مناقشة ادعاء المهدية لإمامة اليماني

أحمد علوان

إن اليماني اعتمد على هذه الوصية في تأسيس دعوته، فطالما أنه اعتمد عليها، فالوصية من وجهة نظره صحيحة السند، ثابتة في المصادر الشيعية

  • التصنيفات: مقارنة الأديان -

الوصية من حيث السند :
ولمناقشة الوصية التي ادعاها اليماني، فالاستعانة بالله ثم مناقشتها من خلال ردود علماء الشِّيَعة وذلك من خلال السند والمتن والأسماء التي ذكرت في الوصية.

مناقشة الوصية من حيث السند:
إن اليماني اعتمد على هذه الوصية في تأسيس دعوته، فطالما أنه اعتمد عليها، فالوصية من وجهة نظره صحيحة السند، ثابتة في المصادر الشيعية، وتأتي مناقشة رجال ورواة الوصية في النقاط التالية:
1-آراء المهديين في سند الوصية:
لقد أعلن اليماني مكانة وقيمة تلك الوصية، وأنها وصلته بسند صحيح، وذلك في بيان له نقله عنه أحد أنصاره، حين قال: "لقد بشركم بي جدي رسول الله وذكرني في وصيته باسمي وصفتي، ووصلت لكم هذه الوصية بسند صحيح وذكرها علماء الشِّيَعة في كتبهم"[1].
فاليماني يزعم أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وصى به، بل ذكره باسمه وصفته ودل الناس عليه، وأن الوصية التي أوصى بها رسول الله  صلى الله عليه وسلم  علياً صحيحة السند، وأكد اليماني على صحتها بأن علماء الشِّيَعة قد ذكروها في كتبهم، كل هذه وغيرها من الأنصار محاولات لإثبات الوصية؛ لأنها سيد الأدلة وهي عمدة الدعوة اليمانية، وهي الرواية الوحيدة الفريدة التي لو بطلت لبطلت الدعوة، فهم يحاولون تلميعها وتصحيحها وإن كان علماء الشِّيَعة لهم كلام فيها كما سيأتي في مناقشتهم لها والرد عليها.
إن اليماني في بيانه السابق يؤكد قولاً واحداً بصحة سند الوصية، وسيظهر التعارض والتناقض كثيراً في مناقشة رواياته وكلامه بينه وبين أنصاره وأتباعه، فالشيخ ناظم العقيلي وهو من أقوى مريديه ومؤيديه، يقول بغير ذلك، ففي كتابه (الوصية والوصي أحمد الحسن) معلقاً على الوصية يقول: "والوصية كما عرفت متواترة معنىً لوجود مضمونها في كثير من الروايات التي لا يمكن إنكارها، وإن تنزلنا عن التواتر فهي خبر محفوف بقرائن عديدة فيفيد العلم والاعتماد معاً، وقد نُقل عن الميرزا النوري في كتابه (النجم الثاقب) قوله عن الوصية: بأنها معتبرة السند"[2].
فالتعارض بيّن وواضح من خلال الجمع بين كلام اليماني وبين من ينوب عنه في المناظرات-العقيلي-، فقد جزم اليماني بصحة السند، في حين أن العقيلي قال بتواترها معنىً، ثم نزل عن التواتر وجعلها خبراً محفوفاً بالقرائن، وفي النهاية رضي بكلام الميرزا بأنها معتبرة السند.
والحكم في نظر العقيلي على صحة السند وضعفه من وجهة نظره يكون بالنظر في رواة الوصية، فإن كانوا شيعة إمامية فالرواية معتبرة وصحيحة، وإلا فلا تقبل، واستشهد العقيلي بتعريف الحديث القوي عند محدثي الشِّيَعة بأنه: "ما لو كانت سلسة السند إماميين مسكوتاً عن مدحهم وذمهم، كلاً أو بعضاً ولو واحداً مع تعديل البقية فقوي في الاصطلاح لقوة الظن فيه"[3]، "فالرواية عند العقيلي تندرج تحت الحديث القوي؛ لأن رواتها كلهم من الشِّيَعة الإِمَامِيَّة، ويرفع الرواية لدرجة الصحة اعتماد الأكابر لها كالشيخ الطوسي وغيره، فهذا يخرجها من نوع القوي ويلحقها بالصحيح"[4].

2-آراء الاثني عشرية في سند الوصية:
تناول بعض علماء الشِّيَعة الرد على ما اعتقده اليماني في سند الوصية، الذي يرى أنه الفارق بين الحق والباطل، فيرد بعضهم على رواية الوصية بأنها ضعيفة السند، فيقول صاحب (الشهب الأحمدية): "وأما أحمد إسماعيل فإنه استدل على إثبات إمامته برواية واحدة ضعيفة السند غير مشهورة بين الناس"[5]. 
ويرى آخر أن الرواية لم تأت إلا من طريق واحد، فهي آحاد لا يصح الاعتماد عليها، وبه قال صاحب (الشهب العلوية) في رده على اليماني وأنصاره: "ومن المعيب عليكم أن تستدلوا بهذه الرواية لأنها آحاد، والآحاد لا يصمد أمام المتواتر والمستفيض، فكل الروايات ضد روايتكم"[6].
ويقول ثالث:"هذه الرواية سندها ضعيف، بل مظلم جداً، وأغلب رواتها مجاهيل، لم يرد لهم ذكر في كتب الرجال، لا بمدح ولا بقدح"[7].
ويأتي نزاع الطرفين-المهديين والاثني عشرية- حول الرواة، فالمَهْدِيُّون يقولون بصحة الرواية باعتبار أن رواتها موثقون ولا خلاف في شيعتهم الإِمَامِيَّة، وهذا جعلها في مرتبة القوي، بل اعتماد كبار الشِّيَعة لها جعلها في مرتبة أعلى وهي قسم الصحيح، في حين أن من رد عليهم من علماء الشِّيَعة يرى أن رواة الوصية المزعومة غير معروفين، فيأتي رد الشيخ علي الكوراني قائلاً: "ففيها –أي سند الرواية- مجهولون لم يوثقهم أحد من علمائنا مثل: علي بن سنان الموصلي، أحمد بن محمد بن الخليل، وجعفر بن أحمد البصري"[8].
وأكد صاحب كتاب (البرهان الساطع): "أن هذه الرواية جل رواتها إما عامة من السنة أو مجهولين والرواية في قمة الضعف والشذوذ، وهذه الرواية ليس لها أي طريق آخر البته"[9].
وقد تتبعت أسماء الرواة-علي بن سنان الموصلي، أحمد بن محمد بن الخليل، وجعفر بن أحمد البصري- في كتب الرجال المعتمدة-رجال الطوسي والفهرست، رجال النجاشي، رجال الكشي-[10] عند الشِّيَعة، فلم أجد لأحد منهم ذكراً ولا تعريفاً، إلا الحسين بن عليّ بن سفيان، فذكره النجاشي في رجاله، فقال عنه: "هو الحسين بن عليّ بن سفيان بن خالد بن سفيان أبو عبدالله البِزَوْفَري[11]-، شيخ ثقة، جليل من أصحابنا"[12].
ويضيف العقيلي-من أتباع اليماني- كلاماً عن بعض الرواة الذين لم يتعرض لهم أحد من علماء الرجال ومن غير اعتماد على كتب الرجال، مما يستدعي الشك فيه وعدم التسليم به، فقال: "علي بن سنان الموصلي: هناك رواية تدل على تشيعه وحسن عقيدته، جعفر بن أحمد المصري: شيعي، ولم يبق أحد من رواة الوصية لم يعلم تشيعه إلا أحمد بن محمد بن الخليل، ولا ينبغي الشك في تشيعه لشهادة الطوسي له"[13].
وهذا الكلام غَيْرُ مُسَلَّمٍ به، وفيه نظر من  وجهين:
الأول: قيمة كتاب الغيبة للطوسي:
إذا كانت الوصية التي اعتبرها اليمانيون مقدسة؛ لأنها وردت في كتاب الغيبة للطوسي، والطوسي من أعلام المذهب الشيعي، بل هو شيخ الطائفة كما يعرفونه، لكن الكتاب لم يسلم من النقد من حيث رواة رواياته، فكان للشيعة فيه مقال، وهو:"أن أكثر رواة رواية كتاب (الغيبة)
مجاهيل، لا يُعرفون من هم، ولم تثبت وثاقتهم، فتكون الرواية ساقطة، لا تصلح للاستدلال بها على شيء، فضلاً عن صلاحيتها للاستدلال على إثبات اثني عشر إماماً بعد الإمام المهدي المنتظر عليه السلام"[14].
الثاني: الحكم على سند الوصية:
إن سند الوصية لم يسلم من نقد علماء الشِّيَعة القدامي، فقد قال الحر العاملي:"حديث الانثي عشر بعد الاثني عشر: اعلم أنه قد ورد هذا المضمون في بعض الأخبار، وهو لا يخلو من غرابة وإشكال، ولم يتعرض له أصحابنا إلا النادر منهم، ولا يمكن اعتقاده جزماً قطعاً؛ لأن ما ورد بذلك لم يصل إلى حد اليقين، بل تجويزه احتمالاً على وجه الإمكان مشكل، وبالجملة فهو محل التوقف إلى أن يتحقق وتظهر قوته على معارضه، وأنه ورد من طرق أحدها مارواه الشيخ في كتاب (الغيبة) في جملة الأحاديث التي رواها من طريق المخالفين"[15].
ويؤكد العاملي أن الحديث من مرويات العامة، فيقول:"ولا يخفى أن الحديث المنقول من كتاب الغيبة من طرق العامّة، فلا حجة فيه في هذا المعنى، وإنما هو حجة في النص على الاثني عشر، لموافقته لروايات الخاصة، وقد ذكر الشيخ-الطوسي-بعده، وبعد عدة روايات أحاديث أنه من روايات العامة"[16].
 ويؤكد أحد أنصار اليماني- العقيلي- ما تقدم من تشكيك في كتاب (الغيبة) وغيره من كتب الرجال، فيقول:"والحال أن كتب الرجال وخصوصاً كتاب النجاشي والطوسي وابن الغضائري، لاسند لها ولاطريق إلا ما ندر، وكلها أقوال لا تصمد أمام النقد العلمي أبداً"[17].
وهذه اتهامات خطيرة، فهم بذلك يسقطون كل الروايات التي يرويها الشِّيَعة بوجه العموم، من كتاب الغيبة، وفيما اعتمد عليه المهديون بوجه الخصوص في كتبهم على تلك الوصية.
فالمهم عند اليماني أو أحد أتباعه أن يصلوا إلى مرادهم وفقط، سواء كان هذا مطابقاً للبحث العلمي أو غير مطابق، فالرواية المزعومة شكك فيها علماء الشِّيَعة من حيث الرواة ورجال الرواية، وبتتبعنا لرواتها وجدنا ثلاثة ليس لهم أي ذكر، فكيف تقبل الرواية ونحن لا نعرف من رواتها؟، وهم يقولون ما داموا شيعة فروايتهم مقبولة، وما أدراكم أولاً: أن الذي سقط من السند شيعي وهو ليس له أي تعريف عند الرجال، ثانياً: هل أي شيعي عندكم يؤخذ منه ويكون عدلاً ثقة ضابطاً ويُروى عنه؟، فإن كان الأمر كذلك فهذا يشكك فيما تروونه وتنقلونه عن أشياخكم ومرجعياتكم، وعليه فقد حصل الشك في سند الوصية التي صارت مُدَلَّسَة وليست مقدسة.

3-رأي أهل السنة في مرويات الشِّيَعة:
من خلال ما سبق من عرض آراء وأقوال الاثني عشرية والمهديين، حول سند الوصية، والكتاب الذي ذكر الوصية، حيث اعتمادهم في معتقداتهم وأصول مذهبهم على مثل هذه الروايات المكذوبة والموضوعة، نرى ميزانها في نظر علماء أهل السنة، ونبين قيمته من عدة وجوه:
الوجه الأول: مصنفو كتب الرجال الشيعية في نظر أهل السنة:
"ومن الملاحظ أن مصنفي هذه الكتب قد أهملوا ذكر مواليد ووفيات الرواة ولا في أي طبقة هم، مع العلم أن كل من أتى بعدهم لا بد وأن يرجع إلى هذه المصنفات، فإذا كان الأصل هكذا فالفرع سيكون أشد سوءاً، أما الكتب الأخرى كأعيان الشِّيَعة، وتنقيح المقال، وجامع الرواة، وغيرها فإن مؤلفيها ماتوا في القرن العشرين الميلادي أو القرن الرابع عشر الهجري، وبالتالي فبعد المسافة بينهم وبين زمان أصحاب الكتب الأولى يضعف من قيمة هذه الكتب من الناحية العلمية، وخصوصاً في هذا الفن: فن الجرح والتعديل الذي يعرف أهميته بعلم أصول الحديث"[18].
الوجه الثاني: رواة الشِّيَعة في نظر أهل السنة:
"وجميع رواة الغيبيات عن الأئمة الاثني عشرية معروفون عند علماء الجرح والتعديل من أهل السنة بأنهم كانوا كذبة، لكن أتباعهم لا يأبهون لذلك ويصدقونهم فيما رووه من الغيبيات عن الأئمة"[19].

الوجه الثالث: رأي علماء أهل السنة في مرويات الشِّيَعة بوجه العموم:
"إن أخبار الشِّيَعة متونها موضوعة وأسانيدها كلها مفتعلة مختلقة، والوضع زمن الأموية والعباسية كان شائعاً غاية الشيوع للدعوة والدعاية لأسباب أساسية، وقد كان أعداء الإسلام وعداء الدولة الإسلامية من اليهود والمجوس يتظاهرون بالدين نفاقاً ويضعون الأحاديث مكراً بالدين وإثارة للفتن، وأصل الأكاذيب في أحاديث الفضائل كان من الشِّيَعة المتظاهرة، لم يحملها على ذلك إلا عداوة الخصوم، ثم توسعت الشِّيَعة المتظاهرة وأخرجتها العصبية من ذكر الفضائل إلى تعداد الرزائل، فوضعت أحاديث شنيعة في نفاق أكابر الصحابة رضي الله عنهم  وارتداد كل الأمة"[20].
هذا هو كلام أهل العلم من أهل السنة حول مرويات وروايات الشِّيَعة بما فيهم المَهْدِيّين الشِّيَعة، وأن ما اعتمد عليه المَهْدِيُّون ومن قبلهم الإِمَامِيَّة والاثنا عشرية، وكل الشِّيَعة لا يقوم عليه مذهب، ولا تُبنى عليه دعوة.
ثانياً: مناقشة الوصية من حيث المتن:
تم مناقشة الوصية من حيث سندها ورواتها، وتم عرض أقوال أتباع اليماني ومن عارضهم، وكُلٌ أدلى بدلوه، واتضح مدى التشكيك في سند الوصية، ولو سلمنا بصحة السند فهذا يدعونا لمناقشة الوصية من حيث المتن، وكيف تمسك بها أنصار اليماني، والردود التي انهالت عليهم من المناهضين لدعوتهم.
إن فهم المَهْدِيّين للوصية التي صارت مشبوهة حسب ما يريدون هو الذي جعلهم ينافحون ويناضلون عنها، وإن كان في ذلك مخالفة لعموم وإجماع الشِّيَعة، وبالنظر إلى فهم اليماني وأنصاره للوصية، فهم يرون أن الوصية لا تنطبق بل يجب ألا تنطبق إلا على اليماني، ولا ينبغي أن يفهم أحد خلاف ذلك، ومن فَهْمِهم للوصية يتضح ذلك، فقد تعرضوا لشرحها وفهمها في الموقع الرسمي لهم، وفي المجلة الرسمية الأسبوعية، ومن خلال كتبهم ومؤلفاتهم ومنشوراتهم، ومنه ما أخبر به بعض أنصار اليماني في رده على كتاب الكوراني،(فعاليات صهيونية وهابية في العراق)، حيث ألفه الكوراني للطعن في الوصية التي بُنيت عليها دعوة اليماني، وأن "كل ما نذكره عن الوصية ينطبق على السيد أحمد الحسن  عليه السلام فطالما احتج بالوصية، فهو حتماً صاحب الوصية وهو أحمد المذكور فيها، وإلا لا يبقى دليل وصي أبداً"[21].
يُجيب صاحبُ الوصية-اليماني في زعم المهديين- عن سائل يسأله عن شخصية اليماني، فيجيب قائلاً: "وقد ثبت بالروايات المتواترة والنصوص القطعية الدلالة أن الحجج بعد الرسول محمد، هم الأئمة الاثنا عشر وبعدهم المَهْدِيُّون الاثنا عشر، ولا حجة لله في الأرض معصوم غيرهم، وقد مضى منهم أحد عشر إماماً، وبقى الإمام المهدي والاثنا عشر مهدياً، واليماني يدعو إلى الإمام المهدي، فلا بد أن يكون اليماني أول المهْدِيّين؛ لأن الأحد عشر مهدياً بعده هم من ولده، والثابت أن أول المهْدِيّين هو الموجود في زمن ظهور المهدي وهو أول المؤمنين بالإمام المهدي، في بداية ظهوره وتحركة لتهيئة القاعدة للقيام، كما ورد في وصية رسول الله ومن هنا ينحصر شخص اليماني بالمهدي الأول من الاثني عشر مهدياً"[22].
وكل الشروح التي تعرض لها الأنصار تقول بمثل ذلك، وللرد عليهم: فقد تناول علماء الشِّيَعة ومراجعها الوصية بالنقد والتشكيك في متنها ومضمونها، فيقول صاحب كتاب (دجال البصرة) معلقاً على الوصية: "كل هذه الأحاديث تنص على أن هؤلاء المهْدِيّين يكونون بعد الإمام المهدي عليه السلام لا قبله، لكن هذا الدجال يكابر ويزور ويقول إنهم من أولاد المهدي وأنا أولهم، وأنا جئتكم قبل الإمام المهدي"[23].
ويرى آخر أن المتن فيه تعارض، إذ يقول:"صدر الرواية يخالف ذيل الرواية، وهذا يحيلنا إلى خيارات: إما أن نسقط الرواية لعدم إمكان الجمع، أو إسقاط أحد المتعارضين، ولا يمكن إسقاط الصدر حيث إنه المتواتر الإخبار عن الاثني عشر إماماً، فيتحتم الخيار الثالث هو إسقاط ذيل الرواية حيث المَهْدِيّين الاثني عشر، ففي الصدر: فأنت يا علي سماك الله: عليا المرتضى، وأمير المؤمنين، والصديق الأكبر، والفاروق الأعظم، والمأمون، والمهدي، فلا تصح لغيرك، ثم في الذيل( ثم يكون من بعده اثنا عشر مهدياً) وذكر الاسم الثالث للمهدي: المهدي، فكيف يقول: لا يصح اسم المهدي إلا للإمام علي وأول المَهْدِيّين اسمه المهدي"[24].
وكما سبق ذكر علماء الشِّيَعة المحدثين، يُرْجَع إلى القدامي حيث مصدر الوصية عند الطوسي في الغيبة، ونقلها عنه كل من: الحر العاملي في كتابيه (الإيقاظ من الهجعة)، وكتاب (إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات)، وعز الدين الحلي في (مختصر البصائر)، ومحمد صادق الصدر في (تاريخ ما بعد الظهور)،  والمجلسي في بحار الأنوار،  فقد ذكرها بين ثمانِ روايات، وكانت هي السادسة، وعقب بالسابعة، وفيها: "عن الصادق: أن منا بعد القائم اثنا عشر مهدياً من ولد الحسين"، ثم علق المجلسي على جملة الروايات قائلاً: "هذه الأخبار مخالفة للمشهور، وطريق التأويل أحد وجهين: الأول: أن يكون المراد بالاثني عشر مهدياً النبيُّ وسائر الأئمة سوى القائم، بأن يكون ملكهم بعد القائم، الثاني: أن يكون هؤلاء المَهْدِيُّون من أوصياء القائم هادين للخلق في زمن سائر الأئمة الذين رجعوا لئلا يخلوا الزمان من حجة، وإن كان أوصياء الأنبياء والأئمة أيضاً حججاً"[25].
فالمجلسي اعترف بأن الروايات تخالف المشهور، لكن بمحاولته لتأويلها، فقد يحتمل أن يكون هؤلاء المَهْدِيُّون الذين ذكرتهم الوصية يكونون من أوصياء القائم، وعلله بألا يخلو الزمان من حجة، وبذلك يفتح باباً لليماني ولغيره أن يدعوا المهدوية أو الوصية، ويوضح صاحب البحار أكثر فيذكر هامشاً فيما جاء في الوصية "فليسلمها إلى ابنه أول المَهْدِيّين"، حيث ذكر المجلسي، أنها "أول المقربين"، وليس "أول المَهْدِيّين" وقال فيها تصحيف، وأن المهدي المنتظر هو الإمام الثاني عشر، وبعد يكون أول المَهْدِيّين من اثني عشر مهدياً إن صح الحديث.
وَرَدَّ كلامَ المجلسي أحدُ أعلام الاثني عشرية-محمد صادق الصدر-، بقوله:"إن المجلسي يعترف سلفاً أن كلا الوجهين نحو من أنحاء التأويل، والتأويل دائماً خلاف الظاهر، فلا يصار إليه إلا عند الضرورة، ولا يكفي مجرد الإمكان أو الاحتمال لتأويله"[26].
وهكذا ناقش العلماء نص الوصية التي تمسك بها اليماني من ناحية السند والمتن، يبقى مطابقة الاسم كما جاء في الوصية، وزعم أحمد إسماعيل أنه المراد، فاسمه أحمد، والوصية ذكرت اسم أحمد.
ثالثاً: مناقشة الوصية من حيث مطابقة الاسم:
إن اليماني لا يزال مصراً على أن الوصية له، فإن كان سند الوصية قد ناله الشكوك، والمتن لا ينطبق عليه، إلا أنه يُصِرُّ على تشابه الأسماء، وهذا من وجوه الاستدلال عنده؛ فحيث إن اسمه أحمد وهو الذي أظهر الوصية وقال بها إذاً فهي تنطبق عليه؛ لأنه لا يستطيع أحد أن يزعم أو يدعي ذلك، فيذكر رئيس تحرير مجلة "الصراط المستقيم" في ردوده على المعارضين: "الوصية كما ترون ذكرت اسم أحمد فهل هو السيد أحمد الحسن عليه السلامأم غيره؟ أليس يوجد في العالم عدد كبير من الناس اسمهم أحمد، فما الذي يجعلنا نحصرها بالسيد أحمد الحسن؟ فيرد نحن نستدل على أن المعنى هو أحمد الحسن انطلاقاً من أن الوصية لا يمكن أن يدعيها غير صاحبها "[27].
فهذا استشهاد في غير موضعه، وكلام ليس له صلة بالعلم في شئ، ولذا جعل المعارضين والمخالفين يتصدون لمثل هذه الترهات، فيأتي الرد من صاحب الشهب فيقول:"وهذا ليس بوصية لأحمد إسماعيل، ولا دلالة في الرواية على أنه المراد، فإن كل من اسمهم أحمد، وهم كثيرون جداً يتمكنون من أن يدعوا نفس ما ادعاه أحمد إسماعيل، بل إن بعض الروايات أكدت أن الإمام لا يكون إماماً إلا إذا نص عليه الإمام السابق باسمه وعينه "[28].
وحاول أنصار اليماني مطابقة الاسم الوارد في الوصية لاسم أحمد إسماعيل، فقالوا:               "فالمهدي الذي يكون اسمه اسم رسول الله، واسم أبيه اسم أبي رسول الله، ليس هو العسكري، فالإمام العسكري اسمه واسم أبيه محمد بن الحسن العسكري، لكن المقصود به هو الإمام المهدي الأول الذي ذكره رسول الله في وصيته ليلة وفاته، وذكر له ثلاثة أسماء(أحمد، عبدالله، المهدي ) فهو أحمد الحسن عليه السلامالذي احتج بوصية رسول الله؛ لأن اسمه أحمد واسم أبيه إسماعيل، فأصبح اسمه كاسم رسول الله الذي ذكره القرآن: {ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد}[الصف:6]، ويكون اسم أبيه كاسم أبي رسول الله وهو إسماعيل، عملاً بحديث: «أنا ابن الذبيحين»[29]، وهما: عبدالله هو الأب المباشر للنبي، وإسماعيل بن نبي الله إبراهيم "[30].
إن ليَّ الفهم للوصية واضح وجلي، فالمطلوب فهمه هو ما فهموه هم،  ويظهر ذلك أكثر في مصدر آخر يزعم فيه علاء السالم زعماً على زعم فيقول: "وبعد أن توضّح أن اسم المهدي اسم جده–رسول الله- أحمد بنص الوصية، أطلب من الجميع إعادة النظر إلى الوصية المقدسة لتحديد اسم الوصي الثالث عشر،ثم تنسبوه إلى الوصي الحادي عشر فماذا سيكون الناتج المجموع من الاسم ونسبته؟ إنه أحمد الحسن أليس كذلك يا أمة محمد؟"[31].
إن نهج اليماني هو نفس نهج الشِّيَعة الإمامية، فإذا كان اليماني قد ادعى الإمامة بالنص والوصية السابقة، فالإمامية يقرون بذلك، ويقولون:"إن الإمامية تعتقد أن الله سبحانه لا يخلي الأرض من حجة على العباد من نبي أو وصي ظاهر مشهور أو غائب مستور، وقد نص النبي وأوصى إلى ولده الحسن وأوصى الحسن أخاه الحسين، وهكذا إلى الإمام الثاني عشر-المهدي المنتظر-، وهذه سنة الله في جميع الأنبياء من آدم إلى خاتمهم"[32].
إذاً فالمسألة مشتركة بين المهديين والإمامية، غير أن الإمامية ينكرون على أي أحد أن يدعي الإمامة، فمن ادعاها فهو كافر، جاء عند الكليني روايات عدة، نذكر بعضها، "محمد بن يحيى عن عبدالله بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبان، عن الفضيل، عن أبي عبدالله  عليه السلام قال: من ادعى الإمامة وليس من أهلها فهو كافر"[33]، ويعدونه أيضاً من الذين كذبوا على الله، "الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن عبدالله بن عبدالرحمن، عن الحسين بن المختار، قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام: جعلت فداك ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله؟ قال: كل من زعم أنه إمام وليس إمام، قلت: وإن كان فاطماً علوياً، قال: وإن كان فاطماً علوياً"[34].
فالنصوص التي سبقت تنفي ادعاء أي شخص للإمامة، وأي شخص يزعم ذلك، فقد حكم عليه مسبقاً عند مراجع الشِّيَعة القدامي، وعلى خطاهم سار المحدثون.
أما أهل السنة والجماعة-ثَبَّتنا الله على مذهبهم ومنهجهم- ردوا على مسألة الإمامة بالنص والتعيين-مع العلم بأن ما ينطبق على الشِّيَعة ينطبق على المهديين- وموقفهم منها، "فإن الشِّيَعة تولي مسألة الخبر المتمثل في دعوى النص أو الوصية أهمية كبرى، فهي الحجر الأول في بناء المذهب، والقاعدة الأساسية في كيانهم العقدي، ولا شك أن النص على عين من يتولى إمامة المسلمين إلى أن تقوم الساعة غير ممكن، إلا في عقل الرافضة، وقد انتهى بهم هذا القول إلى الاستسلام لوهم كبير، حيث اضطروا إلى القول بحياة واحد من البشر قروناً مديدة (وهو مهديهم الذي ينتظرونهـ) فأصبحوا ضحكة الأمم"[35].
فالنتيجة التي يريدها المَهْدِيُّون أن يقر الغير بما أقروا به، وأن يقتنع بما لا يقنع، فالأمر صعب فهمه، فلا يسعنا إلا أن نسلم بما يقولون، وقد أقروا وأعلنوا ذلك حين رد العقيلي على المشككين في دعوتهم فقال:"من المعلوم أن مسألة قيام القائم هي من أسرار آل محمد وقد وردت روايات تؤكد ضرورة التكتم على أمر المهدي؛ لأن قيامه هو أمل الأنبياء والمرسلين[36]، وجاءت روايات على نحو الرمز والتمويه، للحفاظ على هذه الثورة المقدسة، والمعلوم أن القائد الحكيم لا يكشف
عن خطته، فربما يجعل فيها الخدع والغموض والتمويه المتعمد"[37]. 
إنها الحقيقة المعلنة، أن تكون الدعوة قائمة على الخداع والغموض والتمويه والتكتم،  وحدث عن أساليب المكر والحيل ما شئت، فلا ننسى أنهم من الشِّيَعة، وقد تربوا على عقيدة التقية التي جعلوها ديناً يتقربون بها إلى الله.
الدليل الثاني: العلم:
إن الدليل الأول-الوصية المقدسة-الذي اعتمد عليه اليماني وأنصاره، نافحوا وذادوا عنها بكل السبل، وأخذوا يدللون بأدلة أخرى، على إمامة اليماني، ومن بين هذه الأدلة، ادعاء اليماني العلم، وأنه عنده كل العلوم، ويطلع على الغيوب، ويستطيع الإجابة عن سؤال أي مخلوق، وهذا في الأصل هو معتقد الشِّيَعة في أئمتهم، وعندما يريد أن يستدل اليماني أو أحد أتباعه ومؤيدوه يأتون بدليل هو عام في الأئمة الشيعية، كما في الرواية التي استند إليها أنصار اليماني:"فقد ورد عن أبي الجارود، قال: قلت لأبي جعفر  عليه السلام إذا مضى الإمام القائم من أهل البيت، فبأي شئ يعرف من يجئ بعده؟ قال: بالهدى والإطراق، وإقرار آل محمد له بالفضل، ولا يسأل عن شئ بين صدفيها إلا أجاب"[38]، وهذا شأن المهديين في منهجهم، يأتون بالدليل العام ويسقطونه على إمامهم، والعجيب أن المهديين يرون أن أقوى دليل على علم يمانيهم هو كتبه ومنشوراته؛ حيث أخبر أحد الأنصار قائلاً:"وأما العلم فأمام الجميع ما كتب السيد أحمد الحسن من إصدارات تقارب الأربعين، منشورة في موقع الدعوة الرسمي، وبوسع الكل قراءتها، ولم نرَ أو نسمع أحداً رد عليه أو حدثته نفسه بذلك، وقد تعرض لكتاب الله وأحكم ما تشابه فيه، وتناول أهم ما في العقيدة وبين خللهم فيها، وإذا كان هذا لا يعني رجال الدين فما الذي يعنيهم؟"[39].
وادعى أنصار اليماني لإمامهم المزعوم، أنه يعلم كل العلوم، " فالإمام يعلم كل العلوم،
بمعنى أنها مودعة في عقله التام، ولكنه في هذه الحياة المادية محجوب بالجسم عن المودع في عقله التام، غير أن اعتصامه بالله وتسديد الله له يمكنه من معرفة ما هو مودع في عقله التام متى احتاج أن يعرفه، فإذا احتاج لمعرفة علم من العلوم كأن تتوقف عليه هداية بعض البشر، أو لمصلحة ما يعلمه الله ويوصله بما اختزنه عقله التام"[40].
بل هو أعلم أهل الأرض في زمانه، "والإمام أحمد الحسن عليه السلامأعلم أهل الأرض، ما استطاع أحد من الأحياء أن يأتي بمثل علمه ولا أن يرد عليه نظير ما كان عليه جده رسول الله"[41].
وفوق ذلك، أنه يعلم الغيب، فإذا كان من عقائد الشِّيَعة أن الأئمة يعلمون الغيب، وباعتبار أن اليماني إمام إذاً فهو يعلم الغيب، واستدل أنصار اليماني بقول الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا } [الجن: 26 و27]، وعلق أحدهم بقوله: "وكونه رسول فيه إشارة إلى الوظيفة المذكورة، وبطبيعة الحال فإن عالِم الغيب في الحقيقة هو الله، أما رسله فيعلمون الغيب بالمقدار الذي يظهره لهم"[42].
وامتد علم اليماني إلى برهانه على التوراة والإنجيل، ولا عجب فقد أعلن اليماني في دعوته أنها لليهود والنصارى، "بل أحكم حجته وبرهانه على أهل التوراة بتوراتهم وأهل الإنجيل بإنجيلهم، وعلى أهل القرآن بقرآنهم وبرواياتهم، وقد ضمت كتبه تلك الاحتجاجات والبينات والمحكمات وبوسع الجميع الإطلاع عليها"[43].
وأعلنها اليماني في أجوبته عن أسئلة البعض عبر الانترنت، فالسائل يقول: ما هي مضامين دعوتك وأهدافها؟ فأجاب:"هدف الأنبياء والأوصياء هو هدفي، وأُبيِّن التوراة والإنجيل
والقرآن وما اختلفتم فيه، وأُبيِّن انحراف علماء اليهود والنصارى والمسلمين وخروجهم عن
الشريعة الإلهية ومخالفتهم لوصياء الأنبياء"[44].
هكذا يزعم اليماني أن من أهداف دعوته أنه يبين التوراة والإنجيل وما اختلف أهلها فيها، بل جاء ليبين انحراف العلماء من اليهود والنصارى والمسلمين، فاستدعى كل هذا علماء الشِّيَعة ومراجعها أن يبينوا مدى انحراف اليماني وانشقاقه عن عقائد الشِّيَعة وخروجه عليهم.
بادئ ذي بدء فقبل أن يتولى علماء الشِّيَعة الرد عليه، فاليماني قد نشر له على مقاطع صوتية يقرأ فيه القرآن وأخرى يقول فيها بيانات وخطابات، وبرز خطأه كالشمس وهو يقرأ القرآن، وأخطاؤه اللغوية في كلامه وخطابه، فأين العلم المُدَّعى؟!.
ويكشف لنا عن بعض هذا أحد علماء الشِّيَعة-الكوراني-، "إذ قال لأحد أصحاب اليماني المقربين في حوار دار بينهما، ألا ترون أن إمامكم يخطأ في قراءة القرآن! فكيف يكون سفير الإمام المهدي، فقد وجدنا له فتي تسجيل قصير غلطتين، فرد قائلاً: هذا ليس غلطاً بل هو قراءات، فأجاب الكوراني: إن الخطأ غير القراءة، والقراءة لا تثبت إلا عن أحد القرَّاء المعتبرين، فسكت
صاحب اليماني ولم يرد"[45].
وقد استمعت بالفعل لبعض تسجيلات اليماني-المزعوم- الصوتية، فكانت الأخطاء المتكررة الواضحة وهو يقرأ بعض الآيات القرآنية، ومن يسمعه يحكم عليه بأنه لم يتعلم أحكام تلاوة القرآن، فكيف لمثل هذا أن يكون عالماً فضلاً عن أن يكون إماماً للعالمين، وكيف سيبين انحراف أهل التوراة والإنجيل وكذلك المسلمين كما أعلن في كتبه وبياناته، والأخطاء اللغوية واضحة وضوح الشمس في منشوراته ومنشورات أقرانه، فكل هذا يلفت الانتباه كيف لإمام أن يصدر منه خطئاً أو لحناً في القرآن أو اللغة العربية.
وأكد الكوراني هذا، فقال وهو ينتقد الأتباع: "ولو استعمل أحدهم عقله لقال: كيف يكون إماماً وابن إمام معصوم وهو يخطأ في قراءة القرآن الكريم، ولا يعرف العربية، ويخطأ في الصفحة الواحدة عدة أخطاء، تدل على عاميته"[46]، ويدافع عن اليماني أحد يمانيه، فيقول:         "يكفي المعصوم تماماً أن يوصل الرسالة التي يحملها، ويبينها للناس، ولا يلزمه على الإطلاق أن يراعي ما تواضع عليه الناس من تسمية بعض الكلام بأنه الأرقى والأفصح وما إلى ذلك"[47]. 
وقد اتضح من خلال حديث اليماني-في التمهيد- عن رحلته العلمية، أنه تخرج في كلية الهندسة، ثم ذهب ليطلب العلم بالحوزة العلمية بالنجف، وبعد فترة اعترض على ما فيها ولم يكمل الدراسة بها، فمن أين لأحمد الحسن كل هذه العلوم؟، لكنه يزعم أنه التقى بالإمام المهدي وكان على علاقة دائمة به، وادعاء معرفة كل العلوم ليس على الشِّيَعة بعجيب، فالشِّيَعة يعتقدون في أئمتهم أنهم أبلغ وأفصح الناس، ويستطيعون أن يكلموا الناس بلغاتهم، والدليل ما نقله المجلسي في بحار الأنوار"عن أبي الصلت الهروي أنه قال: كان الرضا  عليه السلام يكلم الناس بلغاتهم وكان والله أفصح الناس وأعلمهم بكل لسان ولغة، فقلت له يوماً يا ابن رسول الله: إني لأعجب من معرفتك بهذه اللغات على اختلافها، فقال  عليه السلام: يا أبا الصلت أنا حجة الله على خلقه، وما كان الله ليتخذ حجة على قوم وهو لا يعرف لغاتهم، أو ما بلغك قول أمير
المؤمنين عليه السلام: أوتينا فصل الخطاب، فهل فصل الخطاب إلا معرفة اللغات"[48].
فهذا النص وغيره أسقطه اليماني على نفسه، بأنه لديه جميع العلوم وكل اللغات، ويوضح هذا أحد أنصاره، فيقول: "واضح إن كونهم يعلمون ‡ يعلمون كل اللغات يُقصد منها أن هذه اللغات معلومة لعقولهم التامة، ولكنهم محجوبون في عالم الأجسام عنها، وبالنتيجة هم لا يعلمون إلا ما يمكنهم الله من معرفته، فإذا ما احتاجوا معرفة لغة ما لغاية ما يسر الله لهم الاتصال بعقولهم التامة"[49].
والرد على هذ المزاعم:
لقد دأب المهديون على أن يُسقطوا أي دليل للأئمة على إمامهم اليماني، فما يصلح للأئمة يصلح للإمام اليماني، وما لا يصلح أَوَّلُوه أو حَرَّفوه أو شككوا فيه أو احتجوا برواية قد تكون ضعيفة، من أجل أن يصلوا إلى غرضهم.
أما ما ادعاه اليماني أو اُدعي له من قبل أتباعه، وادعاه من قبل الشِّيَعة لأئمتهم من العلم المطلق، وأنه عندهم كل العلوم، فهذا يرده القرآن الكريم، قال الله تعالى: ﮋﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﮊ [الإسراء: 85]، فهذا إخبار من الله عزوجل بأن الناس والخلق لا يعلمون إلا قليلاً، فكيف تزعم الشِّيَعة أن أئمتهم تعلم كل شيء، وليس لأحد العلم الكامل والمطلق إلا الله  سبحانه وتعالى ؛ "لأن علم كل أحد سوى الله، وإن كثر في علم الله قليل، وإنما معنى الكلام، وما أوتيتم أيها الناس من العلم إلا قليلاً من كثير مما يعلم الله"[50].
ولا شك أن لهذا الغلو اليماني أصول شيعية، ففي كتاب الكافي عدة أبواب تثبت العلم للأئمة، ومنها:باب "أن الراسخين في العلم هم الأئمة"، وباب"أن الأئمة قد أُوتوا العلم وأُثبت في صدورهم"، وباب"أن الأئمة يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء
والرسل"[51]، وغيرها من المبالغات والإسفافات الشيعية التي لا يتوقفون عنها.

--------------------------------- 

[1] المرجع نفسه، ص473.
[2] الوصية والوصي أحمد الحسن، الشيخ ناظم العقيلي، ص190.
[3] انظر: كتاب: نهاية الدراية، السيد حسن الصدر، ص263، نقلاً عن الوصية والوصي أحمد الحسن، ص285(بتصرف).
[4] انتصارًا للوصية، الشيخ ناظم العقيلي، ص44و45 بتصرف، ط2/1432ه = 2011م، إصدرات أنصار الإمام المهدي عليه السلام ، العدد(80).
[5] الشهب الأحمدية على مدعي المهدوية، ص196(مرجع سابق).
[6] الشهب العلوية على مدعي الإمامة والمهدوية، عبدالله العلوي، ص12(مرجع سابق).
[7] ما هي الوصية التي وصفوها بالمقدسة؟ لعلي آل محسن، ص7، ط1/1434ه، مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي، النجف الأشرف.
[8] دجال البصرة، ص115(مرجع سابق).
[9] البرهان الساطع في الرد على أحمد الكاطع، ص30 (مرجع سابق).
[10] وتعرف هذه الكتب الأربعة-رجال الكشي، رجال الطوسي، فهرس الطوسي، رجال النجاشي- عند الشِّيَعة بالأصول الرجالية، انظر: الخلاف بين الشِّيَعة والسنة، للدكتور عمر الفرماوي، ص176، ط1/1427ه = 2005م، مكتبة الإيمان بالمنصورة- مصر.
[11] وضبطه البعض بفتح الباء الموحدة وضم الزاي المعجمة، وأن البزوفري نسبة إلى قرية اسمها بزوفربقوسان، وبَزَوْفَر، قرية كبيرة من أعمال قوسان قرب واسط وبغداد على النهر الموفقي في غربي دجلة، انظر: رياض العلماء وحياض الفضلاء، للميرزا عبدالله أفندي الأصفهاني، تحقيق: السيد أحمد الحسيني، ج2/152(بتصرف)، تاريخ الطبعة: 1401ه، بدون رقم، مطبعة الخيام، قُم-إيران.
[12] رجال النجاشي، لأبي العباس أحمد النجاشي، ص67(مرجع سابق).
[13] انتصاراً للوصية، الشيخ ناظم العقيلي، ص44و45(مرجع سابق).
[14] ما هي الوصية التي وصفوها بالمقدسة؟ ص17(مرجع سابق).
[15] الفوائد الطوسية، محمد بن الحسن الحر العاملي، نمقه وعلق عليه: الحاج السيد مهدي اللاجوردي الحسيني، والشيخ محمد درودي، ص115 فائدة(138)، ط3/1432ه، مكتبة المحلاتي، قُم-إيران.
[16] انظر: الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة، ص402(بتصرف)(مرجع سابق).
[17] انتصاراً للوصية، الشيخ ناظم العقيلي، ص15(مرجع سابق).
[18] الخلاف بين الشِّيَعة والسنة، الدكتورعمر الفرماوي، ص183(مرجع سابق).
[19] الخطوط العريضة للأسس التي قام عليها دين الشِّيَعة الإِمَامِيَّة الاثني عشرية، العلامة الكبير السيد محب الدين الخطيب، ص31، بدون طبعة ونشر.
[20] الوشيعة في نقد عقائد الشِّيَعة، موسى جار الله، ص47، ط3/ 1403ه = 1983م، الناشر: سهيل اكيري لاهور، باكستان.
[21] تمخض الكوراني عن فأر قميء، دحضاً لأكاذيب الكوراني، الأستاذ عبدالرزاق الديراوي، ص16، ط1/1432ه = 2011م، إصدارات أنصار الإمام المهدي عليه السلام ، العدد(93).
[22] المتشابهات، السيد أحمد الحسن، ص215(بتصرف)(مرجع سابق).
[23] دجال البصرة، ص117(مرجع سابق).
[24] راجع: البرهان الساطع في الرد على أحمد الكاطع، ص30و31 (باختصار)(مرجع سابق).                  
[25] بحار الأنوار، ج53/148و149(مرجع سابق).
[26] تاريخ ما بعد الظهور، ص672(مرجع سابق).
[27] تمخض الكوراني عن فأر قميء، دحضاً لأكاذيب الكوراني، ص115.
[28] الشهب الأحمدية على مدعي المهدوية، ص 196.
[29] انظر: المستدرك على الصحيحين، للإمام الحافظ أبي عبدالله محمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري، تحقيق: مصطفى عبدالقادر عطا، (ج2/609، 4048)، دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان. وعلّق عليه الذهبي في استدراكاته على مستدرك الإمام الحاكم، وقال: «حديث واهٍ». [انظر: مختصر استدراك الحافظ الذهبي على مستدرك أبي عبدالله الحاكم، لابن الملقن سراج الدين أبو حفص، عمر بن عليّ بن أحمد الشافعي المصريّ (المُتَوَفَّى: 804هـ) تحقيق ودراسة: عبدالله بن حمد اللحيدان، سعد بن عبدالله بن عبدالعزيز آل حميد، كتاب أخبار الأنبياء ومناقبهم عليهم السلام، باب إسماعيل عليه السلام،( ج1/1009، 418)،  ط1/ 1411ه، دار العاصمة، الرياض- السعودية].
[30] راجع: حوار قصصي مبسط في الدعوة اليمانية المباركة، ص307و308(باختصار)(مرجع سابق).
[31] المحكمات في أحقية الوصي أحمد الحسن، بقلم: علاء السالم، ص52، ط1/1433ه = 2012م، إصدارات أنصار الإمام المهدي عليه السلام ، العدد(141).
[32] أصل الشِّيَعة وأصولها، محمد الحسين آل كاشف الغطاء، ص147و148، ط1/1410ه = 1990م، دار الأضواء، بيروت-لبنان.
[33] أصول الكافي، للكليني، كتاب الحجة، باب "من ادعى الإمامة وليس لها بأهل ومن جحد الأئمة أو بعضهم ومن أثبت الإمامة لمن ليس لها بأهل"، الجزء الأول والثاني، ص279(مرجع سابق).
(2) المرجع نفسه، والصفحة نفسها.
[35] أصول مذهب الشِّيَعة الإِمَامِيَّة الاثني عشرية، ص677(مرجع سابق).
[36] وفيه إشارة إلى أن اليماني وأنصاره كثيراً ما يذكرون الأنبياء والمرسلين  في كتبهم ولم يعقبوا بلفظ عليهم السلام، أو يذكرون اسم النبي محمداً، ولم يعقبوا بقولهم: صلى الله عليه وسلم.
[37] دراسة في شخصية اليماني الموعود (اليماني وبلا اليمن)، الحلقة الثانية، الشيخ ناظم العقيلي، ص20 (باختصار)، ط1/1432ه = 2011م، إصدرات أنصار الإمام المهدي عليه السلام ، العدد(121).
[38] الإمامة والتبصرة، ابن بابويه القمي، تحقيق: مدرسة الإمام المهدي بقُم المقدسة بإيران، ص137، حديث رقم(154)، ط1/1404ه.
[39] رسالة في وحدة شخصية المهدي الأول والقائم واليماني،  علاء السالم، ص42، ط1/1433ه = 2012م، إصدارات أنصار الإمام المهدي عليه السلام ، العدد(146).
[40] بحث في العصمة، الأستاذ عبدالرزاق الديراوي، ص87، 88، ط1/1432ه، 2011م، إصدارات أنصار الإمام المهدي عليه السلام ، العدد(113).
[41] الدعوة اليمانية في كتب السنة، حسين المنصوري، ص80، ط1/1433ه = 2012م، إصدارات أنصار الإمام المهدي عليه السلام ، (149).
[42] بحث في العصمة، ص90 (مرجع سابق).
[43] المحكمات في أحقية الوصي أحمد الحسن، علاء السالم، ص63(مرجع سابق).
[44] الجواب المنير عبر الأثير، أجوبة السيد أحمد الحسن على الأسئلة الواردة عبر الإنترنت، سؤال رقم2، ص9(مرجع سابق).
[45] دجال البصرة، ص61.
[46] المرجع نفسه، والصفحة نفسها.
[47] بحث في العصمة، الأستاذ عبدالرزاق الديراوي، ص117.
[48] بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، ج26/49.
[49] بجث في العصمة، الأستاذ عبدالرزاق الديراوي، ص97.
[50] تفسير الطبري-جامع البيان عن تأويل آي القرآن-، للإمام ابن جرير الطبري، هذبه وحققه: الدكتور بشار عواد معروف، عصام فارس الحرستاني، المجلد الخامس، ص64، ط1/1415ه = 1995م، مؤسسة الرسالة، بيروت-لبنان.
[51] انظر: أصول الكافي، كتاب الحجة، ص119 وما بعدها.