ثورة يناير.. ومعركة الشريعة!
عبد العزيز مصطفى كامل
الإسلاميون الذين يرفعون اليوم شعار(يناير يجمعنا) مع العلمانيين في "ذكرى" ينايرالسّادسة؛ لن يجتمع عليهم أحد، بمثل ما كان يمكن أن يكون عند رفعهم شعار(الشريعة تجمعنا) فهو الشعار غير المستعار، الذي من شأنه أن يجتمع عليه كل أحد ممن يشهد بأن الله هو الواحد الأحد..
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
من يتأمل في مجريات المعركة المستمرة ضد الإسلام في القرنين الأخيرين، من جهة الصليبية الاستعمارية بكافة مذاهبها وبكل حلفائها وخُلفائها؛ بدءًا من الاصطفاف ضد الخلافة العثمانية زمان قوتها، ثم الالتفاف عليها وقت ضعفها حتى إسقاطها... ومروراً بإجهاض كل الحركات والثورات الإسلامية التي حاولت طوال القرن العشرين بناء كيانٍ إسلاميٍ حُرٍ وقوي.. ووصولاً إلى الحرب الكونية في بداية القرن الحادي والعشرين،المسماة بـ (الحرب العالمية على الإرهاب) والمستمرة للآن..
من يتأمل ذلك سيجد..
- أن هذه المعركة في مظهرها ومخبرها كانت – ولاتزال – ضد الإسلام الذي يعني الشريعة بمعناها العام، المتضمن العقائد والأخلاق والأحكام؛ وهي معركةٌ تجري ضد من يمثل هذه الشريعة من دعاتها وعلمائها وجماعاتها وكياناتها العاملة لها، لمنع أي كيانٍ إسلامي من العودة بالأمة إلى الحياة في ظل تلك الشريعة وما ينبغي لها من الاعتزاز بها والتعظيم لشأنها..
- لما قامت الثورات العربية فأظهرت أن الشريعة لاتزال تعيش في وجدان الأمة، وأن الجزء الحي منها هو الذي يمثلها ويمتثل لها؛ انقلبت الأوضاع ضد هذه الثورات التي اصطبغت بالصبغة الإسلامية لتغير وجهتها إلى الصيغة العلمانية، بعد فض الجموع عن الإسلاميين، وقلب القلوب ضدهم، لفض التجمع حولهم وحول الشريعة معهم..
- وفيما يتعلق بالثورة المصرية؛ فالفرضية التي تقول بأن تعظيم الشريعة وإقامتها كان يمثل القضية الأم والأهم عند غالبية الجماعات والاتجاهات الإسلامية وجماهيرها العريضة؛ أثبتت أحداث ثورة يناير وما تلاها من أحداث أنها فرضيةٌ صحيحة، وقد برهنت تلك الأحداث على أن استراتيجية التجمع حول راية الشريعة؛ كان قادرًا على جر قاطرة العمل الإسلامي كلها في كل المراحل، لو استمر التوجه بها وقيادة الأمة إليها...
- وإذا كانت هذه الفرضية عليها من البراهين الشرعية النظرية مالا يُحصى عدداً؛ فإن عليها من الأدلة العملية الواقعية ما لا يُنكر أبداً، وبخاصة في الواقع المصري خلال الثورة وحتى السنة الأولى من الانقضاض عليها ثم الانفضاض عنها.. ومن البراهين على ذلك : أن الأحزاب والتكتلات الإسلامية التي يُفترض أن الشريعة عنوانها الرئيس وقضيتها الأولى؛ كانت هي الأْوْلى بالتزكية عند تخيير الجماهير،وقد شهدت بذلك كل جولات الانتخابات..
- كذلك فإن الشخصيات العامة التي حازت أكبر تعاطفٍ جماهيري وأكثر توافقٍ شعبي؛ هي تلك التي كانت ترفع لواء الشريعة وتتبنى خطابها وتتحدث بلغتها، وكان الشيخ حازم أبو إسماعيل – فرج الله عنه - هو العَلَم البارز في ذلك، ثم كان الدكتور محمد مرسي - فك الله أسره - أسبق من غيره في القبول بين المرشحين الرئاسيين، لقرب خطابه وخططه وخطواته من روح الشريعة ..
.- وأيضًا كانت الرموز الفكرية والدعوية، بل الشرائح العادية من المتدينين؛ هم الأقرب للقبول عند عامة الناس، لما وَقَر في ضمائر أنهم الأوْلى بتحمل الأمانة لأنهم الأكثر نظافة في اليد وإخلاصًا للبلد،.. ولقوة الزخم الإسلامي الناتج عن تعظيم وتقديم قضية الشريعة؛ كانت أكبر تظاهرة شعبية تشهدها مصر في تاريخها هي (مليونية الشريعة) التي لم يُحتشد لشعاربمثلها.. لاقبلها ولابعدها..
- نخلُص من هذا إلى أن جوهر المعركة ضد الإسلام وأهله؛ هو الاختلاف حول سيادة شرع الله على شرائع ما سواه، من الشرائع العلمانية بمناهجها اللادينية واللا أخلاقية.. لذلك فالإسلاميون الذين يرفعون اليوم شعار(يناير يجمعنا) مع العلمانيين في "ذكرى" ينايرالسّادسة؛ لن يجتمع عليهم أحد، بمثل ما كان يمكن أن يكون عند رفعهم شعار(الشريعة تجمعنا) فهو الشعار غير المستعار، الذي من شأنه أن يجتمع عليه كل أحد ممن يشهد بأن الله هو الواحد الأحد..