"يَبْغُونَهَا عِوَجًا"

أبو الهيثم محمد درويش

الرسالة هي نور الله التي تدلك على صراطه وطريقه الموصل إلى رضوانه وليس ثَم طريق آخر أو سبيل مقترح فإياك أن تغتر بتشويه المشوهين وإضلال المضلين فإنما الدنيا ومافيها ومن فيها دقائق معدودات.

  • التصنيفات: ترجمة معاني القرآن الكريم -

نور يهدي الله به من شاء أن ينال كرامته فأقبل على نور الله وسعد به واستظل وسار على هدى هذا النور حتى وصل إلى دار السلام.
بينما هناك من أظلم قلبه وانطفأ سراجه ولم يعبأ بنور الله ولم يكلف نفسه عناء البحث عنه فأخلد إلى الدنيا ونسي الآخرة ثم تحول من الإعراض إلى العناد وصد وحذر العباد من نور الله بل ادعى في بعض الأحيان أنه نار، ودعا الناس لسبيله المعوجة ودنياه التي ملأت قلبه فحارب النور وأضل الناس عن صراط الله والسبيل الموصل إلى رضوانه فاستحق هو ومن تبعه أشد العذاب في الآخرة وضنك العيش وخراب القلب في الدنيا.

والخلاصة: الرسالة هي نور الله التي تدلك على صراطه وطريقه الموصل إلى رضوانه وليس ثَم طريق آخر أو سبيل مقترح فإياك أن تغتر بتشويه المشوهين وإضلال المضلين فإنما الدنيا ومافيها ومن فيها دقائق معدودات.


{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ * الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ} [إبراهيم: 1-3].


قال السعدي في تفسيره: يخبر تعالى أنه أنزل كتابه على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم لنفع الخلق، ليخرج الناس من ظلمات الجهل والكفر والأخلاق السيئة وأنواع المعاصي إلى نور العلم والإيمان والأخلاق الحسنة، وقوله: {بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} أي: لا يحصل منهم المراد المحبوب لله، إلا بإرادة من الله ومعونة، ففيه حث للعباد على الاستعانة بربهم.
ثم فسر النور الذي يهديهم إليه هذا الكتاب فقال: {إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} أي: الموصل إليه وإلى دار كرامته، المشتمل على العلم بالحق والعمل به، وفي ذكر {الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} بعد ذكر الصراط الموصل إليه إشارة إلى أن من سلكه فهو عزيز بعز الله قوي ولو لم يكن له أنصار إلا الله، محمود في أموره، حسن العاقبة.

وليدل ذلك على أن صراط الله من أكبر الأدلة على ما لله من صفات الكمال، ونعوت الجلال، وأن الذي نصبه لعباده، عزيز السلطان، حميد في أقواله وأفعاله وأحكامه، وأنه مألوه معبود بالعبادات التي هي منازل الصراط المستقيم، وأنه كما أن له ملك السماوات والأرض خلقا ورزقا وتدبيرا، فله الحكم على عباده بأحكامه الدينية، لأنهم ملكه، ولا يليق به أن يتركهم سدى، فلما بيَّن الدليل والبرهان توعد من لم ينقد لذلك، فقال: {وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ}  لا يقدر قدره، ولا يوصف أمره، ثم وصفهم بأنهم {الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ}  فرضوا بها واطمأنوا، وغفلوا عن الدار الآخرة.

 {وَيَصُدُّونَ} الناس {عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} التي نصبها لعباده وبينها في كتبه وعلى ألسنة رسله، فهؤلاء قد نابذوا مولاهم بالمعاداة والمحاربة، {وَيَبْغُونَهَا} أي: سبيل الله  {عِوَجًا}  أي: يحرصون على تهجينها وتقبيحها، للتنفير عنها، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.

{أُولَئِكَ} الذين ذكر وصفهم {فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ} لأنهم ضلوا وأضلوا، وشاقوا الله ورسوله وحاربوهما، فأي ضلال أبعد من هذا؟!! وأما أهل الإيمان فبعكس هؤلاء يؤمنون بالله وآياته، ويستحبون الآخرة على الدنيا ويدعون إلى سبيل الله ويحسنونها مهما أمكنهم، ويبينون استقامتها.

#مع_القرآن

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام