ثورة مصر والطريق الطويل

ملفات متنوعة

ثورة مصر عندما نزل الشباب الثائر في مصر إلى الشارع يوم الثلاثاء 25
يناير لم تكن توقعاتهم أو توقعات غيرهم تصل إلى النتيجة التي وصلوا
إليها في هذه المدة التي لا تتجاوز 17 يوما, لقد انهار أحد أقوى
الأنظمة في العالم العربي أمام صمود الشباب..

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -



ثورة مصر عندما نزل الشباب الثائر في مصر إلى الشارع يوم الثلاثاء 25 يناير لم تكن توقعاتهم أو توقعات غيرهم تصل إلى النتيجة التي وصلوا إليها في هذه المدة التي لا تتجاوز 17 يوما, لقد انهار أحد أقوى الأنظمة في العالم العربي أمام صمود الشباب ودعم الشعب له وهي رسالة ذات محتوى كبير ينبغي الالتفات إليه في تعامل الأنظمة مع شعوبها وطريقة إدارة الشعوب لمطالبها المشروعة أمام حكامها, ورغم ضخامة النتيجة التي وصل إليها الثوار في مصر إلا أنها ليست كافية بل أمامهم مشوار كبير حتى يصلوا إلى مرادهم فما فسد خلال عشرات السنين لا يمكن إصلاحه في أيام أو شهور وعلى الشعب أن يعلم أنه ليست هناك عصا سحرية لإعادة الأمور إلى نصابها في كل المجالات بغير بذل المزيد من الجهد والصبر على دفع ضريبة الصمت لسنوات.


لقد كانت جماعة الإخوان صادقة مع نفسها ومع الآخرين عندما أعلنت أنها لن تسعى إلى الوصول للحكم في ظل الظروف الراهنة لأنها لا تريد أن تتحمل وحدها تبعة أخطاء الأنظمة السابقة؛ فالتركة ثقيلة وأكبر من أن يحملها فصيل سياسي واحد, كما قالت الجماعة. وليس من الغريب التأكيد على أن القادم أصعب وأنه يحتاج إلى بصيرة ثاقبة في ظل محاولة جهات عديدة بعضها محسوب على النظام السابق الالتحاق بالثورة وركوب موجة التغيير والحديث بلسان الثائرين, وهؤلاء كانوا في العهد الناصري يدينون بالاشتراكية وفي العهد الساداتي يؤمنون بالانفتاح وفي عهد مبارك مقتنعون بالتوريث, والآن يرون أن التغيير هو سنة الحياة. المشكلة في مصر ليست فقط في وضع آليات لنظام حر يكفل للشعب اختيار من يمثله ووضع ضوابط رقابية على الفساد ولكن المشكلة من أن هناك من يلعبون على كل الحبال وهم من محترفي السياسة والتزوير والفساد ويتلونون بكل لون ويخدعون البسطاء حتى يتمكنوا من السيطرة على مقاليد الأمور وهنا تحدث الطامة..


إن أمام الثورة جهد عظيم في توعية الشعب ولفظ اللصوص والحذر من ألاعيب الحواة الذين أكلوا على موائد الملك والاحتلال قبل ثورة الجيش عام 1952 وكانوا من علية القوم, ثم أصبحوا كذلك هم وأولادهم بعد الثورة وحتى الآن هناك عائلات ثرية وحاكمة بالوراثة وليس بالكفاءة والمجهود, هؤلاء لن يرضوا أبدا بالتخلي عن مواقعهم ولو حدث فلفترة صغيرة ثم يبحثون عن طريقة للرجوع.

ومن التحديات الكبرى أمام الثورة الحذر من التفرق؛ فينبغي التركيز على المطالب الكبيرة والأساسية وعدم الالتفات للفرعيات الآن التي يمكن أن تفرقهم وتسهل الطريق للمتربصين لكي يمنعوا عودتهم إلى ميدان التحرير بنفس القوة إذا حدث تلاعب في الوعود التي قطعت لهم, فشباب الثورة صغار في السن


وقد يرى البعض أنه قد يسهل خداعهم واللعب برؤوس بعضهم لشق صفهم وعندئذ يرجع الحرس القديم بثوبهم الجديد.

كذلك على شباب الثورة الانتباه لمسألة القيادة وليس معنى ذلك استيراد قيادة كبيرة ذات خبرة, كما يرى البعض, ولكن المقصود هو تشكيل مجلس قيادي من بينهم يتكلم باسمهم وبشكل رسمي, وفي الفترة الأخيرة سمعنا عن مجلس ائتلاف للثورة ولكن ما زال بعض المشاركين في الثورة يدلي بأحاديث فردية تبدو متضاربة وهذا يضعف الزخم الذي اكتسبته الثورة ويشتت من أهدافها.


إن وضوح الرؤية عند أصحاب الثورات وعدم تنازلهم عن مبادئهم ووحدة أهدافهم هو الذي يحفظ ثورتهم من العبث بها, ودعم الجماهير لمطالبهم العادلة هو الذي يجبر الأنظمة على الانصياع لها, فالطريق طويل أمام الوصول للركائز الأساسية لنظام حكم عادل فضلا عن ثورة أخرى تحتاجها البلاد لتطوير الاقتصاد, والتعليم والصحة.

 

المصدر: خالد مصطفى - موقع المسلم