من مقاصد حفظ الأمة
مدحت القصراوي
ورد سؤالٌ مهم عن معنى مقاصد حفظ الأمة من إرخاء الستر وانتظار الفيء فيما يخص المجتمعات المعاصرة كالمجتمع المصري وكيفية الاستفادة من هذه المقاصد في التعامل مع المجتمع المصري المعاصر..
- التصنيفات: العقيدة الإسلامية - الدعاة ووسائل الدعوة -
ورد سؤالٌ مهم عن معنى مقاصد حفظ الأمة من إرخاء الستر وانتظار الفيء فيما يخص المجتمعات المعاصرة كالمجتمع المصري وكيفية الاستفادة من هذه المقاصد في التعامل مع المجتمع المصري المعاصر..
والجواب: المقصود بهذه الخصائص المجتمعات الإسلامية في حالة الانحراف إلى بدعٍ في أصول كلية من الدين أو ما هو أشد من ذلك، وهي تنطبق على المجتمعات الحديثة التي غلبت عليها العلمانية، وانتشرت فيها مظاهر الردة عن الشرائع أو مظاهر الشرك في النسك..
وعندما تشيع هذه الظواهر فالناس أمامها ثلاثة مواقف:
1) موقف المبررين، وهو موقف إجرامي يقفه الكثير لمأكلة أو أجر أو سيادة بين الناس، أو سلطان ضاغط أو عدم التفات للعلم الذي يحمله بسبب الضغوط الاجتماعية، فيقول شيئًا ويعيش آخر ولا يتدبر التناقض، وعندما تُعرض عليهم الحقائق قد يقفون مع خنادق العلمانية والردة مباشرة وصراحًا..
وهؤلاء يسميهم شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب (المجادلين عن المشركين) أو (علماء المشركين) حيث يبررون ويلتمسون العذر لهم بأنهم يتلفظون بالشهادتين أو لا يعتقدون فيهم التأثير أو كذا؛ فيجعلون الشرك عديم التأثير، كالسواد في الخلقة أو الطول والقصر.
2) موقف آخر مقابل لهذا وهو موقف أهل الغلو، وهم من يرون الظواهر فيسحبون حكمها الى المجتمع بأكمله، فيعممون الحكم عليها الى الحكم على المجتمع، ويُدخلون المجتمع في حكم هذه الظاهرة، رغم عدم القطع بدخول الناس جميعا فيها بل مع القطع أن قطاعات كثيرة ترفضها..
وهذا الصنف قد يقولون بقول أهل السنة في تقرير التوحيد وحقيقته، لكن يقع الخطأ في مواجهة الظاهرة ومعرفة حدود حكمها، فيحدث الغلو و(التكفير بالعموم) من هنا..
ثم إذا تكلموا في الحقيقة تكلموا بكلام أهل السنة، وقد يتكلمون بنفس كلامنا في باب تقرير حقيقة الدين، دون أن يوافقونا على ضوابط تنزيل الأحكام على الواقع ومراعاة مقاصد حفظ الأمة..
ومن هنا فعندما نتكلم نحن عن تقرير هذه الحقائق قد يظن من سمع من أولئك أنا نقول بقولهم، وكان هذا من أسباب ما نسب الينا مما نبرأ منه من توسيع المناطات والغلو في الأحكام العامة على المجتمعات (عموم جماهير المسلمين).
3) الموقف الثالث وهو المنضبط وهو ما نقرره من أن (وجود الظاهرة لا يستلزم التعيين، وعدم القدرة على التعيين لا ينفي وجود الظاهرة).
وهذا يعني أننا نواجه الظاهرة بالتعليم والإحياء، وشتى وسائل الخروج من أوضاع الاستضعاف والانحراف.
وفي الوقت نفسه لا نكفر عموم المسلمين افتراضًا أنهم دخلوا في حكم الظاهرة ونطاقها؛ كلا، بل فقط نثبت الظاهرة ونواجهها، ولا نعمم حكمها على المجمتع، إلا من ثبت دخوله فيها وقطعنا بذلك سواء من رموز الداعين اليها أو من وقع فيها وقطعنا بذلك.. فنحن نلتزم في هذا بما قرره سلف الأمة من وجوب (استيفاء الشروط وانتفاء الموانع).
وعلى هذا فنحن لا نتوجه صوب الأحكام بل نتوجه صوب الإحياء، ونريد الخروج بالأمة من أزمتها التاريخية، ونلتزم بوصف أهل السنة وهو (التزام الحق ورحمة الخلق) التزام الحق بتقريره دون لبس أو مواربة، ورحمة الخلق بعدم التزوّد عليهم أو سوء الظن بهم.
وهو المقصود بإرخاء الستر، بمعنى عدم البحث عن المناطات المكفرة في الناس أو التفيش عن أحوالهم وبواطن اعتقاداتهم للتحقق من كفرهم أو إسلامهم، فهذه بدعة لم يكن عليها أهل السنة، ونص ابن تيمية على أنها من البدع.
وأما انتظار الفيء فالمقصود به استمرار الإحياء والتعليم والبلاغ حتى تخرج الأمة من هذه الظاهرة (تبديل الشرائع وإحلال القومية مكان الإسلام وظواهر شرك العبادة)،وتفيء إلى دينها ومفهومه الصحيح وحقيقته التي أنزلها الله تعالى.. والله المستعان.