(المجلس العسكري) ينحاز إلى الشعب.. و"الجمل" يثير الشغب!

عبد المنعم الشحات

قد أثبتت "المؤسسة العسكرية المصرية" أنها واحدة مِن المؤسسات
العسكرية التي تحمي الدولة -"أرضها - سكانها - نظامها العام
"دستورها"-، وأنها ليست كمعظم القوات المسلحة في العالَم تحمي "النظام
الحاكم"؛ حتى ولو كانت المواجهة بينه وبيْن الشعب!

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد أثبتت "المؤسسة العسكرية المصرية" أنها واحدة مِن المؤسسات العسكرية التي تحمي الدولة -"أرضها - سكانها - نظامها العام "دستورها"-، وأنها ليست كمعظم القوات المسلحة في العالَم تحمي "النظام الحاكم"؛ حتى ولو كانت المواجهة بينه وبيْن الشعب!

وهذا المدخل مهم جدًا؛ لتكييف الوضع القانوني الذي تعيشه "مصر" منذ إعلان تنحي الرئيس السابق لصالح "القوات المسلحة".


لقد تركت "القوات المسلحة" الفرصة للرئيس السابق أن يصالح شعبه بالطريقة المناسبة، ولأن الله قدَّر للأمة التخلص مِن هذا العبء الجاثم على صدرها لسنوات طوال؛ فقد ضيع النظام السابق الفرصة تلو الأخرى، وكان دائمًا يقدِّم العرض بعد فوات أوانه! إلى أن قرَّر الشعبُ التحرك نحو "القصر الرئاسي".

وهنا جاء "التحرك العسكري" بإلزام الرئيس السابق بالتنحي لصالح "المجلس العسكري"، وهذا مما يدل أنه أُجبِر على هذه الخطوة؛ إلا أن "إعلان التنحي" على هذا النحو جاء لـ"حفظ ماء الوجه" لرجل عسكري له احترامه الكبير داخل الجيش؛ بصفته أحد قادة أكتوبر، وهو أمر يُحمد الجيش عليه؛ ولأنه في النهاية عند التعارض بيْن "مصلحة الرئيس" بكل ما يمثله مِن تاريخ عسكري وبيْن الشعب؛ انحاز للشعب، كما أن سعيه لوجود صيغة ملائمة في تطبيق هذه الإرادة الشعبية هو نوع مِن الوفاء.

مع أن هذا الوفاء لم يمنع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأن يتيح للحقوقيين فرصة ملاحقة مبارك وأسرته قضائيًا.

ثم جاءت الخطوة الأهم بإعلان جدول زمني مختصر ومحدد للانتقال إلى الحياة السياسية الطبيعية.


ومِن ثمَّ فإن التكييف الطبيعي لما حدث هو: أن الجيش الذي وجد أن شعب مصر يقوم بثورة بلا قائد، ولا خطة حُكم، ولا كوادر بديلة؛ قرَّر أن يقوم بدوره؛ وهو حماية الدستور وحفظ الدولة.

وهذا يَرُدُّ على مَن يُكيِّف ما تم بأنه ثورة أسقطت الدستور؛ لأن الثورة لم تسقط النظام السابق بذاتها، وإنما بتصدر "القوات المسلحة" للمشهد.

ومِن ثمَّ قررت "القوات المسلحة" تعليق الدستور لحين تعديل أهم ما يلزم تعديله؛ لإفراز مؤسسات حكم، وكوَّنت لجنة للقيام بهذه التعديلات، وأجرت أول استفتاء نزيه في مصر في الستين سنة الماضية!

بل وامتنع "المجلس العسكري" تمامًا عن أي إشارة إلى ترجيحه لأحد الخيارين ليترك القوى السياسية تقوم بدورها في شرح وجهة نظرها، وتعبئة الجمهور في الاتجاه الذي يرونه، وإن كان البعض قد استحل لنفسه أن يطل على المشاهدين صباح مساء؛ ليحاول إقناعهم بـ"لا" في الوقت الذي يستكثر فيه على الفريق الآخر أن يقوم بشرح وجهة نظره للجمهور!


وفي وسط هذه الصورة الجميلة يطل علينا الدكتور "يحيى الجمل"..

أولاً: في محاولة منه للتأثير على عمل لجنة "الدكتور البشري"؛ حين صرَّح بأنه قدَّم اقتراحًا للجنة التي شكلها الرئيس السابق بتعديل المادة الثانية مِن الدستور!

ثانيًا: حينما خرج وتكلم على "الذات الإلهية" بكلام غير لائق! -هو محل تحقيق مِن القضاء الآن-

ثالثًا: حينما أقصى السلفيين بجرة قلم، وقال: "إنهم ليسوا مِن الدين في شيء"!

ووصفهم بأنهم: أصحاب عقول "ضلمة" -على حد تعبيره-!

رابعًا: حينما صرَّح للإعلامية "لميس الحديدي" بأن الإعلان الدستوري يمكن أن يتضمن تعديل المادة الثانية -بالمناسبة ولمن يبحث في الثورة المضادة: "لميس الحديدي" هي عضو الحزب الوطني الديمقراطي، ومُنسِق الحملة الإعلامية الرئاسية للرئيس السابق!-.


وطبعًا في هذا الإعلان عدة كوارث، منها:

1- أن "الجمل" يغتصب سلطة ليست مِن حقه؛ وهي "الإعلان الدستوري".

2- أنه يصف الاستفتاء الدستوري بالعبث؛ لأنه يُطالِب بإدراج تعديل في مادة لم يتم الاستفتاء عليها!

3- أن الدكتور "الجمل" مُصرٌ على رأيه المخالِف لرأي الحكومة التي ينتمي إليها والمجلس العسكري الذي يدير شئون البلاد مِن أن الدستور قد سقط -كما صرَّح في برنامج "مصر النهاردة"-؛ بينما "المجلس العسكري" علـَّق الدستور، وأجرى تعديلات مِن المفترض أن يصدر إعلان دستوري بإعادة تفعيل الدستور معدلاً بالتعديلات التي تمت الموافقة عليها.

4- أن هذا الكلام يُمثـِّل حلقة جديدة مِن: "الشغب"، و"الاستفزاز"؛ الذي يُخشى أن يكون متعمدًا؛ مما يَلزم معه تنبيه "المجلس العسكري" أن يواصل انحيازه للحق الذي طالب به الشعبُ، وأن يَقطع الطريق على "مثيري الشغب".


ونحن نطالب بإقالة الدكتور "يحيى الجمل" بعد "الزوبعات" التي تعوَّد على إثارتها، واستفزاز مشاعر المسلمين عمومًا "والسلفيين خصوصًا"! ونحن إذ نؤكِّد حرصنا على مصلحة البلاد واستقرارها -"ومِن أجل ذلك صوَّتنا: بـ"نعم" على الاستفتاء"- نرى:

أنه ليس مِن حق أحد إقصاء طائفة مِن الأمة، ولا احتقارها.

وليس مِن حق أحد الافتئات على إرادة الأمة، ولا تعديل دستورها دون إرادة منها.

وإنما ذلك "لعب بالنار" التي لن تحرق إلا من يلعب بها.. !

 

المصدر: موقع صوت السلف