رسائل البحر
مدحت القصراوي
عزيزي مؤيد القهر والظلم والعلمانية، عزيزي مؤيد الكذب والزور والبهتان، ما دمت ستشرب من (مجاري الصرف)، أنت وأولادك، وأنت ساكت وراضٍ؛ إذن فلا تتكلم عن الأطهار والشرفاء والأُباة، فعارٌ عليك، وعيبٌ، أن تعيبهم ما دمت رضيت أن تعيش في ذلٍ ناقعٍ قد طفح كيله؛ بل قد طفح ريحه!
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
عزيزي مؤيد الظلم والقهر والسفَه في مصر..
لقد بدأت بودار شرب مياه المجاري (المُعالَجة)، وبدأت الروائح والنكهات تتهافت عليك من مواسير المياه، وبدأ الأطفال يعانون من آثارها.
عزيزي، مع مخرجات الصرف إلى شفتيك الغاليتين هناك رسائل لم تفهمها من كتاب الله في حال العافية والظاهر أنك ستفهمها بطريقةٍ أخرى..
أولًا: منهج الله تعالى آمر بكل مصلحةٍ وناهٍ عن كل مفسدة؛ فإذا انحرفْت عنه وسلّمت لأعدائه وأمِنت تهافتت عليك المصائب وأحاطت بك المفاسد {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا* فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا} [النساء: 61-62].
ثانيًا: عندما يشيع البغي والظلم، وتفرح في الغدر والظلم، وتصدق الكذب وتفرح بالباطل، تكون العقوبة عندئذ عامةً ومهلكة، لا تترك ولا تستثني، إلا من شاء الله.
ثالثًا: الجدال بالباطل لن يغير الحقيقة، وسيترتب على محاربة الحق وتشويهه عقوبة، ولن ينفعك أن سميت الحق باطلًا وبالباطل حقًا، فالعقوبة التي تحل لا تتعلق بالمسميات بل بالحقائق، وتزوير بضعة أفراد للحق وتشويهه وتزيينهم للباطل وزخرفتهم له لن يغير الحقائق ولن يمنع عقوبة البغي، قال صلى الله عليه وسلم: «ما من ذنب أجدر أن تعجل له عقوبته في الدنيا مع ما يدخر لصاحبه يوم القيامة: من البغي وقطيعة الرحم» (الترمذي: 2511).
وسيبقى صراخ الجثث المتفحمة والمحترقة في رابعة والنهضة، ورائحة الأجساد الممنوعة من الدفن إلا أن يكتب أهلها بأن أبناءهم انتحروا، وستبقى الرؤوس المتفجرة والقلوب التي أسكنها القناصة رصاصاتهم في طول البلاد وعرضها، وآلام الآلاف؛ مصابين ومعتقلين، ودعوات ملايين المؤمنين وشكواهم لربهم ـ سيبقى كل هذا يصرخ وتنهد له أركان البلاد وأبواب السماء.
رابعًا: عندما يتقاعس أحد عن الأمر والنهي وعن الإيجابية فقد يموت دفنًا تحت ما تطلقه مواسير الصرف معرِجة على مواسير المياه!! بينما رفض الباطل سيمنع البلاد من أن تُمحى من على الخريطة بدون طلقة رصاص واحدة، بسبب الجفاف!.
خامسًا: لن ينجو مَن زيّن الباطل ودعا له من رموز ـ دينية أو سياسية أو فنية أو غيرها ـ ترى أنها ستنجو بنفسها، فقد جاءت بوحْل عام لها ولذريتها، ويحيط بالجميع الآن وللأجيال القادمة.
أخيرًا:
عزيزي مؤيد القهر والظلم والعلمانية، عزيزي مؤيد الكذب والزور والبهتان، ما دمت ستشرب من (مجاري الصرف)، أنت وأولادك، وأنت ساكت وراضٍ؛ إذن فلا تتكلم عن الأطهار والشرفاء والأُباة، فعارٌ عليك، وعيبٌ، أن تعيبهم ما دمت رضيت أن تعيش في ذلٍ ناقعٍ قد طفح كيله؛ بل قد طفح ريحه!