(عرض كتاب) ..(1)
عبد العزيز مصطفى كامل
خاتمة رسالتي جاءت في أكثر من ثلاثين فقرة... سأعرضها على حلقات..لمن شاء الاطلاع عليها، علمًا بأنها رغم حصولها على درجة الامتياز في وقتها، إلا أنني لازلت أجد قضية الحكم بالشريعة والتحاكم إليها تحتاج إلى كثير من الإضافات والتأصيلات وتخريج وتنقيح وتحقيق المناطات..، وفقرات هذه الخاتمة هي خلاصة فقط، وأدلتها النصية وأقوال أهل العلم فيها هي محتوى الرسالة.
- التصنيفات: السياسة الشرعية -
سألني كثيرون من الكرام عن الأفكار العامة لرسالتي - التي طبعت للمرة الثانية مؤخرًا – وطلب بعضهم عرض فهرسها لمعرفة محتواها، لكني رأيت أن الأنسب من الفهرس عرض (الخاتمة..) فخاتمة كل رسالة تتضمن أبرز موضوعاتها وأهم نتائجها وتوصياتها.
وخاتمة رسالتي جاءت في أكثر من ثلاثين فقرة... سأعرضها على حلقات..لمن شاء الاطلاع عليها، علمًا بأنها رغم حصولها على درجة الامتياز في وقتها، إلا أنني لازلت أجد قضية الحكم بالشريعة والتحاكم إليها تحتاج إلى كثير من الإضافات والتأصيلات وتخريج وتنقيح وتحقيق المناطات..، وفقرات هذه الخاتمة هي خلاصة فقط، وأدلتها النصية وأقوال أهل العلم فيها هي محتوى الرسالة.
وهذا نص الثلث الأول من الخاتمة..نسأل الله حسن الخاتمة..
(بعد هذا التطواف الطويل مع نصوص الوحي عن الحكم والتحاكم؛ أجدني أمام فيضٍ من الحقائق والنتائج المهمة أُعَدِدُها فيما يلي:
1- موضوع الحكم والتحاكم من الموضوعات البارزة في القرآن، ولذلك فإن كلام المفسرين وأهل العلم في الموضوع بكل جوانبه كثيفٌ وكثير، وهو لهذا جديرٌ ببذل الجهد لاستخراجه وإبرازه.
2- مادة (حَكَمَ) تأتي في القرآن على أوجهٍ ومعانٍ وإطلاقات متعدِّدة منها:
القضاء – الفصل – الفقه – العلم – الحكمة – النبوة – حسن التأويل – الموعظة – الشريعة – الشعيرة - الاستخلاف.
3- مفهوم الحكم بما أنزل الله؛ يعني استمداد التشريع من القرآن والسنة النبوية الصحيحة، لأن كليهما وحي، وتأتي المصادر الأخرى كالإجماع والقياس وغيرهما مبنيةً على هذين الأصلين.
4- الخطاب الشرعي بالحكم بما أنزل الله والتحاكم إليه؛ ليس خاصاً بالحكَّام والساسة، بل هو خطاب عام يشملهما ويشمل جميع من استرعاهم الله رعيةً، كلًا بحَسَبه.
5- جمهور علماء الأمة على أن شرع من قبلنا هو شرعٌ لنا، ما لم ينسخه شرعنا، وهو يدخل بهذا القيد ضمن ما أنزل الله مما أُمرنا بالحكم به.
6- مصطلح الحاكمية مصطلحٌ جديد، ولكنه وضع لقضية أصليةٍ مسَّلَّمة غير مستحدثة، ولا وجاهة للاعتراض عليه لمجرد كونه جديداً؛ لأن هذا شأن كثيرٍ من المصطلحات التي استحدثها أهل العلم ولم يرد بها نص في الكتاب أو السنة، والحاكمية داخلة في توحيد الإلهية، ومن الخطأ جعلها قسمًا رابعًا مستقلًا. .
7- التحاكم إلى الشريعة عمل قلبي متعلق بالاعتقاد، وهو يعني إفراد الله تعالى بالطاعة، فلا يكمل التوحيد إلا به؛ لأنه داخل في قسم من أقسامه، وهو المعبر عنه بـ (توحيد الطاعة والانقياد)، لهذا فهو من مسائل الأصول لا الفروع.
8- التحاكم إلى غير ما أنزل الله قسمٌ من أقسام الشرك، وهو المعبر عنه بـ (شرك الطاعة والانقياد).
9- الحكم بشريعةً ما؛ حُكمًا عامًا؛ لا يكون عادةً إلا عن تحاكم إليها وضًا بها، فمن تحاكم إلى شرع الله حكم به، ومن تحاكم إلى غيره حكم به.
10- طريقة القرآن في الوصول إلى توحيد الإلهية - ومنه الحاكمية – يكون عن طريق إثبات توحيد الربوبية؛ وبهذا يمكن إثبات انفراد الله تعالى بالأمر والحكم، كما تفرد بالخلق والملك والرزق والتدبير.
11- تفرَدَ الله تعالى بأنواعٍ ثلاثةٍ من الحكم .. أولها : (الحكم الديني الشرعي) المتعلق بالتحليل والتحريم والمنع والإباحة. والثاني : تفرده - سبحانه – بـ (الحكم الكوني القدري)، ومعناه تفرده سبحانه بتقدير أحوال المخلوقات في الدنيا من منشأ وميلاد ومعاش وممات ومعاد، وتعيين حظوظهم من الأرزاق، والآجال، والعافية والابتلاء والصحة والسقم والغنى والفقر والسعادة والشقاء ، وهذه الحظوظ من السعادة والشقاء في الدنيا تتعلق في الغالب بمدى الامتثال للحكم الديني الشرعي ، والثالث هو (الحكم الجزائي) وهو قضاء الله تعالى بين الناس يوم القيامة وما يقسمه بينهم من درجات أو دركات في نعيم أو جحيم، وهو امتداد لما يُختم به من مصائر الحكم القدري، المبني على الامتثال لحكم الله الشرعي .
12- لله تعالى صفات مقدسة، بيَّن القرآن الكريم أنه سبحانه لأجلها استحق التفرد بالحكم قدرًا وشرعًا وجزاءً، وهي صفات اختص بها جل وعلا، ولا يمكن أن يدعي بعضها الذين ينازعون الله في حكمه من المتشرعين الوضعيين، مثل كونه تعالى بكل شيءٍ عليم، وأنه سبحانه على كل شيءٍ قدير، ورؤوفًا بالعباد، وغنيًا عن العالمين، وبصيرًا بكل المبصرات، وسميعًا لكل المسموعات، وحكيمًا، وخبيرًا، ورحيمًا... وغير ذلك من الصفات العُلا التي اشتملت عليها أسماؤه الحُسنى – سبحانه وتعالى -