علم الحسن البصري

قال حماد بن سلمة: أنبأنا علي بن زيد، قال: رأيت سعيد بن المسيب، وعروة، والقاسم في آخرين، ما رأيت مثل الحسن.

  • التصنيفات: تراجم العلماء -

علم الحسن البصري: ورأيه، فصاحته، هيئته، كتبه، وفاته

علمه:

يعقوب الفسوي: سمعت أبا سلمة التبوذكي يقول: حفظت عن الحسن ثمانية آلاف مسألة.

 وقال حماد بن سلمة: أنبأنا علي بن زيد، قال: رأيت سعيد بن المسيب، وعروة، والقاسم في آخرين، ما رأيت مثل الحسن.

 وقال جرير بن حازم، عن حميد بن هلال، قال لنا أبو قتادة: ما رأيت أحداً أشبه رأياً بعمر بن الخطاب منه - يعني الحسن[1].

 حماد بن زيد: سمعت أيوب يقول: كان الحسن يتكلم بكلام كأنه الدر، فتكلم قوم من بعده بكلام يخرج من أفواههم كأنه القيء.

 غالب القطان، عن بكر بن عبدالله المزني، قال: من سره أن ينظر إلى أفقه من رأينا، فلينظر إلى الحسن.

 وقال قتادة: كان الحسن من أعلم الناس بالحلال والحرام[2].

وقال أبو سعيد بن الأعرابي[3] في "طبقات النساك": كان عامة من ذكرنا من النساك يأتون الحسن، ويسمعون كلامه، ويذعنون له بالفقه، في هذه المعاني خاصة، وكان عمرو بن عبيد، وعبدالواحد بن زيد من الملازمين له، وكان له مجلس خاص في منزله، لا يكاد يتكلم فيه إلا في معاني الزهد والنسك وعلوم الباطن، فإن سأله إنسان غيرها، تبرم به وقال: إنما خلونا مع إخواننا نتذاكر.

 فأما حلقته في المسجد فكان يمر فيها الحديث، والفقه، وعلم القرآن، واللغة، وسائر العلوم، وكان ربما يسأل عن التصوف فيجيب، وكان منهم من يصحبه للحديث، ومنهم من يصحبه للقرآن والبيان، ومنهم من يصحبه للبلاغة، ومنهم من يصحبه للإخلاص وعلم الخصوص، كعمرو بن عبيد[4]، وأبي جهير، وعبد الواحد بن زيد، وصالح المري، وشميط، وأبي عبيدة الناجي، وكل واحد من هؤلاء اشتهر بحال - يعني في العبادة.

 وقال حماد، عن حميد، قال: قرأت القرآن كله على الحسن، ففسره لي أجمع على الإثبات.

 منصور بن زاذان: سألنا الحسن عن القرآن، ففسره كله على الإثبات.

 وقال أبو سعيد بن الأعرابي: كان يجلس إلى الحسن طائفة من هؤلاء، فيتكلم في الخصوص، حتى نسبته القدرية إلى الجبر، وتكلم في الاكتساب حتى نسبته السنة إلى القدر، كل ذلك لافتنانه وتفاوت الناس عنده، وتفاوتهم في الأخذ عنه، وهو بريء من القدر ومن كل بدعة[5].

 فصاحته:

وروي أن ثدي أم سلمة در عليه ورضعها غير مرة [6].

 وقال أبو عمرو بن العلاء: ما رأيت أفصح من الحسن والحجاج.

 هيئته:

وقال جعفر بن سليمان: كان الحسن من أشد الناس، وكان المهلب إذا قاتل المشركين يقدمه[7].

 قال غندر، عن شعبة: رأيت على الحسن عمامة سوداء.

 وقال سلام بن مسكين: رأيت على الحسن طيلسانا كأنما يجري فيه الماء، وخميصة كأنها خز[8].

 كتبه:

ضمرة، عن أصبغ بن زيد، قال: مات الحسن وترك كتباً فيها علم.

 موسى بن إسماعيل: حدثنا سهل بن الحصين الباهلي، قال: بعثت إلى عبدالله بن الحسن البصري: ابعث إلي بكتب أبيك، فبعث إلي أنه لما ثقل قال لي: اجمعها لي، فجمعتها له وما أدري ما يصنع بها، فأتيت بها فقال للخادم: اسجري التنور، ثم أمر بها فأحرقت غير صحيفة واحدة فبعث بها إلي وأخبرني أنه كان يقول: ارو ما في هذه الصحيفة.[9].

 قلت: اختلف النقاد في الاحتجاج بنسخة الحسن، عن سمرة، وهي نحو من خمسين حديثاً، فقد ثبت سماعه من سمرة، فذكر أنه سمع منه حديث العقيقة[10].

 قال الزركلي في ترجمته: وله كلمات سائرة وكتاب في (فضائل مكة - مخطوط) بالمكتبة الأزهرية[11].

 وقال الذهبي في العبر في ترجمة أبو عبدالله محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى بن مفرِّج الأموي مولاهم القرطبي الحافظ محدّث: فمن تصانيفه: فقه الحسن البصري، في سبع مجلدات.

 وفاته:

خالد بن خداش: حدثنا صالح المري، عن يونس، قال: لما حضرت الحسن الوفاة جعل يسترجع، فقام إليه ابنه فقال: يا أبت قد غممتنا، فهل رأيت شيئاً، قال: هي نفسي لم أصب بمثلها.

 قال هشام بن حسان: كنا عند محمد عشية يوم الخميس، فدخل عليه رجل بعد العصر فقال: مات الحسن، فترحم عليه محمد وتغير لونه وأمسك عن الكلام، فما تكلم حتى غربت الشمس، وأمسك القوم عنه مما رأوا من وجده عليه.

 قلت: وما عاش محمد بن سيرين بعد الحسن إلا مئة يوم.

 قال ابن علية: مات الحسن في رجب سنة عشر ومئة.

 وقال عبد الله بن الحسن: إن أباه عاش نحوا من ثمان وثمانين سنة.

 قلت: مات في أول رجب، وكانت جنازته مشهودة، صلوا عليه عقيب الجمعة بالبصرة، فشيعه الخلق، وازدحموا عليه، حتى إن صلاة العصر لم تقم في الجامع.

 ويروى أنه أغمي عليه ثم أفاق إفاقة فقال: لقد نبهتموني من جناتٍ وعيون، ومقامٍ كريم[12].

 

أحمد عبد الوهاب الشرقاوي

_______________________________________________________

[1] ابن سعد 7 / 161 والمعرفة والتاريخ 2 / 47، 48، 51، وانظر الزهد لأحمد 267.

[2] ابن سعد 7 / 163.

[3] هو أحمد بن محمد بن زياد أبو سعيد بن الأعرابي البصري الصوفي المتوفى سنة 340 هـ. وكتابه هذا نقل عنه المؤلف في أكثر من موضع، انظر ترجمته في المجلد العاشر 100 أ من الأصل.

[4] انظر ترجمته في المجلد الخامس 186 آ من الأصل.

[5] الذهبي: سير أعلام النبلاء، جـ 4 ص 581.

[6] انظر الخبر في الحلية 2 / 147.

[7] أورده الفسوي في " المعرفة والتاريخ " 2 / 49 مطولا.

[8] الذهبي: سير أعلام النبلاء، جـ 4 ص 583.

[9] ابن سعد 7 / 174، 175 والمنتخب من ذيل المذيل 639.

[10] انظر تخريج حديث العقيقة.

[11] الزركلي: الأعلام 2/ 227.

[12] الذهبي: سير أعلام النبلاء، جـ 4 ص 588.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/74561/#ixzz4Z3EAPULB