محبطات الأعمال التي تتناول علاقة العبد بالخلق
سهام علي
إننا نحرص كل الحرص على معرفة أنواع الطاعات لنقوم بها لنحصل على الأجر لكن ما نغفل عنه هو الأعمال المحبطة لهذه الطاعات والتي قد تتسبب فى ضياع أجر تلك الطاعات وهو ما يُسمى محبطات الأعمال
- التصنيفات: تربية النفس - مساوئ الأخلاق -
إننا نحرص كل الحرص على معرفة أنواع الطاعات لنقوم بها لنحصل على الأجر لكن ما نغفل عنه هو الأعمال المحبطة لهذه الطاعات والتي قد تتسبب فى ضياع أجر تلك الطاعات وهو ما يُسمى محبطات الأعمال
ومعنى الإحباط لغًة هو ما يقال عن الماشية حين تأكل ما لا يوافقها فتنتفخ بطنها حتى تموت؛ وهكذا الأعمال غير المقبولة مهما ازدادت فلا فائدة منها بل قد يكون فيها الهلكة.
هل هناك فعلًا إحباط للعمل؟
قد يكون المتسبب في الاحباط كلمة !!
قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الرَّجلَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من رضوانِ اللهِ، ما كان يظُنُّ أن تبلُغَ ما بلغت، يكتبُ اللهُ له بها رضوانَه إلى يومِ يلقاه، وإنَّ الرَّجلَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من سخطِ اللهِ ، ما كان يظُنُّ أن تبلُغَ ما بلغت ، يكتبُ اللهُ له بها سخطَه إلى يومِ يلقاه»(الألباني، السلسلة الصحيحة؛ رقم: [888])
قال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا} [الفرقان:23]
وكذلك في الحديث،قال صلى الله عليه وسلم : «أتدرون ما المفلِسُ ؟ قالوا : المفلِسُ فينا من لا درهمَ له ولا متاعَ . فقال : إنَّ المفلسَ من أمَّتي ، يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ ، ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مالَ هذا ، وسفك دمَ هذا ، وضرب هذا . فيُعطَى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه . فإن فَنِيَتْ حسناتُه ، قبل أن يقضيَ ما عليه ، أخذ من خطاياهم فطُرِحت عليه . ثمَّ طُرِح في النَّارِ» (صحيح مسلم؛ رقم [2581]).
الراوي : أبو هريرة
وبهذا نجد أن الحديث يتناول الظلم ويشمل:
الشتم
قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أثقَلَ ما وُضِع في ميزانِ المؤمِنِ يومَ القيامةِ خُلُقٌ حسَنٌ وإنَّ اللهَ يُبغِضُ الفاحشَ البذيءَ» (صحيح ابن حبان؛ رقم [5695]).
الراوي : أبو الدرداء
اوقال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [ النور: 23]
وقال صلى الله عليه وسلم:
ا «جتَنبواالسَّبعَ الموبقاتِ . قالوا : يا رسولَ اللهِ : وما هنَّ ؟ قال : الشِّركُ باللهِ ، والسِّحرُ ، وقتلُ النَّفسِ الَّتي حرَّم اللهُ إلَّا بالحقِّ ، وأكلُ الرِّبا ، وأكلُ مالِ اليتيمِ ، والتَّولِّي يومَ الزَّحفِ ، وقذفُ المحصَناتِ المؤمناتِ الغافلاتِ» (صحيح البخاري؛ رقم [2766])
الراوي : أبو هريرة
أكل المال
قال تعالى: { وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } [البقرة: 188]
وقال صلى الله عليه وسلم: «كلُّ جَسَدٍ نبتَ مِنْ سُحْتٍ فالنارُ أولَى بِهِ» (صحيح الجامع؛ رقم [4519]).
الراوي : أبو بكر الصديق و جابر
سفك الدم
قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلَّا بِالْحَقِّ } [الإسراء: 33]
وقال صلى الله عليه وسلم: « لا يزالُ المؤمنُ في فسحةٍ من دينِه ، ما لم يصبْ دمًا حرامًا» ( صحيح البخاري؛ رقم [6862]).
الضرب
قال صلى الله عليه وسلم: «المسلمُ من سلِم المسلمون من لسانِه ويدِه ، والمهاجرُ من هجر ما نهى اللهُ عنه» (صحيح البخاري؛ رقم [6484])
فماذا عن الغيبة والنميمة؟
هما من أكبر وأخطر المحبطات، وأكثر المنكرات انتشارًا حتى أطلق عليها فاكهة المجالس
الغيبة هي ذكرأخيك بما يكره بالقول أوالإشارة أو المحاكاة
قال صلى الله عليه وسلم: « أتدرونَ ما الغِيبة ؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلمُ قال: ذِكرُكأخاك بمايكرَهُ قال: أرأَيْتَ إنْ كان في أخي ما أقولُ قال: فإنْ كان فيه ما تقولُ فقدِ اغتَبْتَه وإنْ لم يكُنْ فيه فقد بهَتَّه» (صحيح ابن حبان؛ رقم [5759]).
وقد شبه المولى جل وعز الغيبة تشيبها منفرا للغاية حيت نهى عنها بقوله تعالى: {وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّـهَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} [الحجرات: 12]
ومن الغيبة الاستغابة سواء عن عمد أم لا؛ وهي ذكر الأشخاص الذين يتوقع ذكر عيوبهم من قبل الحاضرين
أما النميمة فهي: تقل الكلام الذي يوغر الصدور
قال صلى الله عليه وسلم: «لا يدخلُ الجنةَ نَمَّامٌ» ( صحيح مسلم؛ رقم [ 105]).
كما قال عن اثنين من أصحاب القبور: «أنه مرَّ بقبرينِ يُعذَّبانِ، فقال : إنهُما ليعذبانِ، وما يعذبانِ في كبيرٍ، أما أُحُدٍهما فكان لا يستترُ من البولِ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمةِ .» ( صحيح البخاري؛ رقم [1361]).
والغيبة والنميمة إحداهما تؤدي للأخرى وكلتاهما تقطع بل تمزق الأواصر، فإذا كان أحل الكذب للإصلاح بين الناس، فكيف تسول للمرء نفسه لفعل العكس
وقد قال صلى الله عليه وسلم: «أَلَا أَدُلُّكُم على أَفْضَلَ من درجةِ الصلاةِ والصيامِ والصدقةِ ؟ قالوا : بلى يا رسولَ اللهِ . قال : إصلاحُ ذاتِ البَيْنِ فإنَّ فسادَ ذاتِ البَيْنِ هي الحالِقَةُ . لا أقولُ : إنها تَحْلِقُ الشَّعْرَ ولكن تَحْلِقُ الدِّينَ» (غاية المرام؛ رقم [414]).
من محبطات الأعمال كذلك
المن
قال تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى ۙ لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّـهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا ۖ لَّا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا ۗ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [البقرة 264:262]
هل يتساوى الناس باختلاف العلاقة ؟
بل يتفاوتون بحسب درجة العلاقة
وتبدأ بأقواها:
فعقوق الوالدين هو الذنب التالي للشرك مباشرة
ففي الأوامر قال تعالى: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء: 23]
وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبِّئُكم بأَكبَرِ الكبائرِ . قُلنا : بلَى يا رسولَ اللَّهِ ، قالَ: الإشراكُ باللَّهِ ، وعقوقُ الوالدينِ - وَكانَ متَّكِئًا فجلسَ فقالَ - ألا وقولُ الزُّورِ وشَهادةُ الزُّورِ ، ألا وقولُ الزُّورِ وشَهادَةُ الزُّورِ . فما زالَ يقولُها ، حتَّى قلتُ : لا يسكتُ .» (صحيح البخاري؛رقم [5976]).
إساءة أحد الزوجين للآخر
قال صلى الله عليه وسلم: «كفي بالمرء إثما أن يضيع من يقوت» (صحيح ابن حبان؛رقم [4240]).
قال صلى الله عليه وسلم: «خيرُكم خيرُكم لأهلِه وأنا خيرُكم لأهلي» (صحيح ابن حبان؛ رقم [4177]).
وقال صلى الله عليه وسلم: «اثنانِ لا تجاوز صلاتُهما رؤوسَهما : عبدٌ آبِقٌ من موالِيه ، حتى يرجعَ ، و امرأةٌ عصتْ زوجَها ، حتى ترجِعَ» (صحيح الجامع؛ رقم [136]).
وقال تعالى: { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا } [النساء:34]
وقال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّـهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19]
ومن أهم الواجبات الستر وحفظ كل الحقوق الأخرى
ففى الحديث: «ألا عسَى أحدُكم أن يخلوَ بأهلِه يُغلِقُ بابًا ثمَّ يُرخي سِترًا ثمَّ يقضي حاجتَه ثمَّ إذا خرج حدَّث أصحابَه بذلك ألا عسَى إحداكنَّ أن تُغلِقَ بابَها وتُرخي سِترَها فإذا قضت حاجتَها حدَّثت صواحِبَها فقالت امرأةٌ سفعاءُ الخدَّيْن واللهِ يا رسولَ اللهِ إنَّهنَّ ليفعلن وإنَّهم ليفعلون قال فلا تفعلوا فإنَّما مثلُ ذلك مثلُ شيطانٍ لقي شيطانةً على قارعةِ الطَّريقِ فقضَى حاجتَه منها ثمَّ انصرف وتركها» (الترغيب والترهيب؛رقم [3/127 ]).
أما علاقة الطلاق فقد تكررت الدعوة مرارا وتكرارا إلى تقوى الله وحفظ الحقوق المعنوية والمادية عند حدوث الطلاق
وقد ذكر أحد الدعاة الأجلاء أن أسوأ ما في الطلاق هو ما يتبعه من آثام كالغيبة والميمة وأكل الحقوق وغيرها.
قطع الأرحام
قال تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ. أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّـهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ} [ محمد::22،23]
وقد قرنت الرحم بحقِّ الله تعالى في التقوى ، قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَام} [النساء:1]
وقال صلى الله عليه وسلم: ا «لرحمُ مُعلقةٌ بالعرشِ تقولُ مَن وصلني وصلهُ الله ، ومن قطعني قطعهُ الله» (متفق عليه)
وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يدخلُ الجنَّةَ قاطعٌ» (صحيح البخاري؛رقم [5984]).
وقال صلى الله عليه وسلم: «ما مِن ذنبٍ أجدَرَ أنْ يُعجِّلَ اللهُ لصاحبِه العقوبةَ في الدُّنيا مع ما يدَّخِرُ له في الآخرةِ مِن البغيِ وقطيعةِ الرَّحمِ» (صحيح ابن حبان؛ رقم [455]).
إيذاء الجار
قال صلى الله عليه وسلم:«واللَّه لا يؤمِنُ، واللَّه لا يؤمنُ، واللَّه لا يؤمنُ. قيلَ ومن يا رسولَ اللَّه ؟ قالَ : الَّذي لا يأمنُ جارُه بوائقَه» (صحيح البخاري؛ رقم [6016])
وقال صلى الله عليه وسلم: «من كانَ يؤمِنُ باللَّهِ واليومِ الآخِرِ فلا يؤذِ جارَه ومن كانَ يؤمِنُ باللَّهِ واليومِالآخرِ فليُكرِمْ ضيفَه ، ومن كانَ يؤمنُ باللَّهِ واليومِ الآخرِ فليقُلْ خيرًا أو ليصمُتْ»
(صحيح البخاري؛ رقم [6018]).
قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأصحابِهِ «ما تقولون في الزنا قالوا حرامٌ حرَّمَهُ اللهُ ورسولُهُ فهو حرامٌ إلى يومِ القيامَةِ قال فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأصحابِهِ لَأَنْ يزْنِيَ الرجلُ بعشرِ نسوةٍ أيسَرُ عليه من أنْ يزْنِيَ بامرأةِ جارِهِقال فقال ما تقولونَ في السرقَةِ قالوا حرَّمَها اللهُ ورسولُهُ فهيَ حرامٌ قال لَأَنْ يسرِقَ الرجلُ من عشرةِ أبياتٍ أيسرُ عليه من أنْ يسرِقَ من جارِهِ» (مجمع الزوائد؛ [رقم 8/171]).
وفي الحديث:
«قال رجل يا رسول الله إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصدقتها وصيامها غيرأنها تؤذي جيرانها بلسانها قال : هي في النار قال : يا رسول الله ! فإن فلانة يذكرمن قلة صيامهاوصدقتها وصلاتها ، وإنها تتصدق بالأثوار من الإقط ، ولا تؤذي جيرانها بلسانها. قال : هي في الجنة» ( صحيح الترغيب؛ رقم [ 2560]).
فالعدل الرباني يقتضي أن يأخذ المساء إليه من حسنات المسيء على اختلاف أنواع الإساءة
ولم يقتصرالأمر على الخلق من البشر بل تجوزه حتى أن امرأة دخلت النار في هرة
فكيف يكون الحساب لأجل البشر
والحساب يوم القيامة تكون وحدة قياسه هي الحسنات في مقابل السيئات
فمن ثقلت موازينه فهو عيشة راضية ومن خفت موازينه.. نسأل الله النجاة
وخلاصة الأمر أنه تنبيه لمن بغتر بكثير عمله وهو غافل عن ذلك العداد الذي يحصي عليه اساءاته لخلق الله بما فيها تدمير الجماد الذي ينتفع به .