ألا فتعرضوا لها (8)
أحمد صقر
صُنَّاع المعروف اصطنعوا قوارب نجاة اتقوا بها السقوط في المهلكات، ونَجَوا بها من صُروف البلاء وسوء القضاء، لا يحقِرون من المعروف شيئاً ولو أن يَلقى أحدهم أخاه بوجه طَلْق أو أن يُفرِغ من دَلْوه في إناء أخيه
- التصنيفات: ملفات شهر رمضان -
كالطير الضَّوارِب في استجداء المواهب والإرفاد؛ أحَبُ الناس إلى الله عز وجل، أهل البَذْل والعطاء، ورثة الأنبياء والأطواد العِظام، جعلهم الله نافعون للناس أين اتجهوا، مفاتيح للخير مغاليق للشر، طوبى لهم وحسن مئاب، أحياء غير أموات، يدوم ذكرهم بطيب القول ولو انقضَت أعمارهم، تحْكِى عنهم آثارهم.
ومن وافتهم مَنِيَتهم منهم ماتوا وما ماتت مكارمهم، وعاش غيرهم أعماراً وهم في الناس أموات {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 114].. تَرِبَت أيادِ المعروف في أنسَالهم والخير فيهم باقٍ إلى يوم يلقونه.!
صُنَّاع المعروف:
اصطنعوا قوارب نجاة اتقوا بها السقوط في المهلكات، ونَجَوا بها من صُروف البلاء وسوء القضاء، لا يحقِرون من المعروف شيئاً ولو أن يَلقى أحدهم أخاه بوجه طَلْق أو أن يُفرِغ من دَلْوه في إناء أخيه علموا أن «صنائع المعروف تقي مصارع السُوء والآفات والمهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهله في الآخرة» (الترغيب والترهيب: 2/69).
عرفوا نعمة الله عليهم فشكروا فضلها.. يحملون بينهم كل عالة، ويكفون من اشتدت به الفاقة، يَصِلون أرحامهم، ويكسبون المعدوم ويُعينون على صُروف الدهر، هم الأبرار الأتقياء الأخفياء ضربوا آباط كل بِر واستهموا في كل درب بسهم.. فهل ترى الله يخزيهم؟! {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77].
أُنثر بُذُور البِر وامْضِ غير مُرتقب جزاءه *** أينما كنت يأتيك حصاد ما زرعت وقد رَبا
لا تحقِرن من المعروف دِقه أو جُله *** فصنائع المعروف لا تُباع وتُشتَرى
ستجنى السُنُون ثماراً، وقد غَدت أيامه *** فجراً يلوح ووعد حقٍ واثق العُرَى
ومن تدَيَّن بالبَذل والسخاء باسطاً كفه *** فذاك اللبيب، وأعظم البِر ما ليس يُرى
يَنسى العباد ورب الناس يحفظ صُنعه *** فذاك المُجتبَى من خَلقِه بُشرَى ومَنزِلا