الحلقة (9): أركان الإيمان (2) الإيمان بالكتب
أبو الهيثم محمد درويش
الإيمان بالكتب: يعني الإيمان برسالات الله التي أرسلها على الرسل والتي ذكر لنا بعضها فقط في القرآن.
الإيمان بالكتب: يعني الإيمان برسالات الله التي أرسلها على الرسل والتي ذكر لنا بعضها فقط في القرآن. والمطلوب من المسلم أن يؤمن بها ويؤمن بأن خاتمها القرآن وأنه ناسخ لما قبله (أي أن أحكامه ألغت ما قبلها من أحكام وشرائع إلا في الحالات التي أحالنا الشرع فيها إلى الرجوع إلى شرائع من كانوا قبلنا شريطة الابتعاد عما تم تحريفه فيها)، وأن المسلم يجب عليه تلاوته (أي القرآن) وعدم هجره ويجب عليه تعلمه وتطبيقه والسعي في الدعوة إليه وإلى تطبيق أحكامه على الأمة.
قال العلامة حافظ أحمد حكمي رحمه الله:
س: ما دليل الإيمان بالكتب؟
جـ: أدلته كثيرة منها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} [النساء:136]، وقوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ} [البقرة:136]، وغيرها كثير، ويكفي في ذلك قوله تعالى: {وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ} [الشورى:15].
س: هل سميت جميع الكتب في القرآن؟
جـ: سمى الله منها في القرآن: هو، والتوراة، والإنجيل، والزبور، وصحف إبراهيم وموسى، وذكر الباقي جملة فقال تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ . نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ . مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ} [آل عمران:2-4]، وقال تعالى: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [الإسراء:55]، وقال تعالى: { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ . وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّىٰ} [النجم:36، 37]، وقال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد:25] فما ذكر الله منها تفصيلا وجب علينا الإيمان به تفصيلا، وما ذكر منها إجمالا وجب علينا الإيمان به إجمالا، فنقول فيه ما أمر الله به رسوله: {وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ} [الشورى:15].
س: ما معنى الإيمان بكتب الله عز وجل؟
جـ: معناه التصديق الجازم بأن جميعها منزل من عند الله عز وجل، وأن الله تكلم بها حقيقة، فمنها المسموع منه تعالى من وراء حجاب بدون واسطة الرسول الملكي، ومنها ما بلغه الرسول الملكي إلى الرسول البشري، ومنها ما كتبه الله تعالى بيده كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [الشورى:51]، وقال تعالى لموسى: { إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} [الأعراف:144]، {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء:164]، وقال تعالى في شأن التوراة: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ} [الأعراف:145]، وقال في عيسى: {وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ} [المائدة:46]، وقال تعالى: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [الإسراء:55]، وتقدم ذكرها بلفظ التنزيل، وقال تعالى في شأن القرآن: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء:166]، وقال تعالى فيه: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا} [الإسراء:106]، وقال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ . نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ . عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ . بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} [الشعراء:192-195] الآيات، وقال تعالى فيه: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ ۖ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:41، 42] الآيات، وغيرها كثير.
اللهم ارزقنا العمل بما تعلمنا.