"وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ"

أبو الهيثم محمد درويش

ظنوا أن إمهالهم قد يعني النسيان أو أنهم أكبر وأبعد من حساب الله.

  • التصنيفات: ترجمة معاني القرآن الكريم -

ظلموا وطغوا وتكبروا وعاشوا الدنيا طولاً وعرضاً، ابتعدوا كل البعد عن منهج الله وأصروا على العناد و الاستكبار على عباده والتكاسل عن أداء أوامر الله والإسراع إلى ماحرم الله.

ظنوا أن إمهالهم قد يعني النسيان أو أنهم أكبر وأبعد من حساب الله.

والأمر  والله غير ذلك: ما نسيهم الله ولا هم أكبر من الحساب والمؤاخذة إنما أمهلهم ليختبرهم بالعطاء والنعم فإن الله يملي للظالم ويمهله ليزداد إثما، حتى إذا أخذه لم يفلته.

{وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ}  [إبراهيم: 42 - 43].

قال السعدي في تفسيره:

هذا وعيدٌ شديدٌ للظالمين، وتسليةٌ للمظلومين، يقول تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} حيث أمهلهم وأدرَّ عليهم الأرزاق، وتركهم يتقلبون في البلاد آمنين مطمئنين، فليس في هذا ما يدل على حسن حالهم فإن الله يملي للظالم ويمهله ليزداد إثما، حتى إذا أخذه لم يفلته {وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102] والظلم -هاهنا- يشمل الظلم فيما بين العبد وربه وظلمه لعباد الله. {إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ} أي: لا تطرف من شدة ما ترى من الأهوال وما أزعجها من القلاقل.

{مُهْطِعِينَ} أي: مسرعين إلى إجابة الداعي حين يدعوهم إلى الحضور بين يدي الله للحساب لا امتناع لهم ولا محيص ولا ملجأ، {مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ} أي: رافعيها قد غُلَّتْ أيديهم إلى الأذقان، فارتفعت لذلك رءوسهم، {لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} أي: أفئدتهم فارغة من قلوبهم قد صعدت إلى الحناجر لكنها مملوءة من كل هم وغم وحزن وقلق.

#مع_القرآن

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام