حول انتخابات محافظ جاكرتا واوضاع اندونيسيا في المرحلة المقبلة
لا شك أن اندونيسيا تقع هذه الأيام على مفترق طرق، وستحدد السنوات القليلة القادمة شكل مستقبلها على مستوى العالم الاسلامي والعالم أجمع..
- التصنيفات: السياسة الشرعية - الواقع المعاصر - قضايا إسلامية معاصرة - أحداث عالمية وقضايا سياسية -
♦ وفق الاحصاءات الأولية:
فاز مرشح حزب "حركة اندونيسيا العظمى غيريندرا" القومي الاندونيسي أنيس باسويدان على مرشح حزب النضال الديمقراطي الاندونيسي المسيحي ذو الاصول الصينية باسوكي تشاهايا بورناما المعروف بأهوك بنسبة تفوق ٥٥٪ من المقترعين. وستظهر النتيجة الرسمية بعد اسبوع من الاقتراع.
♦ تعود أصول انيس الى عائلة سياسية عريقة هاجرت الى اندونيسيا من حضرموت قبل حوالي قرنين، فجده المناضل البارز عبد الرحمن باسويدان كان أحد قادة حركة التحرر من الاستعمار الهولندي وخدم كدبلوماسي ونائب وزير فيما بعد الاستقلال.
♦ دعم انيس الرئيس جوكوي في حملته الرئاسية عام ٢٠١٤ وعينه الاخير وزيرا للتعليم ثم عزله بعد سنتين.
♦ جاء الفوز في الجولة الثانية بعدما انتهت الجولة الأولى يوم ١٥ فبراير بتقدم أهوك بنسبة بسيطة عن باسويدان وخروج المرشح الثالث مرشح الحزب الديمقراطي اغوس ابن الرئيس السابق سوسيلو بامبانع يوديونو الذي حاز على نسبة ١٧٪.
♦ دعم باسويدان بالإضافة لحزب غيرندرا حزب العدالة والرفاهية الاسلامي، كما دعمته الكثير من الحركات والجماعات الإسلامية غير الحزبية، بينما حاز أهوك على دعم معظم الأحزاب السياسية الأخرى (٧ أحزاب يسارية وليبرالية واسلامية محافظة) بالإضافة لدعم الرئيس جوكوي ورجال الأعمال.
♦ شهدت العاصمة جاكرتا الشهور الاخيرة استقطابا غير مسبوق بسبب تصريحات لأهوك اعتبرها المسلمون مسيئة للقران الكريم، وخرجت خلال الشهور الماضية عدة مظاهرات مليونية مطالبة بمحاكمته وإيقاع أقصى العقوبات عليه وقد تم تأجيل اخر جلسة المحكمة لما بعد انتخابات الاربعاء.
♦ أظهر الاعلام الغربي تعاطفا واضحا مع أهوك مع محاولة لتصوير الحراك الاسلامي المناهض له بالمعادي للتعددية والتسامح اللذين يتمتع بهما المجتمع الاندونيسي.
♦ يمثل الاستقطاب الذي ظهر في انتخابات جاكرتا رأس جبل الجليد حيث يشهد المجتمع الاندونيسي صعودا واضحا للتيار الإسلامي منذ انهيار نظام سوهارتو، ويحاول التيار الاسلامي تحوير هوية الدولة العلمانية لتصبح اكثر اتساقا مع الهوية الإسلامية لغالبية السكان. وتشكل الأحزاب الإسلامية بشتى توجهاتها حاليا ما يقارب ثلث تركيبة البرلمان، بينما يشهد الحراك الشعبي نشاطا متصاعدا للحركات الإسلامية المختلفة.
♦ يمكن أن تمثل انتخابات جاكرتا دفعة معنوية عالية لحزبي غيرندرا والعدالة لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة حيث شكلت خسارة أهوك ضربة معنوية لمحافظ جاكرتا السابق الرئيس جوكوي وحزبه المتحالف مع ستة أحزاب أخرى يشكل مجموع كتلتها ثلثي البرلمان.
♦ تبقى مشاكل جاكرتا الاربعة المزمنة (الفيضانات والعصابات وزحمة السير والبيروقراطية الشديدة) تحديا حقيقيا لأي قيادة قادمة، ورغم نجاح أهوك في التخفيف من حدة الفيضانات والبيروقراطية إلا أن أزمات جاكرتا الاربعة لا تزال تنغص عيش سكانها العشرة ملايين.
♦ تمثل اندونيسيا عملاقا عالميا صاعدا حيث نما اقتصادها خلال العقد الأخير بنسبة تقارب ٦٪ فأصبحت الاقتصاد السابع عشر على العالم. وتقدر شركة الإحصاءات الاقتصادية البريطانية PWC أن الاقتصاد الاندونيسي سيصبح رابع اقتصاد على مستوى العالم خلال عقدين قادمين.
♦ تعتبر الدولة الأرخبيل ثالث ديمقراطية على مستوى العالم بعد الولايات المتحدة والهند واكبر ديمقراطية مباشرة في العالم حيث ينتخب عشرات الملايين الرئيس بشكل مباشر.
♦ لا شك أن اندونيسيا تقع هذه الأيام على مفترق طرق، وستحدد السنوات القليلة القادمة شكل مستقبلها على مستوى العالم الاسلامي والعالم أجمع..
الكاتب: مسلم عمران - كوالالمبور.