مشروع تحرير المرأة في مائة عام (6)

الهيثم زعفان

الحركة النسوية العربية كانت تحاول تكريس نفوذها في بنيان الدولة من خلال محاولات التغلغل والسيطرة على مواضع صنع السياسات والقرارات في العديد من المناصب داخل المؤسسات والوزارات الرسمية. وقد أطلقنا على هذه الاستراتيجية في كتاب سابق عن الحركة النسوية اصطلاح " الإحلال النسوي"، فكنا نرى تمكين النساء وبخاصة من أهل الثقة لدى "السيدة الأولى" وعصبتها في مناصب استراتيجية بالنسبة للحركة النسوية وبخاصة في الإعلام، التعليم، التشريعات، السياسات التخطيطية، وتحديد النسل. وجاءت الثورات العربية لتغير من هذا الواقع الضارب في عمق التاريخ لأكثر من خمسين سنة.

  • التصنيفات: قضايا المرأة المسلمة - الواقع المعاصر -

عوامل التحفيز والمدافعة للحركات النسوية العربية:

عوامل التحفيز للحركات النسوية العربية:

1-الاحتلال الاستعماري.

2-الصراع القيمي بين الغرب والإسلام.

3-البعثات التغريبية.

4-المدارس الأجنبية والتعليم الأجنبي.

5-الأنشطة التبشيرية.

6-أنشطة السفارات الأجنبية.

7-سقوط الخلافة الإسلامية.

8-النظم الاستبدادية والعلمانية والفساد السياسي، وضعفها أمام الإملاءات الدولية.

9-سيطرة العلمانيين على معظم مواقع صنع القرار في الدول الإسلامية.

10-النشاط الشيوعي المكثف حتى سقوط الاتحاد السوفيتي.

11-النشاط الفرانكفوني وارتباط بعض الدول العربية بفرنسا.

12-الدور النسوي التغريبي المكثف للسيدة الأولى (زوجة رئيس الدولة).

13-السيطرة على وسائل الإعلام وتوجيهها نسوياً.

14-السيطرة على النظم التعليمية وتوجيه محتواها بما يخدم الأهداف النسوية.

15-السيطرة على النظم التشريعية وسن القوانين النسوية.

16-الطوائف المسيحية واليهودية في أوساط المسلمين(سلوكيات وأنشطة).

17-الضعف العقدي لمعظم المجتمعات الإسلامية خاصة خلال النصف الأول من القرن العشرين.

18-ضعف العلم الشرعي في معظم البلدان العربية والإسلامية، وبخاصة في النصف الأول من القرن العشرين.

19-الجهل وانتشار الأمية في كثير من البلدان العربية وبخاصة في النصف الأول من القرن العشرين.

20-الفساد الاقتصادي والثراء الفاسد، وما صاحبه من ظهور الطبقية الطفيلية، المقلدة للغرب في نزواتها.

21-سهولة السفر بين الشرق والغرب والانبهار بالنموذج الغربي المتحرر.

22-شهوات النفس الإنسانية، والبعد عن الضوابط الشرعية.

23-سوء الأحوال الاقتصادية وانعكاسه على الفساد الأخلاقي والاجتماعي.

24-التجارة الانحلالية والفساد الأخلاقي المصور.

25-الاستخدام السلبي لوسائل التكنولوجيا الحديثة مع ما بها من انحلال وطرح غربي فاسد في أطروحات كثيرة.

26-الدول العظمى وعولمة أطروحات الحركة النسوية.

27-الأمم المتحدة وعولمة نموذج سيداو وبكين.

28-منظمات التمويل الدولية والإنفاق على الأجندة النسوية.

29-حرص طائفة فاسدة على تتبع مواضع الفساد، ونشر الفساد في الأرض.

30-النشاط النسوي المكثف داخل أسوار الجامعات.

31-إنشاء المحاضن التعليمية والوظيفية المختلطة.

 

عوامل المدافعة للحركات النسوية العربية:

1- أنشطة علماء الأزهر وعلماء الشريعة في الأمة في مدافعة الأنشطة النسوية.

2- التربية الإسلامية والخوف من مخالفة أوامر الله سبحانه وتعالى.

3- ظهور الحركات الإصلاحية الإسلامية في بدايات القرن العشرين ومنتصفه (الإخوان المسلمون- الحركات السلفية) وما صاحب ذلك من أنشطة إصلاحية تدينية.

4- العادات القبلية لبعض البلدان العربية والإسلامية والمنطلقة في معظمها من ضوابط شرعية تفرض حرمة خاصة للمرأة القبلية.

5- نكبات الأمة خاصة في 1948 و 1967 ومراجعة بعض المجتمعات الإسلامية لذنوبها، وموقفها من الإسلام.

6- الأنشطة الدينية في الأوساط التعليمية وبخاصة الجامعية.

7- الأنشطة الدعوية للتيارات الإسلامية في القرى والمدن.

8- الجهود الدعوية الحركية والعلمية للدعاة والعلماء.

9- أنشطة المؤسسات الخيرية الإسلامية في المجتمعات العربية؛ المدافعة والبديلة لأنشطة نظيرتها التغريبية.

10- انخفاض نسبة الأمية والجهل في الكثير من البلدان العربية بالمقارنة مع بدايات القرن العشرين.

11- انتشار العلم الشرعي وبخاصة في النصف الثاني من القرن العشرين.

12- احتضان بعض النظم السياسية للعلماء والدعاة وتبني أنشطتهم الدعوية مما أعطى لجهودهم دفعة قوية.

13-انتشار موجات التدين في ثمانينيات وتسعينيات القرن المنصرم والتي انعكست بدورها على التزام المرأة في الزي والسلوك وتربية الأبناء.

14- ظهور الجيل الثاني والثالث من بنات نساء الحركة الإسلامية وسيرهن على درب أمهاتهن في الالتزام الشرعي، والسلوك والتربية، ومدافعتهن لسلبيات الطرح النسوي الغربي.

15- ىالدور السياسي لبعض التيارات الإسلامية، ومدافعة العلمانيين في مواضع صنع القرار وبخاصة التشريعية.

16- تدين بعض المجتمعات العربية والإسلامية بطبعها مما يجعلها أكثر ميلاً للشريعة الإسلامية، ومن ثم للدعاة والعلماء، والمؤسسات الإسلامية والاستجابة لطرحهم الشرعي.

17- وجود مهابة حقيقية للعلماء في مقابل النموذج الهزلي لكثير من الشخصيات النسوية المروجة والداعمة للطرح النسوي.

18- انتباه كثير من الباحثين والكتاب إلى الأنشطة النسوية، وانتشار الكتابات الكاشفة لأنشطتهم والمفندة لآرائهم وزيف منطلقاتهم.

19- أنشطة المراكز البحثية والمجلات الفكرية والصحف الإسلامية المدافعة لأنشطة الحركات النسوية.

20- انتشار موجة من الفضائيات الإسلامية الناشرة للعلم الشرعي والمروجة لنموذج المرأة المسلمة الصحيح.

 

مستقبل الحركة النسوية العربية في ظل ثورات الربيع العربي:

بسقوط الأنظمة البائدة في بلدان ثورات الربيع العربي فقدت الحركة النسوية سيطرتها على كثير من مواضع صنع القرار الرئيسية، والتي كان من أهمها موقع "حرم رئيس الجمهورية" أو ما اصطلح عليه استعلاءً " السيدة الأولى".

 

وحتى نتخيل حجم تأثير سقوط "السيدة الأولى" سواء في مصر أو تونس أو ليبيا على الحركة النسوية العربية التغريبية لابد أن نسترجع إلى الأذهان حجم الدور الكبير الذي كانت تلعبه "السيدة الأولى" في تغريب المنظومة المجتمعية بالأمر الفوقي المباشر، وكان الجميع حينها يتألم من تأثير تلك الأوامر على مسار ونسيج المجتمع ومن ثم هوية المرأة المسلمة. وعلينا أن نقيس في ضوء ذلك حسابات الحركة النسوية بعد غياب تلك السلطة الفوقية بهذه الطريقة الكارثية.

 

فالحركة النسوية العربية كانت تحاول تكريس نفوذها في بنيان الدولة من خلال محاولات التغلغل والسيطرة على مواضع صنع السياسات والقرارات في العديد من المناصب داخل المؤسسات والوزارات الرسمية. وقد أطلقنا على هذه الاستراتيجية في كتاب سابق عن الحركة النسوية اصطلاح " الإحلال النسوي"، فكنا نرى تمكين النساء وبخاصة من أهل الثقة لدى "السيدة الأولى" وعصبتها في مناصب استراتيجية بالنسبة للحركة النسوية وبخاصة في الإعلام، التعليم، التشريعات، السياسات التخطيطية، وتحديد النسل. وجاءت الثورات العربية لتغير من هذا الواقع الضارب في عمق التاريخ لأكثر من خمسين سنة.

 

توصيات الدراسة:

1- ينبغي التأكيد على أن منطلقات أطروحات الحركة النسوية إنما هي هوائية، تجعل المعيار هو تطلعات المرأة نفسها. وتلك الأطروحات تقدم "تمكين المرأة وتحريرها" بمنأى عن أية اعتبارات شرعية. وإن تعارضت الأطروحات النسوية التغريبية مع الشريعة الإسلامية فيتم تقديم النسوي الهوائي. وإن تقاطعا في جانب من الجوانب فيكون ذلك من باب الاستحسان والتبعية بحيث يكون الطرح النسوي الهوائي هو الأصل والشريعة الإسلامية هي التابع!!.

 

2- نشدد في هذا الموضع على زيف دعوى الإلزامية في الاتفاقيات الدولية، تلك الذريعة التي تتذرع بها نشيطات الحركة النسوية في البلدان العربية والإسلامية، وتستخدمها بحرفية عالية في الضغط على الحكومات لإحداث تغييرات تشريعية وسياسية تتفق مع مقررات الأمم المتحدة النسوية. والدليل على عدم إلزامية تلك المقررات، هو عدم امتثال أمريكا والكيان الصهيوني للاتفاقيات الدولية، بل ولقرارات مجلس الأمن التي هي أشد قوة من مقررات بكين ومقررات مؤتمرات الأمم المتحدة جميعاً. ومن ثم فإن النقطة الرئيسة التي ينبغي وضعها في الحسبان والتركيز عليها أثناء مدافعة الحركة النسوية التغريبية؛ هو التحرر كلية من أكذوبة الإلزامية، والقناعة التامة بأن عدم وضع تلك المقررات موضع التنفيذ في المجتمعات الإسلامية لن يؤثر سلباً على البلدان غير الملتزمة بها.

 

3- عدم إعطاء المؤتمرات الدورية لنشيطات الحركة النسوية أكبر من حجمها، مع التأكيد على عدم إلزامية مقررات تلك المؤتمرات، والسعي لفتح قنوات اتصال "نصح وإرشاد" بين العلماء وولاة الأمور لتبيان حقيقة الدعاوى النسوية، ومدى انحرافها عن المسار العقدي الصحيح الذي يضبط توازن المجتمع، ويحقق شريعة الله في الأرض.

 

4- ضرورة إمداد الدعاة والعلماء بمخططات الحركة النسوية وآليات مواجهتها، وذلك لتحقيق هدفين أساسيين؛ الأول يتمثل في تجنب تفاعل الدعاة والعلماء مع أنشطة الحركة النسوية، ذلك التفاعل الذي تستغله الحركة النسوية في إعطاء غطاء شرعي لأنشطتها.

الهدف الثاني يتمثل في توسيع دائرة التوعية في المجتمع المسلم من خلال درجة الثقة بين العلماء والمسلمين.

 

5- تفعيل وإنشاء مؤسسات خيرية موازية تطرح البديل الإسلامي الصحيح فيما يتعلق بقضايا المرأة، ووضعها الشرعي في المجتمع، وتتمكن من مدافعة الأنشطة السلبية للمنظمات النسوية التغريبية.

 

6- تفعيل وإنشاء المراكز البحثية المتخصصة في مدافعة الطرح النسوي التغريبي، والمؤصلة للمعالجات الشرعية لقضايا المرأة المسلمة.

 

7- محاولة البحث عن آليات سياسية مشروعة، تحدث نوعاً من التوازن السياسي مع تسلل الحركة النسوية التغريبية لمواضع صنع القرار في البلدان الإسلامية.

 

8- الاهتمام بإنتاج المزيد من البرامج والمواد الإعلامية المتخصصة؛ المدافعة لتحركات الحركة النسوية التغريبية، والموازنة لطرحهم الإعلامي المكثف.

 

9- نشر ثقافة الزواج المبكر في المجتمعات الإسلامية وإنشاء مزيد من المؤسسات الخيرية الداعمة لتيسير الزواج المبكر. وتحفيز الأثرياء على تبني تدبير نفقات زيجات جماعية يعفون بها الشباب والفتيات.

10- فتح قنوات الدعوة الإسلامية المباشرة والمستمرة مع نشطاء الحركة النسوية التغريبية، فيبقى أن لهم علينا حق الدعوة، وتبيان الحقائق الإسلامية المغيبة عنهم، فعسى بهذه الدعوة أن يتراجع أحد رموزهم عن حماسته التغريبية فتتحقق فوائد جمة، ويهديهم الله إلى ما فيه الخير والفلاح.

تمت بحمد الله؛ ومرفق الدراسة كاملة بصيغة pdf.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من دراسة: " ظهور الحركات النسوية في العالم العربي- مشروع تحرير المرأة في مائة عام"؛ للباحث: الهيثم زعفان- التقرير الاستراتيجي السنوي الحادي عشر - مجلة البيان- 1435 هـ.