالب الدولة بتطبيق القانون الذي صنعته للحكم به على كل مصري ليس لأن المتهمين مسيحيين بالطبع لا فالعدل لا يفرق ولكن لأنهم مصريين وجب تطبيق القانون عليهم (ولا يفوتني أن شرع الله في مثل هذه الوقائع له حكم آخر ليس مجاله الآن لأنه تم تنحيته عن الحكم).
ولكن الدولة فرضت قانون وضعي وهى بضعفها جعلتهم فوق القانون وجعلتنا نقول المسيحيين لا يطبق عليهم القانون أما المسلمين فلمجرد الشبهة يعتقلون وتلفق لهم التهم ويتعرضون لأقسى المحاكمات خارج كل قواعد العدالة..

وأخيرا ً
قال ابن خلدون: "الظلم مؤذن بخراب العمران".
(بعد ما انتهيت من مقالي جاء خبر أن النائب العام أصدر قرار بالإفراج عن 70 من المتهمين في أحداث شغب العمرانية) التعليق هو ما كتبته في مقالي.

ممدوح إسماعيل - محام وكاتب
[email protected]

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام