شعب الكنيسة وشعب إسرائيل
حاتم أبو زيد
دوجلاس ريد واحد من أبرز الصحفيين البريطانيين الذين غطوا الحرب
العالمية الثانية، أصدر في عام 1947م كتابا بعنون بعيد وواسعا (Far
and Wide) لم ينكر فيه المحرقة اليهودية، وإنما فند بأدلة علمية
ومستندا إلى الأرقام والإحصاءات الدولية تلك الأعداد التي تذكر
- التصنيفات: اليهودية والنصرانية -
بين عبد الناصر سلامة ودوجلاس ريد
دوجلاس ريد واحد من أبرز الصحفيين البريطانيين الذين غطوا الحرب العالمية الثانية، أصدر في عام 1947م كتابا بعنون بعيد وواسعا (Far and Wide) لم ينكر فيه المحرقة اليهودية، وإنما فند بأدلة علمية ومستندا إلى الأرقام والإحصاءات الدولية تلك الأعداد التي تذكر عن المحرقة، وذهب إلى أنه رقم ما بين الثلاثمائة ألف إلى الأربعمائة ألف. وذكر أن هناك من الشعوب من تعرض للقتل من قبل النازية بدرجة أكبر بكثير مما تعرض له اليهود. فكان ماذا؟
اشتعلت ضده حملة جامحة، ثم اختفى كتابه من المكتبات، ثم اختفى هو نفسه من الحياة الصحفية والحياة العامة كلها، ودفنه النسيان.
عبد الناصر سلامة كاتب صحفي بجريدة الأهرام المصرية، كتب مقالا عن بعنوان (أقباط 2010) عقب أحداث الشغب التي أثارها النصارى الأرثوذكسي بالعمرانية، الرجل لم يتحدث سوى عن وقائع الشغب من إلقاء زجاجات المولوتوف الحارقة، واستقدام مجموعات من أقاصي البلاد تحت قيادة كهنة للقيام بالتجمهر وأحداث عنف مرتبة. وهي حقائق يعرفها الكثيرون ولا يجرؤون على المجاهرة بها، فماذا كان؟
تعرض لحملة ترهيب جامحة أيضا، ثم اختفى مقالة من جريدة الأهرام، ثم اختفى عموده من الجريدة، حتى يختفي من الحياة الصحفية، ويدفنه النسيان.
الآن لا يجرؤ أحد على التشكيك في عدد ضحايا المحرقة اليهودية ؛ فضلا عن أن يشكك في حقيقتها. وبالمثل فلا يجرؤ صحفي اليوم على ذكر أسباب صعود الفتنة ومدى ارتباطها بتولي الأنبا شنودة عرش الكنيسة الأرثوذكيسة، وهو ما فعله عبد الناصر سلامة.
كل من حاول كشف حقيقة المحرقة تعرض للإرهاب الفكري والبدني، الدكتور دافيد إيرفنج المؤرخ البريطاني، روجيه جارودي، وغيرهم. وكذا كل من يواجه الأساطير المؤسسة للفتنة الأرثوذكسية يلق المصير ذاته، الدكتور زغلول النجار، الدكتور محمد عمارة؛ وغيرهم.
على ذات الطريق يسير نصارى مصر الأرثوذكس، فالمسيحيون حتى الذين هم من أصل وثني يشعرون أنهم ينتمون إلى شعب إسرائيل. هكذا هم يعتقدون كما جاء في شرح الرسالة إلى العبرانيين.
عبد الناصر سلامة لم يكن منطلقا من أيدلوجية إسلامية. ولم يكن في صراع أيدلوجي وفكري مع النصرانية كدين. وإنما كان يدافع عن وطن في مواجهة فكرة صهيونية شديدة التطرف، لا ترقب فيمن يكشف سترها إلا ولا ذمة.
وكذلك رئيس تحرير جريدة النبأ لم يكن في صراع مع الطائفية الأرثوذكسية وإنما نشر الفضائح و الرذائل الجنسية لواحد من أصحاب القداسة. على اعتبار أنها سبق صحفي وعمل مهني؛ فطاردهم قانون معادة السامية الجديد.
تعداد المحرقة وتعداد النصارى
اليهود أقاموا نصبا تذكاريا لأسماء ضحايا المحرقة لم يستطيعوا أن يجمعوا سوى أقل من ثلاثة ملايين اسم من الستة ملايين المدعاة.
النصارى نسبتهم في مصر لا تصل بأي حال من الأحوال لستة في المئة من إجمالي السكان أي أقل من خمسة ملايين، ومع ذلك تجدهم دائما ما يقيمون مزادات دعائية تتحدث عن عشرة ملايين واثنى عشر وخمسة عشر وعشرين وهكذا، وربما نصحوا يوما لنفاجأ أن مصر بها ثمانيين مليون نصاري وأن المسلمين ما بين خمسة إلى سته ملايين. فالمسيحيون حتى الذين هم من أصل وثني يشعرون أنهم ينتمون إلى شعب إسرائيل.
فكما أن فلسطين كانت في دعايتهم أرض بلا شعب، فمصر صارت بلد الأقباط المهاجرين اليونان والمستوطنين الرومان واليهود الذين تحولوا جميعا للأرثوذكسية. وصار أهلها المسلمون ضيوفا طارئين.
المحرقة واضطهاد الأقباط
المحرقة لم يرتكبها المسلمون ولم يشتركوا فيها ليس لهم بها أدنى صلة من قريب أو بعيد، ولكن التعويض الأخلاقي الذي قدمه الغرب الصليبي كان من جيوب المسلمين من أرض المسلمين وعلى حساب المسلمين.
الاضطهادات المدعاة على النصارى الأرثوذكس لم يقل بها الإسلام، ولم يشرعها أو حتى يقرها، فمذبحة نجع حمادي المتهم الأول فيها صديق للأنبا هناك ويطيعه ويسمع كلامه وكان يأخذ منه هديا للبركة. ولكن المتهم الرئيسي فيها كان منهاج التعليم الإسلامية والخطباء وأي شيء ينتمي للإسلام. فالمسيحيون حتى الذين هم من أصل وثني يشعرون أنهم ينتمون إلى شعب إسرائيل.
اليهود والنصارى في عيون الغرب
من لا يعرف قصة تاجر البندقية لوليم شكسبير الذي يتحدث فيها عن شيلوك اليهودي الجشع المرابي الذي يستغل حاجة الناس لتحقيق ما يبطنه لهم من الشر. حتى ساعدته الظروف على التمكن من أنطونيو الطيب فأراد أن يقطع رطل لحم من جسده، وكيف أنه كان حرم ابنته من الميراث لأنها أحبت شابا نصرانيا وقررت الزواج منه. هكذا كانت صورة اليهودي في الغرب حتى وقت غير بعيد.
النصارى الأرثوذكس في نظر نابليون بونابرت قوم لئام. واللورد كرومر يرى أنهم لا يعرفون مبادئ الحيدة والعدالة. ولكنها الأغراض التي تسعى لتخريب ديار الإسلام، جمعت بين الفرقاء الذين يبغض كل منهما الآخر. فالمسيحيون حتى الذين هم من أصل وثني يشعرون أنهم ينتمون إلى شعب إسرائيل.
المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام