منظومة الكون متناغمة على التوحيد

أبو الهيثم محمد درويش

لم يشذ عن المنظومة الكونية الموحدة المسبحة بحمد الله إلا المستكبرين المعاندين من الجن و الإنس , كبقعة سوداء في ثوب أبيض ناصع البياض

  • التصنيفات: التفسير -

منظومة الكون متناغمة على التوحيد :
لو تأمل المستكبر عن أمر الله و المعاند لرسالته في الكون من حوله ونظر في بديع خلق الله للعوالم العلوية و السفلية لعلم أن الكون كله منظومة متناغمة موحدة تسبح بحمد الله بلا استكبار أو عناد بل الكل طائع منقاد خائف وجل محب لله , و لم يشذ عن المنظومة الكونية الموحدة المسبحة بحمد الله إلا المستكبرين المعاندين من  الجن و الإنس , كبقعة سوداء في ثوب أبيض ناصع البياض . 
{ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ * وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [النحل 48 - 50]
قال السعدي في تفسيره :

يقول تعالى:   {أَوَلَمْ يَرَوْا}  أي: الشاكون في توحيد ربهم وعظمته وكماله، { إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ }  أي: إلى جميع مخلوقاته وكيف تتفيأ أظلتها، { عَن الْيَمِينِ }  وعن {الشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ } أي: كلها ساجدة لربها خاضعة لعظمته وجلاله، { وَهُمْ دَاخِرُونَ}  أي: ذليلون تحت التسخير والتدبير والقهر، ما منهم أحد إلا وناصيته بيد الله وتدبيره عنده.
{ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مِنْ دَابَّةٍ }  من الحيوانات الناطقة والصامتة، { وَالْمَلائِكَةُ }  الكرام خصهم بعد العموم لفضلهم وشرفهم وكثرة عبادتهم ولهذا قال: { وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ }  أي: عن عبادته على كثرتهم وعظمة أخلاقهم وقوتهم كما قال تعالى: { لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ }   { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ }  لما مدحهم بكثرة الطاعة والخضوع لله، مدحهم بالخوف من الله الذي هو فوقهم بالذات والقهر، وكمال الأوصاف، فهم أذلاء تحت قهره. { وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } أي: مهما أمرهم الله تعالى امتثلوا لأمره، طوعا واختيارا، وسجود المخلوقات لله تعالى قسمان: سجود اضطرار ودلالة على ما له من صفات الكمال، وهذا عام لكل مخلوق من مؤمن وكافر وبر وفاجر وحيوان ناطق وغيره، وسجود اختيار يختص بأوليائه وعباده المؤمنين من الملائكة وغيرهم من المخلوقات.
أبو الهيثم 
#مع_القرآن