الحلقة (3): التوحيد (1)

أبو الهيثم محمد درويش

ربُنا سبحانه خلق الخلق لغايةٍ وقد أوضح سبحانه تلك الغاية مُنتهى الوضوح وبكل بيان

  • التصنيفات: العقيدة الإسلامية -

الدورة العلمية الميسرة: الحلقة الثالثة:  التوحيد (1)

وسيكون شرح  التوحيد مُبسطاً سهلاً إن شاء الله على ثلاث حلقات، هي أهم الحلقات على الإطلاق.
1
ربُنا سبحانه خلق الخلق لغايةٍ وقد أوضح  سبحانه تلك الغاية مُنتهى الوضوح وبكل بيان حين قال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، وسَخّر لك كل ما حولك لتتخذه وسيلةً لتحقيق غاية الله فيك لا لتنشغل به عن تلك الغاية بِما في ذلك المأكل والمشرب والملبس والأبناء والزوج .... إلخ
و لنبدأ في تحقيق التوحيد ينبغي أن نفرد الله في ثلاثة أمور: (معرفته بأفعاله –  معرفته وإفراده  من خلال أسماءه و صفاته – إفراده بالعبادة)، تلك الأمور الثلاثة هي نُفسها مراحل معرفة الله وتثبيت العلاقة معه وتوثيقها.


أولاً: معرفة الله: و هي تُجيب عن السؤال الأول المتبادر إلى الذهن: من هو الله؟ هنا تكون الإجابة بتعريف الله من خلال أفعاله سبحانه التي ثبتت له وحده وتنتفي عن غيره بل يستحيل أن يشاركه فيها غيره وكل أفعال الله أفعال كمالٍ لا يشاركه فيها أحد.
فهو الخالق لا خالق سواه، و لما قال سبحانه: {فَتَبَارَكَ اللَّـهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون جزء من الآية: 14] أوضح أنه يتفرد بالخلق من العدم بقول: {كُن} [البقرة من الآية: 117] وبغير سابق مَثل.

أما باقي الخالقين: فبمعنى الصانعين، لا يخلقوا من عَدَم وإنما يستخدموا ما توفر لديهم من صنع الله، وحتى أفكارهم مخلوقةٌ من الله وكل جديد ما هوَ إلا تقليدٌ مسبوقٌ بخلق الله، فالطيران مثلاً سبق بخلق الله للطير من كل  صنفٍ وعلوم الفضاء إنما تسبح في فضاء الله المتسع وعلوم الاتصالات والتكنولوجيا إنما تستخدم موجات خلقها ربنا سبحانه وتستغل ظواهر هو الذي وَفَرها ..وهكذا.
وهو المَلك المالك للكون ولا مَلِك ولا مالك حقيقيٌ غيره، فمهما بلغ ملك المخلوق فهو يتصف (بالفقر والفناء والضعف)، فهو لا يستطيع أن يَملك إلا ما سمح له به الله من سائر أملاك الله وهو مهما طال عُمره سيموت ومهما بلغت قوته لا يستطيع خرق الأرض ولا بلوغ طول الجبال.
وهو المدبر لشؤون الخلق: فلا مدبر لخلقه إلا هو سبحانه وتعالى يحيط بِهم عِلماً ويسع الجميع رحمةً وحلماً ويقوم الخلق بقيومية الله فهو القيوم وهو القوي الذي باستطاعته وحده تدبير شؤون مُلكه وخلقه.
وهو الرزاق الذي يتكفل برزق عباده فلا رزاق إلا هو سبحانه وهو المحيي المميت الذي ييحيي الخلق فلا يحييهم سواه ولا يملك إماتتهم إلاهو سبحانه.
وهكذا كل أفعاله سبحانه هي تعريفٌ به نثبتها له وحده وننفيها عن غيره فلا يشاركه فيها أحد.
وهذا التعريف بالله سماه العلماء (توحيدالربوبية) أو التوحيد العلمي الخبري أو توحيد المعرفة والإثبات ...و كلها تجيب عن سؤالٍ واحد: من ربك.
ثمرةٌ عَملية: إذا عرفت أفعال الله تعالى وأردته بها يبنغي ألا تخاف من مخلوقٍ على رزقك ولا عمرك ولا تتوكل على غير الله في تدبير شؤونك.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام