حملة إسقاط ولاية الرجال على نسائهم

لماذا لم نجد مناداة بإصلاح ما فسد من الأحوال وليس الإسقاط؟

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -

حملات شرسة متتابعة تتناول المرأة السعودية في تسارع عجيب متواصل بدأ منذ 10 سنوات تقريبًا، وتركز الحملات على المرأة السعودية فقط، وتناقش قضايا مكررة لكننا نلاحظ على حملة إسقاط ولي الأمر.

أولًا: الوسم هذا بالذات حوله عدد من علامات الاستفهام هي:
1- الحملة يومية في تصاعد رقمي متواصل للوسم حتى وصل للرقم 35. بل إنه ينزل في اليوم الواحد نفس الوسم برقمين متتابعين لرفع أرقام الوسم، ففي يوم الثلاثاء كان الرقم 28 وفي يوم السبت 35.
2- تركيز الوسم على نساء بلادي الغالية لماذا؟ كأن جميع نساء العالم يعشن في تمام العدل والسعادة وهذا لا يقول به عاقل، ونحن نعلم عن الصور المشوهة لنا نحن السعوديات في الإعلام الخارجي.
3- لماذا لم نجد مناداة بإصلاح ما فسد من الأحوال وليس الإسقاط؟
4- لو أخذنا بمبدأ أصحاب الوسم هل يعني ذلك إسقاط كل جهة حكومية ظهرت منها أخطاء بشرية موجودة في كل مكان وزمان أم التوجه للإصلاح؟
5- التجييش المفتعل في الوسم بعبارات وقصص فيها مخالفة صريحة للثوابت الشرعية والفطرية.
6- التدرج المعلن في التغريدات وهو الإنتقال من مرحلة الصدمة إلى مرحلة الإنكار إلى القبول والتطبيع؛ وللوصول لآخر سلم التدرج نجدهم يصرون على الاستمرار في الوسم.


ثانيًا: هل هناك شخصيات وهمية تشارك في هذا الوسم وأمثاله وتجدد حضورها فيه بأسماء وهمية متجددة؟
ثالثًا: من يساند هذا الوسم وأمثاله؟ ولماذا هذا التوقيت بالذات؟
رابعًا: هل هناك مجموعة حسابات وهمية كبرى متخصصة في الرد والاستهزاء والتجييش ضدنا؟
خامسًا: الترند نفسه هل صحيح أن حوله اتهامات عن تزوير تقييمه وتدخل شركات في رفع وسوم بعينها وإخفاء أخرى لأهداف معينة، أم أن هناك أبحاثًا علمية حول مصداقية ذلك؟

أسئلة تستحق التأمل والإجابة من المختصين الثقات.
أما الحلول للأخطاء الصادرة من بعض ولاة الأمر فهي متوفرة بحمد الله.

1- نؤمن جميعًا بأن هناك ظلمًا وفسادًا واقعًا ومتعددًا ليس فقط على المرأة في بعض أمورها بل في مناحٍ عدة فلماذا التركيز على قضايا المرأة بالذات وإثارتها بهذه الصورة ليس في هذه السنة فقط بل في السنوات الأخيرة كما ذكرت سابقًا؟
2- نؤمن بأننا لسنا في الجنة حيث الخير المحض بل نحن في الدنيا حيث يوجد خير وشر وحق وباطل وظالم ومظلوم، لكن حل قضايانا الملحة لا يكون عبر تشويه ديننا وشريعته المتكاملة.
3- نؤمن أن سبب كل ظلم مجانبة شرع الله كوضع العادات والتقاليد المخالفة شرعًا جديدًا بدلًا عن ديننا.
4- نعترف بحقيقة أن البطء في حل قضايانا الملحة من أهل الحل والعقد ومن كافة المؤسسات الفاعلة والشخصيات التي لها دورها الواجب في الإصلاح؛ أدى إلى تدخل غيرنا باستغلال أي ثغرة ضعف في مجتمعنا ليقرض وينخر في سد مجتمعنا كفعل فأر سد مأرب.
5- أئمة المساجد والإعلام المحافظ ودورهم في التوعية بحقوق وواجبات النساء والرجال نحتاجه قبل حدوث الفتن فنكون سدًا منيعًا أمامها وقت حدوثها. ونحن الآن أحوج ما نكون لهذا المبادرة التي تأخرت كثيرًا. فنحتاج منهم:

  •  نشر معاني التقوى في القلوب فإن رسخت التقوى في القلوب قل الشر والظلم ولعلنا لو تأملنا آيات القرآن نجد الحض بالتقوى حتى للرسول صلى الله عليه وسلم وهو أكمل الخلق في افتتاح سورة الأحزاب يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّـهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ۗ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الأحزاب:1]. ونجد المناداة بالتقوى فيما يخص العلاقة الزوجية والأسرية حاضرًا جدًا في القرآن وتكفينا فقط سورة الطلاق.
  • على الأئمة مهمة نشر حقوق وواجبات أفراد المجتمع خاصة الأسرة، فلا نكتفي في مساجدنا بالتركيز على حقوق طرف دون آخر، بل نريد جميع الأطراف أن تعرف واجباتها كما تعرف حقوقها.
  •  على الإعلام المحافظ دور كبير في نشر الوعي بالواجبات والحقوق للرجال والنساء عبر برامج إبداعية، ونعترف بأن الإعلام المحافظ يفتقر لبرامج موجهة للمرأة مباشرة.


6- سرعة البت في القضايا المعروضة على القضاء كفعل الرسول صلى الله عليه وسلم فكانت تعرض عليه القضية في مسجده وينهيها في الوقت نفسه، فتأخر القضايا يزيد الأمور تعقيدًا وتضخمًا واستبدادًا من الظالم على المظلوم، ويزيد حسرة المظلوم وانهياره الذي يصل للإستسلام للواقع الظالم فلا نصير من أهل ولا قضاء.
7- لا نريد تخوين من يطرح قضايانا الملحة بإنصاف وحق وفطنة وطرح للحلول النافعة الحقيقية.
8- يجب التركيز على الآباء والإخوان وتوعيتهم بحقوق نسائهم خاصة في القرى والمدن الصغيرة؛ لأن قيامهم بحقوق نسائهم يعني أن تكون هؤلاء النساء في عزة ومنعة أمام أزواجهن فلا يتجرؤون على ظلمهن.
9-ىنطالب القضاء بوضع عقوبات تعزيرية صارمة وموجعة على من يظلم نساءه ظلمًا فاحشًا بينًا ليكون عبرة لغير ووقاية للمجتمع قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة:179].
10- لا ننسى دور إتفاقيات ومؤتمرات المرأة التي تنشط بقوة منذ سنوات طويلة للوصول إلى تدمير الأسرة، ونشر عقائدهم التدميرية عبر الدعوة إلى المساواة المطلقة، وتغيير الأسرة تمامًا وتدمير القيم.
11- نعجب ممن ترضى بتسلط ولاية أصحاب العمل وقوانينهم الظالمة والمرهقة لها ولمنزلها وأولادها، وترضخ لها باستسلام وتفاخر بأنها موظفة مثالية في الإلتزام ثم تأنف الأحكام الشرعية وتحاربها وتريد إزالتها لظلم وقع على البعض، فبدلًا من البحث عن حلول تجد الحل في إلغاء التشريع الإسلامي.
12- نقول للرجال ولايتكم على المرأة تكليف وحساب عسير وهي حماية وصيانة ورحمة ومسؤولية وديانة، وليست تسلطًا وأذية وظلمًا وهي مسؤولية عظيمة وخطيرة كما قال صلى الله عليه وسلم: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا…» (صحيح البخاري). وجاء في الحديث أيضًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثمًا أن يُضَيع من يقوت» (مسند أحمد)، وليت الرجال المضيعين ولايتهم بإفراط أو تفريط يقرؤون هذا الحديث قال صلى الله عليه وسلم: «ما مِن عبدٍ يَسترعيهِ اللَّهُ رعيَّةً يموتُ يومَ يموتُ وَهوَ غاشٌّ لرعيَّتِهِ إلَّا حرَّمَ اللَّهُ علَيهِ الجنَّةَ» (صحيح مسلم).


كتبته: د. حياة بنت سعيد باأخضر
أستاذ مشارك بجامعة أم القرى

المصدر: مجلة التواصل