الفلوجة ... عبق الجنة
ملفات متنوعة
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
لم يكن غريبا إذا , ما كنا نسمع عما كان يجري في ساحات الوغى بين المسلمين وغيرهم
لم يكن غريبا أبدا قول الله تعالى { إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون } [الأنفال :65]
لم يكن غريبا أبدا أن يقاتل المسلمون بثلاثمائة رجل وأن يكون أعداؤهم قرابة ثلاثة أضعاف ثم يكون الظفر لهم .
لم يكن غريبا أبدا أن يقاتل المسلمون وتعدادهم ثلاثة آلاف في غزوة مؤتة وعدوهم أضعاف مضاعفة
لم يكن غريبا إذا , مافعله البراء بن مالك يوم استعصى مسيلمة ومن معه في حديقة عالية البنيان باسقة الجدران فقال للقوم ضعوني على ترس ثم احملوني على أسنة الرماح واقذفوني إلى داخل الحصن فإما أن أقتل وإما أن أفتح لكم باب الحصن ففعلوا فوقع بين آلاف مؤلفة من جند مسيلمة فنزل عليهم كالصاعقة وقاتل لوحده وقتل العشرات وفتح الباب وبه ثمانون طعنة وتدفق المسلمون من الباب وقتلوا مسيلمة ومن معه
لم يكن غريبا أبداً أن يحفر ثابت بن قيس حفرة في الأرض ليثبت نفسه فيها, ويقاتل الأعداء ويقتل منهم ثم يقتل
نعم لم يكن غريبا أبدا بعدما رأينا بأعيننا وسمعنا بآذاننا ثلة من المؤمنين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فدافعوا عن عرضهم وأرضهم ودينهم وحطموا جبروت أقوى دولة في العالم بطائراتها ودباباتها وجنودها ,
كأن فيهم جعفر عندما قال :
ياحبذا الجنة واقترابها طيبة وبارد شرابها
والروم روم قد دنا عذابها كافرة بعيدة أنسابها
علي إذا لاقيتها ضرابها
كأن فيهم ابن رواحة عندما قال :
أقسمت يا نفس لتنزلنه لتنزلن أو لتكرهنه
إن أجلب الناس وشدوا الرنة مالي أراك يانفس تكرهين الجنة
إنها الفلوجة أيها الأخوة , فلوجة التضحية والفداء , والكرم والعطاء , وأي كرم أكثر من أن تهب الأم أولادها , والأرض أبناءها .
هناك في الفلوجة ينبع ماء الحياة , وتسطع شمس الحقيقة , وتلمع بوارق الأمل
هناك في الفلوجة ملائكة كرام , صاعدة بأرواح الشهداء , هابطة بألطاف الرحمن
هناك في الفلوجة روائح المسك لمن عرف المسك , وعبق الجنة لمن شم رائحة الجنة
هناك في الفلوجة مدرسة الحياة لمن أراد الحياة , ومدرسة الجنة لمن اشتاق للجنة
لقد علمتني أيتها الفلوجة دروسا وعبر
علمتني أنه مازال في أمتي بقية باقية من عزة وكرامة
علمتني أننا نستطيع أن نفعل كل شئ إذا وحدنا الهدف , وتعانقنا مع الموت , وأخلصنا الحياة والممات لله رب العالمين
وكشفت لي أن دماء المسلمين رخيصة عند أهل الأرض , غالية عند أهل السماء
وكشفت لي أنه ما زال في أمتي قلب ينبض , ودمع يجري , و جسد يتداعى بالسهر والحمى
لقد أزحت الظلمة عن القلوب , والغشاوة عن الأبصار والصمم عن المسامع , والكسل عن الأعضاء فمن لم ير ولم يبصر ولم يسمع ولم يتحرك من أمتي فهو داخل في قوله تعالى :
{ ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون } [الأنفال :23]
فيا أهل الفلوجة الأبطال أعدتم إلينا خبر الأجداد , وأجليتم أمامنا صور الأعداء , ونفثتم فينا حب التضحية والفداء
يا شهداء الفلوجة : إذا لاقيتم الرحمن , وأدخلتم الجنان , فاطلبوا للمعذورين من أمتكم الغفران
فما قطعتم واديا ولا سلكتم طريقا إلا كنا معكم بقلوبنا وأرواحنا ودعائنا فهنيئا لكم فقد اخترتم الطريق السريع والموصل إلى الجنة .