"وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ"

أبو الهيثم محمد درويش

هؤلاء أجهل الخلق بالخالق سبحانه الذي يمهل ويعطي الفرصة بعد الأخرى وإذا عاد العبد وتاب قبله الملك وحنى عليه وشمله بعفوه وكرامته بل يفرح سبحانه بعودة العبد الآبق إليه.

  • التصنيفات: ترجمة معاني القرآن الكريم -

من الشبهات التي يزرعها إبليس في قلوب العصاة والمعاندين أن الله لم يعجل لهم العقاب رغم استمرارهم في  العناد و إصرارهم على مبارزته بالمعاصي وهذا دليل على رضاه أو على أقل تقدير عدم غضبه.
وهؤلاء أجهل الخلق بالخالق سبحانه الذي يمهل ويعطي الفرصة بعد الأخرى وإذا عاد العبد وتاب قبله الملك وحنى عليه وشمله بعفوه وكرامته بل يفرح سبحانه بعودة العبد الآبق إليه.


فعدم تعجيل  العقوبة لحكمة كبيرة و هي الإمهال والرحمة وليس معناها الضعف أو قبوله ورضاه بالمعصية.


فإن استمر العبد وأصر و بالغ في إصراره ففي سنن الله في كونه آيات وعبر وعظات وفيما جرى للعصاة الأوائل المثل الواقعي لعقاب الله الذي إذا أخذ المعاند لم يفلته، عن أبي موسى  رضي الله عنه  قال:

قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلت» ( البخاري: 4409)، (مسلم: 4680).

{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ} (الرعد: 6).


قال السعدي في تفسيره :

يخبر تعالى عن جهل المكذبين لرسوله المشركين به، الذين وعظوا فلم يتعظوا، وأقيمت عليهم الأدلة فلم ينقادوا لها، بل جاهروا بالإنكار، واستدلوا بحلم الله الواحد القهار عنهم، وعدم معاجلتهم بذنوبهم أنهم على حق، وجعلوا يستعجلون الرسول بالعذاب، ويقول قائلهم: {اللَّـهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال: 32].


{وَ} الحال أنه { {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ} } أي: وقائع الله وأيامه في الأمم المكذبين، أفلا يتفكرون في حالهم ويتركون جهلهم {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} أي: لا يزال خيره إليهم، وإحسانه وبره وعفوه نازلا إلى العباد، وهم لا يزال شرهم  وعصيانهم إليه صاعدًا.


يعصونه فيدعوهم إلى بابه، ويجرمون فلا يحرمهم خيره وإحسانه، فإن تابوا إليه فهو حبيبهم لأنه يحب التوابين، ويحب المتطهرين وإن لم يتوبوا فهو طبيبهم، يبتليهم بالمصائب، ليطهرهم من المعايب {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].


{وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ} على من لم يزل مصرا على الذنوب، قد أبى التوبة والاستغفار والالتجاء إلى العزيز الغفار، فليحذر العباد عقوباته بأهل الجرائم، فإن أخذه أليم شديد.

#مع_القرآن

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام