ألا فتعرضوا لها (10)

وكُلمَّا قارَبَت أسواق المواسم على الانقضاء.. بلَغَت مُباراة المتنافسين أشُدَّها، وكادت جِعَاب أسهُمِهِم من النفاذ؛ ففي كل باب بِرّ ضربوا سِهامهم لعلها تُصيب، كلهم يدَّعى حُسن البضاعة وزُهد الثمن، وربهم من وراء القَصد عليم.. هذا بائع نفسه فمُوبِقها، وذاك مُعتِقها، وآخر يرجُو القبول.. تجارة رابحة وأخرى تخشون كسادها، ومن جَدَّ فتجارته لن تبُور.

سُوق الرَّحَمَات مازال مُنعَقِدا، وأبوابه لم توصَد بعد، وضجيج الدلَّالين بين دَوىّ ووجُوم، صُداح وخُفُوت، تتخالط الأصوات واللهجات.. ربى أسألك فأعطنى، وادفع عنى ولا تخزنى، يسكبون أدمع الخوف على أبواب الرجاء، وقد قارَبَت شاة أنفسهم من السِقاء.. لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26]. والله يُباهى بهم ملائكته، سميع قريب منهم يستجيب لمن صدق ما عاهده عليه، ومنهم يشترى بأن لهم الجنة.. فالزم ولا تبرح حتى تبلغ.!