الحلقة (18): أحكام الصلاة (1/3) (شروط الصلاة)

أبو الهيثم محمد درويش

مختصر لشروط الصلاة: دخول وقت الصلاة، ستر العورة، اجتناب النجاسة، استقبال القبلة، الوضوء، النية.

  • التصنيفات: الفقه وأصوله - فقه الصلاة -

الصلاة هي أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين ومن تركها فقد قطع الصلة بينه وبين الخالق سبحانه.

عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ». رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي.

وما رواه أحمد من حديث أم أيمن مرفوعًا: «مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللهِ وَرَسُولِهِ».

وما رواه أصحاب السنن من حديث بريدة بن الحصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَر».

وروى الترمذي عن عبد الله بن شقيق قال: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة".

شروط الصلاة:

للصلاة شرائط لا تصح إلا بها، إذا عدمت لم تصح الصلاة، والشروط تكون قبل الصلاة وليست داخلها ومنها:

1- دخول وقت الصلاة:

مواقيت الصلوات الخمسة التي فرضها الله فيها؛ فعليك بالتقيد بها؛ بحيث لا تصليها قبل وقتها، ولا تؤخرها عنه؛ فقد قال الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ . الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون:4-5] أي: الذين يؤخرون الصلاة عن أوقاتها، وقال تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا . إِلَّا مَن تَابَ} [مريم من الآيتين:59-60]، ومعنى أضاعوها: أخروها عن وقتها.

2- ستر العورة:

وحد عورة الرجل الذكر من السرة إلى الركبة؛ لحديث علي رضي الله عنه: «لَا تُبْرِزْ فَخِذَكَ، وَلَا تَنْظُرْ إِلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلَا مَيِّتٍ» رواه أبو داود، وابن ماجه.

وفي الحديث الآخر: «غَطِّ فَخِذَكَ، فَإِنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ» رواه مالك وأحمد والترمذي وحسنه.

وأما المرأة فجاء في حديث أم سلمة: أتصلي المرأة في درع وخمار وليست عليها إزار؟ قال: «إِذَا كَانَ الدِّرْعُ سَابِغًا يُغَطِّي ظُهُورَ قَدَمَيْهَا» رواه أبو داود.

ولأبي داود والترمذي وابن ماجه من حديث عائشة: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ». قال الترمذي: "والعمل عليه عند أهل العلم؛ أن المرأة إذا أدركت فصلت وشيء من عورتها مكشوف؛ لا تجوز صلاتها".

هذه الأحاديث، مع قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور من الآية:31] الآية، وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب من الآية:59]، وقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب من الآية:53].

وقول عائشة: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا مر بنا الرجال؛ سدلت إحدانا خمارها على وجهها، فإذا جاوزونا: كشفناه.

3- اجتناب النجاسة:

ومما يشترط للصلاة اجتناب النجاسة؛ بأن يبتعد عنها المصلي، ويخلو منها تماما في بدنه وثوبه وبقعته التي يقف عليها للصلاة.

4- استقبال القبلة:

ومن شروط الصلاة استقبال القبلة قال تعالى: { فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة من الآية:144]، فإن قرب من الكعبة، وكان يراها؛ وجب عليه استقبال نفس الكعبة بجميع بدنه؛ ومن كان بعيدًا عن الكعبة في أي وجهة من جهات الأرض؛ فإنه يستقبل في صلاته الجهة التي فيها الكعبة، ولا يضر التيامن ولا التياسر اليسيران، لحديث: «مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» صححه الترمذي.

5- الوضوء:

فالوضوء شرط للصلاة تفسد الصلاة في حال انعدامه، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة من الآية:6].

ويستحب الوضوء لكل صلاة ويصح الوضوء الواحد لعدة صلوات، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه (كان يتوضأ عند كل صلاة)، وأنه ترك التجديد في بعض الحالات وصلى الصلوات بوضوء واحد.

ففي صحيح مسلم من حديث بريدة رضي الله عنه قوله: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة، فلما كان يوم الفتح توضأ، ومسح على خفيه، وصلى الصلوات بوضوء واحد، فقال له عمر يا رسول الله: إنك فعلت شيئًا لم تكن تفعله، فقال: «عَمْدًا فَعَلْتُهُ يَا عُمَرُ».

6- النية:

ومن شروط الصلاة النية، وهي لغة: القصد، وشرعًا: العزم على فعل العبادة تقربًا إلى الله تعالى. ومحلها القلب؛ فلا يحتاج إلى التلفظ بها، بل هو بدعة، لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه؛ فينوي بقلبه الصلاة التي يريدها، كالظهر والعصر؛ لحديث: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»، وينوي مع تكبيرة الإحرام، لتكون النية مقارنة للعبادة، وإن تقدمت بزمن يسير في الوقت؛ فلا بأس.

ملحوظة:

بعض الناس قد أحدثوا في النية بدعة وتشددًا ما أنزل الله بهما من سلطان، وذلك بأن يقول أحدهم: نويت أن أصلي فرض كذا عدد كذا من الركعات أداء لله خلف هذا الإمام... ونحو ذلك من الألفاظ، وهذا شيء لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم ينقل عنه أنه تلفظ بالنية لا سرًا ولا جهرًا، ولا أمر بذلك.

والله أعلم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مختصر بتصرف من كتاب الملخص الفقهي للعلامة صالح الفوزان

المصدر: فريق عمل طريق الإسلام