الشخصية المتدينة والعصمة
محمد المصري
الشخصية المتدينة هي نفس أحبت السير في طريق الخير والفلاح، ولكنها في الطريق يعتريها ما يعتري البشر من خلل ونقص... ولكن مقدار تسليط الضوء على أخطاء هذه الفئة الملتزمة يدعو للتساؤل؟
- التصنيفات: الواقع المعاصر - الطريق إلى الله -
الشخصية المتدينة هي نفس أحبت السير في طريق الخير والفلاح، ولكنها في الطريق يعتريها ما يعتري البشر من خلل ونقص... ولكن مقدار تسليط الضوء على أخطاء هذه الفئة الملتزمة يدعو للتساؤل؟
فهو تسليط ليس من أجل النصح والإصلاح بقدر ما هو بقدر الصد عن سبيل الله.
- "فهم لا يكتفون بإلباس (الملتزم) حسب تعبيرهم حلة ملائكية سابغة، يدفنونه بها في قبر الكمال الموهوم؛ بل يتعدون ذلك إلى قتل مشاعره وبشريته وسجنه في قفص يضيق كلما عَلَت رتبته" (سلمان بن فهد العودة).
- وفي الحقيقة إن الشخص الملتزم هو بشر يصيب ويخطئ ولكن البعض يحلو لهم أن يدفعوا الشخص الملتزم إلى ضَرْب من التسامي الكاذب في بعض الأحيان، فيظنوا أنه لا يجوز له أن يخطئ أبدًا، وإذا أخطأ فتلك هي الآزفة التي ليس لها كاشفة، وقد يدفعه ذلك بدوره إلى ضَرب آخر من ضروب النفاق والتصنع، فيغدو في حياته العامة مع الناس مُرتديًا قناعًا من الورع والتقوى، فإذا اختلى بنفسه أو انصرف لحياته الخاصة خَلَع هذا القناع أو سقط عنه، وأبان عن وجه آخر من التعدي على حدود الله وانتهاك حرماته.
- إن تلك النظرة التي يحاولون تصويرها لشخصية الملتزم أو الملتزمة هي محاولة لطبع صورة ذهنية بأن حياة الملتزمين حياة بائسة تخلو من البسمة، تخلو من المشاعر، تخلو من أي بهجة، وذلك حتى لا يجرؤ أحد على الاقتراب من (الالتزام)، وحين يمارس الشخص المتدين أو الملتزم كما يطلقون عليه بعض أنواع المباح المشروع حينئذ التهم جاهزة فهو شخص (خبيث) ذو (شخصيتين) يعاني من (عقد نفسية) و(ازدواج في الشخصية).
وكما يقول الأستاذ مصطفى السباعي: "الدينُ لا يمحو الغرائز، ولكن يروّضها، والتربية لا تغيّر الطّباع، ولكن تهذّبها".
- سؤال: إن من سنن الله في خلقه أن الإنسان يصيب ويخطئ وفي الحديث: « والذي نفسي بيدِه! لو لم تذنبوا لذهب اللهُ بكم، ولجاء بقومٍ يذنبون، فيستغفرون اللهَ، فيغفرُ لهم» اشرحوا لنا هذا الحديث جزاكم الله خيرًا.
"ومعنى الحديث أن الله سبحانه وتعالى قضى في سابق علمه أنه لا بد من وقوع الذنوب، حتى تظهر آثار مغفرته ورحمته سبحانه، واسمه التواب الغفور والعفو؛ لأنه جل وعلا لو لم يكن هناك ذنوب لم يكن لمعنى العفو الغفور والتواب معنى، فهو سبحانه وتعالى سبق في قضائه وعلمه أن الجن والإنس يذنبون فيتوب الله على من تاب، ويغفر الله لمن شاء، ويعفو عمن شاء سبحانه وتعالى، وليس معناها الترخيص للذنوب، لا، الله نهى عنها وحرمها، لكن سبق في علمه أنها توجد، وأنه سبحانه يعفو عمن يشاء ويغفر لمن يشاء إذا تاب إليه" (ابن باز رحمه الله).