إياك و ترك راية الإسلام 22
مدحت القصراوي
إن هذا الدين لا يفرق ولا يمزق الأمة على أساس ديني بل هو يجمعها، وأن التخلي عنه لا يجمع على غيره بل يفرق
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
راية الإسلام والأقليات الدينية..
وأما ما يدعيه المشفقون على الأمة من دينها..!! من أن الهوية الإسلامية وراية هذا الدين مع أنها قد تجمع القوميات فقد تفرق الأقليات الدينية وتسبب طائفية دينية.. فلؤلاء نقول:
- إن أمر العقيدة أمرٌ جاد، وجادٌ جدًا.. لا يحتمل التلاعب. وأمر الولاء والهوية هو أمر مرتبط بالعقيدة، ومبني عليها.. ولا يجوز المجاملة في دين الله.
- أن غير المسلمين من الأقليات لا يتنازلون عن هويتهم أو دينهم ومقتضياته، وإنما فقط يخفون، وعندما تبدو فرصة ما تبدو فيها الراية الطائفية لا ردا فعل تجاه المسلمين بل هي أمر يربَى ويتابع وينفخ فيه وترعي بذوره وتمتد جذوره بما يحمل من ثمار بشعة؛ فهو مبني على حقد وإقصاء، فهي عقائد باطلة لا تثبت أمام الحق وأريحيته وثباته وعدله وسماحته وشموله.
- فالقسمة قسمةٌ ظالمةٌ حيث يطالب المسلمون بترك هويتهم وإقامة دينهم مجاملة لغير المسلمين، وهذا خطر عقدي على المسلم فدينه لا يسمح له بهذا بل هي خيانة، وخطأ وخطر سياسي واستراتيجي إذ هو تفتيت للأمة لصالح من لا يرقب فيها (إلًّا ولا ذمة) (رحمًا ولا عهدًا).. إذ إن هذه الأقليات وقفت مع الاستبداد والفساد وقتل المسلمين وسجنهم وقهرهم وذبحهم.. في سوريا بشار حدث هذا وفي مصر الانقلاب حدث هذا.
- أن الهوية الإسلامية لم تكن تفتقد لتحديد طريقة التعامل التي تجمع بين احترام الحق وعزته، وحرية المعتقد للمخالف، وإقامة العدل، وشيوع روح التسامح.. فأوامره ونواهيه وتوجيهاته وقيمه وقواعده ضمنت تحقيق هذه المصالح؛ للعقيدة وشأنها، والأمة ووحدتها وعزتها، وللمخالف وحرية اعتقاده وروح التسامح وتحقيق العدل، هذا في نصوصه..
- وأما التجربة التاريخية فمصدّقة للتطبيق وواقعيته، على مدار أكثر من ألف ومائتي عام، وبقي شاهدان قاطعان:
1) وجود الأقليات نفسها وبقاياها فيمن اختار البقاء على عقيدته، وإن كانوا أقل ممن دخل في الإسلام من أهل البلاد المفتوحة، لكن لم يكره أحد على ترك عقيدته وبقي من اختارها.. بل يحدثنا التاريخ عن خلفاء ظالمين وضعوا الجزية على من أسلم، وكانوا عاملا مضادا لإسلام الأقليات!
2) أن ممارسات الإسلام وقواعده وحمايته للحريات الاعتقادية لغير المسلمين (الأصليين)، هذه الممارسة وقواعدها بقيت درسا للعالم كله، واليوم فما تراه من قواعد أو قوانين أو قيم لحرية العقيدة وغيرها هي من آثار الإسلام ووجوده وهمينته طيلة قرون كثيرة.. فقبل الإسلام لم يكن يطرق آذان العالم شيء من هذا {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ} [المائدة جزء من الآية: 8] {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة جزء من الآية: 256] .. لكن هذا شيء وإقامة النظام الإسلامي والشريعة والهوية أمر آخر، ولا تناقض بينهما..
من هنا فالخوف ليس من الإسلام! فكما هو مجمع للقوميات هو الضامن والحافظ والإطار الجامع كذلك لمختلف الأقليات التي لن تجد أمنًا ولا عدلًا ولا رحمةً ولا تنميةً وتقدمًا كما تجده في ظل الإسلام.. عندما يسُود.
لكن الشنآن والبغضاء والحقد من علماني أو صليبي متعصب يعمي ويكذب ويزيف التاريخ ويشطبه ويشطب ما يراه من نصوص وقيم وروح المسلمين الجامعة والتي تنادي بتجميع أطياف الأمة بما فيها أقلياتها بينما تنادي الأقليات الدينية والعلمانية بالتمزيق..!
إن نصوص الكتاب العزيز وتجربة التاريخ وشواهد الواقع ومحاولة العالم لاستهداف بعض قيم الإسلام ولو صوريا، والروح الباقية للمسلمين والتي لا تحمل حقدا ولا تعرفه.. كل هذا يقول (إن هذا الدين لا يفرق ولا يمزق الأمة على أساس ديني بل هو يجمعها، وأن التخلي عنه لا يجمع على غيره بل يفرق).. هذه هي الحقيقة لكن تقريرها لا يكفي إن لم تجد ناصرا، والله الهادي والناصر.