الاختلاف و التلاحي

أبو الهيثم محمد درويش

الاختلاف و التلاحي المؤدي إلى التفرق شر مستطير يمنع الخير و يورث الشقاق .
و نفس الأمر مسحوب على أمتنا , لو أعطينا للشقاق فرصة

  • التصنيفات: التفسير -

الأمر كان واضحاً بتعظيم يوم الجمعة فاختلف أهل الأهواء و زعموا تعظيم السبت ففرضه الله عليهم ثم بدأت خياناتهم في اختراق المفروض عليهم .
إذن يبدأ الأمر بالهوى ثم الاختلاف ثم التعصب للهوى ثم السقوط في الإخلال و الانتكاس .
هكذا أهل الأهواء دائما و هكذا كان قادتهم الأولين .
الاختلاف و التلاحي المؤدي إلى التفرق شر مستطير يمنع الخير و يورث الشقاق .
و نفس الأمر مسحوب على أمتنا , لو أعطينا للشقاق فرصة :
عن عُبادةَ بن الصَّامتِ قال: «خرَج النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ ليُخبِرَنا بليلةِ القَدْر، فتَلاحَى رجُلانِ من المسلمين، فقال: خرجتُ لأُخبِرَكم بليلةِ القَدْر، فتَلاحَى فلانٌ وفلانٌ؛ فرُفِعتْ! وعسى أنْ يكونَ خيرًا لكم؛ فالْتمِسوها في التَّاسعةِ والسَّابعةِ والخامسةِ» . [رواه البخاريُّ 2023] و  [مسلم 1174]
تخيل أن الأمة كلها تحرم هذا الخير بسبب اختلاف و تلاحي بعض أفرادها , فما بالنا لو اتسع الخلاف و اتسعت الشقة بين المسلمين .

{ إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } [النحل 124] .
قال الطبري في تفسيره :
وقوله { إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ }  يقول تعالى ذكره: ما فرض الله أيها الناس تعظيم يوم السبت  إلا على الذين اختلفوا فيه، فقال بعضهم: هو أعظم الأيام، لأن الله تعالى فرغ من خلق الأشياء يوم الجمعة، ثم سَبَتَ يوم السبت.
وقال آخرون: بل أعظم الأيام يوم الأحد، لأنه اليوم الذي ابتدأ فيه خلق الأشياء، فاختاروه وتركوا تعظيم يوم الجمعة الذي فَرَض الله عليهم تعظيمه واستحلوه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.
قال السعدي في تفسيره :
يقول تعالى: { إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ }  أي: فرضا { عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ }  حين ضلوا عن يوم الجمعة وهم اليهود فصار اختلافهم سببا لأن يجب عليهم في السبت احترامه وتعظيمه، وإلا فالفضيلة الحقيقية ليوم الجمعة الذي هدى الله هذه الأمة إليه.
{ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }  فيبين لهم المحق من المبطل والمستحق للثواب ممن استحق العقاب  .

أبو الهيثم
#مع_القرآن