السلفيون لا ينتظرون كلمة شكر لكنهم مصدومون من غياب الوفاء
خالد الشافعي
دفنا جميعا من هذا الحوار مصلحة الوطن، وأن تتسع صدورنا للخلاف، وأن
ينصت كل منا للآخر جيداً، وأن يكون شعارنا {ولا يَجْرِمَنَّكُمْ
شَنَئَانُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا}
- التصنيفات: الدعاة ووسائل الدعوة -
أود بداية أن أنقل إليكم وإلى كل مصري على أرض هذا الوطن تحيات
إخوانكم وأبنائكم وجيرانكم من أبناء التيار السلفي، كما أود أن أبلغكم
رسالة منهم وإن لم يحملوني إياها قولاً، ولكن أراها في عين كل سلفي
ألقاه أو أكلمه، السلفيون في مصر يشعرون بالصدمة والمرارة، أما الصدمة
فمن ثلاثة أشياء:
• حملات التشويه التي عرضت أمنهم وحياتهم للخطر، وكادت أن توقع فتنة
بينهم وبين جموع الشعب لكن الله سلَّم، وبانت براءتهم، ومع ذلك وبعد
أن برأتهم النيابة وبرأهم شهود العيان فإن أحداً ممن شوهوا هؤلاء
الشرفاء لم يفكر في الاعتذار، وهو ما جعلهم يشعرون بالمرارة بل
والغربة، السلفيون يشعرون أن هناك من يريد أن يتعامل معهم على أنهم
غرباء عن هذا الوطن، وهو ما يزيد شعورهم بالغربة والظلم
والمرارة.
• السبب الآخر لصدمة السلفيين أنهم كانوا يظنون أن زمان الظلم
والتُهم الباطلة والاستبعاد قد ولى مع رحيل النظام السابق وأن السبع
العجاف قد ولت وجاء عام فيه يغاث الناس- كل الناس.
• أما الصدمة الكبرى فجاءت من نظرات الجماهير المليئة بالريبة التي
تعني أنهم قد صدقوا أن السلفيين الذين يعيشون بينهم منذ عشرات السنوات
دون أن يرتكبوا فعلاً واحدًا يكدر أمنهم، يقيمون الصلاة، ويجمعون
الزكاة، ويسدون الخلل، ويساعدون الضعفاء، السلفيون الذين ليس في
تاريخهم كله إلا الحكمة والدعوة حتى صاروا علماً على رفض المظاهرات
والاعتصامات وكل ما من شأنه تعريض أمن البلاد للخطر.
• أما المرارة فلأن السلفيين وهم الذين قاموا مع آخرين بحراسة الدين
والعض بالنواجذ على هوية الأمة وتحملوا من البطش والقتل والإهانة ما
هو موثق بالصوت والصورة بعد كل هذا كانوا لا ينتظرون كلمة شكر - فهم
إنما قاموا بذلك لوجه الله- لكن كانوا ينتظرون نظرة امتنان أو همسة
وفاء لكن المفاجأة أنهم أفاقوا على صيحات ظالمة تشبه صرير أبواب غرف
الاعتقالات.
ومع ذلك فالسلفيون وكالعهد بهم في إنكار ذاتهم والعمل لما فيه خير
البلاد والعباد مستعدون لفتح الحوار مع كل مصري مصلح شريف مع ملاحظة
:
- أن يكون هدفنا جميعا من هذا الحوار مصلحة الوطن، وأن تتسع صدورنا
للخلاف، وأن ينصت كل منا للآخر جيداً، وأن يكون شعارنا {ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئَانُ قَوْمٍ عَلَى
أَلَّا تَعْدِلُوا} [المائدة: من الآية 8]، وألا يكون الغرض من
الحوار أن ينتصر كل منا لرأيه بل للحق ولمصلحة الوطن كما قال الشافعي
ما ناظرت أحداً على الغلبة وما ناظرت أحداً فأحببت أن يخطأ.
- الوطن يحتاج في هذه الفترة إلى أكبر عدد ممكن من العقلاء الشرفاء
الذين يؤمنون به ويحلمون بإعادته إلى مكانته الطبيعية.
- الوطن يحتاج اليوم من كل أبنائه أن يقدموا اسمه على أسمائهم، وأن
يقدموا مصالحه على كل المصالح الفردية والفئوية والطائفية، وليعلم
الجميع في هذه المرحلة بالغة الدقة والحرج أن الخطأ ممنوع لأن الثمن
قد يكون باهظا فالتعقل هو الحل.
- ينبغي أن ينأى الجميع عن التهييج، والإثارة، وبث كل ما من شأنه
تكدير خاطر هذا الوطن، والتثبت من كل ما يقال وينشر فالحرب قد تقوم
بخبر كاذب.
- أعيذ الجميع من التعميم، والإطلاق، والتهويل، وتحميل الحوادث
الفردية أكبر من حجمها أو سحب حادث فردي على تيار بالكامل، بل يجب أن
يكون الجميع على درجة قصوى من الموضوعية والشعور بالمسؤولية.
- أدعو إلى طي صفحة الماضي بحلوها ومرها، وأن نبدأ صفحة جديدة صفحة
فيها مكان للجميع لأن استبعاد أي فصيل أو جماعة هو بداية الدخول في
النفق المظلم.
- أخر ما يمكن فعله اليوم هو التفرغ لتصفية الحسابات، بل يجب التفرغ
للبناء، وأن يتصالح الجميع مع الجميع إلا اللصوص والقتلة
والخونة.
- إلى أجهزة الإعلام أقول أنتم من يدير الدولة، ويشكل الأحداث،
فنستحلفكم بالله كونوا محضر خير، وليس محضر شر وفتنة.
- أخيرًا ليعلم الجميع أننا في سفينة واحدة فيها وحدة المصير
الدنيوي، إما أن ينجو الجميع، أو يغرق الكل، وهذا يعنى أن إيجاد صيغة
للتعايش هي مسألة حياة أو موت.
خالد الشافعي
مسلم مصري سلفي