التهيئة لرمضان (5) التهيئة بالحب والتعرّف إلى المحبوب بالعلم

سمر الأرناؤوط

ومعرفة الله عز وجلّ المحبوب المعرفة الحقيقية لا تكون إلا من خلال القرآن العظيم كلامه سبحانه ومن خلال سنة نبيّه صلى الله عليه وسلم وهو أعرف الخلق بربه وأخشاهم له وأكثرهم حبا وطاعة وقربا منه. فلنقرأ القرآن منذ اليوم بنية التعرّف على المحبوب سبحانه الله الرب الكريم الرحيم البرّ التواب الغفور العزيز الحكيم العليم اللطيف الخبير الودود الجبار السميع البصير الحيّ القيوم.

  • التصنيفات: ملفات شهر رمضان -

الحب لا يمكن ولا ينبغي له أن يكون عن جهل فكيف تحب من لا تعرف عنه شيئا؟! الحب الحقيقي النافع هوما كان عن بصيرة وعن علم بالمحبوب وعلم بما يحبه. وحتى نحب اللهعز وجلّ حبًا نرى أثره في حياتنا وعباداتنا وتعاملاتنا لا بد أن نتعرف عليه، على صفاته، على أفعاله، على أسمائه، على عظيم قدرته وسعة رحمته وكمال صفاته وجلاله وجماله فإذا عرفناه حقًا أحببناه حقًا فصار حبه ومرضاته هي الهدف وصارت أوامره وتشريعاته وأحكامه محببة على القلب والنفس فتسارع لتنفيذها محبة وتقرّبا للمحبوب سبحانه وتعالى فتحتل مركز الصدارة في أولويات حياتنا وكل ما بعدها يكون تبعًا لها وفي حدود وإطار الحب والطاعة والتقرب لله عز وجلّ بها. ولنا أن نتخيل جمال الحياة التي سنحياها بهذا الحبّ في الدنيا ورفعة المنزلة التي سيكافئ المحبوب جلّ جلاله بها أحبابه!

 

ومعرفة الله عز وجلّ المحبوب المعرفة الحقيقية لا تكون إلا من خلال القرآن العظيم كلامه سبحانه ومن خلال سنة نبيّه صلى الله عليه وسلم وهو أعرف الخلق بربه وأخشاهم له وأكثرهم حبا وطاعة وقربا منه. فلنقرأ القرآن منذ اليوم بنية التعرّف على المحبوب سبحانه الله الرب الكريم الرحيم البرّ التواب الغفور العزيز الحكيم العليم اللطيف الخبير الودود الجبار السميع البصير الحيّ القيوم.

 

وحبّ ما يحبه الله عز وجلّ يكون أيضًا بالعلم بما يحب، إذ لا يعقل أن نقبل على أداء العبادات التي أمرنا الله عز وجلّ بها بحبّ أو أن ننفذ الأحكام والتشريعات التي شرعها الله عز وجلّ لنا ونحن جاهلون بها فالجهل بهذه الأمور يؤدي إلى سوء التطبيق وسوء العمل وعد بلوغ مقاصد هذه العبادات ولا تحقيق أثرها على النفس والقلب.

 

كثير منا يصلي منذ سنوات وهو لم يتوقف يوما ليسأل هل أنا أعلم كل ما ينبغي عن الصلاة؟ هل أصلي كما علّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ هل أتوضأ كما توضأ صلى الله عليه وسلم وهو الذي علّمنا كيفية العبادات تطبيقا عمليا نقله لنا صحابته رضوان الله عليهم جيلا بعد جيل حتى وصل إلينا؟! كم منا يعلم أحكام الصيام الذي نحن مقبلون عليه؟ تسمع أسئلة المسلمين في رمضان في برامج الافتاء فيشيب شعرك لمدى جهلنا بأمور ديننا وهي عبادات نحن مطالبون بها ونحاسب على الإخلال بها ونحن قادرون على تعلّم أحكامها الصحيحة! يذهب البعض إلى العمرة والحج وهم جاهلون بأبسط أحكامهما فتراهم يسألون هذا وذاك على عجل ويتيهون بين الإجابات! كم منا يعرف أحكام السفر؟ والميراث؟ والطهارة؟ وغيرها وغيرها؟؟؟

 

أخبرنا الله عز وجلّ قصة آدم في سورة البقرة وجزئية تعليمه الأسماء ليبين لنا أنه خلق آدم وذريته مهيأين للعلم والتعلم اللذين هما وسيلتا عمارة الأرض التي استخلفهم فيها، خلق الله عز وجلّ آدم وذريته وأكرمهم بالعقل والسمع والبصر والقلب وهي أدوات الإدراك والتعلّم ليعيشوا في هذه الأرض يعمروها وفق منهج الله تعالى الذي أنزله في كتبه ومن خلال رسله صلوات الله وسلامه عليهم جميعًا. ونحن مطالبون بتعلّم ما ينفعنا في أمور ديننا ودنيانا لأننا لن نعذر بجهلنا في أمور يمكننا الآن وفي هذا العصر تحديدا الوصول إليها وتعلّمها بضغطة زر في أجهزة ترافقنا ليل نهار!

 

علينا إذن ونحن نتهيأ لاستقبال رمضان هذا العام أن نخلص النيّة ونعقد العزم على طرد الجهل من قاموسنا وعلى الجدّ في طلب العلم الذي ينفعنا، العلم بالله عز وجلّ والعلم بالعبادات التي افترضها علينا والعلم بأحكامه وشرعه حتى ننفذها عن محبة وعن علم ليجتمع لنا مقومات العمل الصالح المتقبل عند الله وهو العمل الخالص له وحده جلّ جلاله والموافق لشرعه ومنهجه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. ولنتذكر أن العلم قرين الإيمان كما ذكر القرآن الكريم في أكثر من آية (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) فكلما ازددنا علما بالله وبأحكامه ازددنا له خشية ومحبة وتعظيما ومهابة.

 

ورمضان شهر تجتمع فيه أكثر من عبادة لذا نحن نحتاج لمعرفة أحكام الطهارة والوضوء وأحكام الصلاة وقيام الليل وأحكام الصيام حتى ندخل رمضان هذا العام بحبّ وعلم.

 

اللهم ربنا عرّفنا بك وارزقنا حبّك واجعل حبك أحب الأشياء عندنا ووفقنا لعبادتك على الوجه الذي يرضيك عنا وأرنا مناسكنا وتب علينا من الركون إلى الكسل والجهل ومن الغفلة ومن قسوة القلوب وتبلّد العقول. اللهم علّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما إنك أنت العليم الحكيم.