علامات ظهور المهدي -محمد بن الحسن العسكري 2
أحمد علوان
الحمد لله الذي هدانا للإسلام الصحيح، واتباع منهج السلف الصريح، وعافانا من خبل الشِّيَعة والمَهْدِيّين، ونسأل الله الثبات على الحق والهداية للجميع.
- التصنيفات: مقارنة الأديان -
النوع الثاني (العلامات غير الحتمية):
وقد يعبر عنها بأنها كثيرة ومتفرقة-على حد وصف أنصار اليماني-، وبعضها تحقق، والبعض الآخر لم يتحقق بعد، فأما العلامات التي تحققت، وهي مشتركة بين المهديين والشِّيَعة الإِمَامِيَّة الاثني عشرية بنسبة لا يظهر فيها الخلاف، وحتى لا يكون تكرار-لأنه قد أعدت أبحاث في قضية المهدي المنتظر وتناولته بالتفصيل، فسأقتصر على بعضها:
1-كثرة الحروب والفتن وأخبارها:
والعجيب أن المهديين يستشهدون على ظهور المهدي بأدلة من الإنجيل، وفيه: "وَسوف تَسْمَعُون بحرُوب وَأَخْبَارِ حُرُوبٍ. اُنْظُرُوا، لاَ ترْتَاعُوا. لأَنَّه لاَبُدَّ أَن تكون هذِهِ كُلُّهَا، ولكن ليس المنتهى بعد "[1]، وقد استشهد بالفقرة السابقة صاحب كتاب( أحمد الموعود)[2]، وتبعها برواية لآل البيت وفيها: "وعن عمار بن ياسر: إن دولة أهل بيت نبيكم في آخر الزماف لها أمارات، فإذا رأيتم فالزموا الأرض وكفوا حتى تجيء أماراتها، فإذا استثارت عليكم الروم
والترك وجهزت الجيوش...، وتكثر الحروب في الأرض "[3].
2-خراب بابل(العراق):
يرى المهديون أن خراب العراق علامة ودلالة على قرب ظهور المهدي، حيث إن النصوص الورادة في العهدين القديم والجديد أخبرت بذلك، ومنها ما جاء في التوراة:"... فَأَجَابَ وقال: سَقَطَتْ، سَقَطَتْ بَابِلُ، وَجميعُ تَماثِيلِ آلهتهَا الْمَنْحُوتَةِ كَسَّرَها إِلَى الأَرْضِ"[4]، وجاء في الإنجيل:"وَصَرَخَ بِشِدَّةٍ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلا: سَقَطَتْ ! سَقَطَتْ بَابِلُ الْعَظِيمَة ! وَصَارَتْ مَسْكَناً لِشَيَاطِين، وَمحْرَساً لِكُلّْ رُوحٍ نجِسٍ، وَمحْرَساً لِكُلّْ طائِرٍ نجِسٍ وَممْقُوتٍ"[5]، ولتفسير هذا النص عند أهله نجد أنه لا علاقة له بالمهدي الذي يدعي المهديون كذباً أنه يدل على مهديهم، فأحد علماء النصارى في مقدمته لتفسير هذا الإصحاح الثامن عشر، يقول: "هذا الإصحاح نرى فيه سقوط بابل عروس الشيطان وخرابها النهائى، والله يظهر هذا لشعبه حتى لا يشتركوا في خطاياه "[6]، وبالتالي فلا علاقة له بمسألة المهدي إطلاقاً، ويقاس عليه كل ما استدلوا بأي نص من نصوص أهل الكتاب، فلا يصلح الاستدلال بأدلة غيرك على صدق نفسك.
وعلق السالم على النص الأخير قائلاً: "ولا يوجد في دين الله شيء اسمه طائر نجس، بل المراد به الطائرات، وهو ما حصل فعلاً لما قادت الولايات المتحدة حملة خراب بابل بطائرتها النجسة والممقوتة"، ثم ذكر رواية عند الشِّيَعة وفيها: "قال الإمام الصادق عن بغداد:... ثم ليخربها الله تعالى بتلك الفتن وتلك الرايات حتى لو مر علينا مار لقال ههنا كانت الزوراء"[7]، وفي بحث أعده أنصار اليماني:"إن دخول مارقة الروم-أمريكا-إلى العراق هي واحدة من العلامات، وهل يخفى على المؤمنين أن أمريكا هي المصداق الأعظم للدجال "[8].
ويضاف إلى خراب العراق، "أنه يتم منع أهلها من الحج، فلا يذهب منهم إلا القليل، ويبتلى أهلها بجور السلطان وغلاء الأسعار، وكذلك اختلاف حُكَّامهم فيما بينهم"[9].
3-خراب مصر:
فقد نسبوا للإمام عليرضي الله عنه هذه الرواية: ) صاحب مصر علامة العلامات وآيته عجب لها أمارات، قلبه حسن ورأسه محمد ويغير اسم الجد، إن خرج فاعلم أن المهدي سيطرق أبوابكم، فقبيل أن يقرعها طيروا إليه في قباب السحاب، أو ائتوه زحفاً وحبواً على الثلج)[10]، ويعقب عليها صاحب (أحمد الموعود) بقوله: "ومن المعلوم أن حاكم مصر اسمه (محمد حسني مبارك)، وقد غير اسم جده من (سيد) إلى مبارك، وأن قلبه حسن تعني قلب الاسم أي حسني، ورأسه محمد يعني الاسم الأول، وقد خرج من الحكم، وبان خراب مصر وضعفها، وها هي دعوة القائم (أحمد) تدوّي في أطراف الأرض"[11]، وقد زال حكم محمد حسني مبارك ولم نسمع عن مهدي الشِّيَعة شيئاً، ولم يأت عن الشِّيَعة أن المهدي المنتظر قد طرق الأبواب، فدل ذلك على كذب الروايات.
4-كثرة الزلازل والفيضانات والأوبئة والمجاعات:
تعددت العلامات والدلالات على ظهور المهدي، ومن هذه العلامات كثرة الزلازل والأوبئة وما شابهها، واستدلوا أيضاً بنصوص من الكتاب المقدس، ثم بروايات الشِّيَعة المنسوبة لآل البيت، ومنها:"عن الإمام الباقر: لا يقوم القائم إلا على خوف شديد من الناس وزلازل وفتن وبلاء يصيب الناس وطاعون قبل ذلك،..."[12]، "وما يجري اليوم في كثير من دول العالَم ليس بوسع أحد إنكاره من كثرة الزلازل والأوبئة والفيضانات، والتغيرات المناخية والكونية، وإنذار المجاعة الذي يهدد الملايين بالموت جوعاً، وانهيار الاقتصاد العالمي وغير ذلك مما هو معلن من قبل مؤسسات دولية كالأمم المتحدة وغيرها، وبكل تأكيد أن المخفي أكبر وأخطر مما هو معلن بكثير، بل أن الذعر والخوف الشديد الذي تشهده البشرية هذه الأيام لَم يسبق له
مثيل"[13].
5-اسم حاكم الحجاز على اسم حيوان:
وهذا من الغرابة بمكان أن يتم تأويل الروايات بعد وضعها بما يناسب هواهم، وهذا متعلق بعموم الشِّيَعة ثم بمن كان منهم، فالمهديون استغلوا هذه الروايات لمصلحتهم، فأتوا بمثل هذه الرواية عن مسند أحمد، عن النبي: "يحكم الحجاز رجل اسمه على اسم حيوان إذا رأيته حسبت في عينه الحول من البعيد وإذا اقتربت منه لا ترى في عينه شيء يخلفه له أخ اسمه عبد الله ويل لشيعتنا منه - أعادها ثلاثاً- بشروني بموته أبشركم بظهور الحجة"[14].
وعلق عليها أحد الأتباع في كتابه قائلاً: "وهذا هو فهد ملك السعودية على اسم حيوان وفي عينه الحول من بعيد وليس فيه شيء من القريب، وليس من السهل أن تجتمع هذه الصفات في شخص، وقد حكم بعده عبد الله فلم يبق من الرواية شيء سوى خبر موت عبد الله، فأين الممهد الذي يخرج قبل الإمام الحجة؟ وقد ذكرت الروايات أنه يخرج قبله بست سنوات تقريباً هل سأل أحدكم نفسه عن ذلك؟"[15].
6-ظهور كف في السماء:
واستدلوا بهذه الرواية "عن أسماء بنت عميس: علامة ذلك اليوم-أي وقت ظهور المهدي- يد تمتد من السماء والناس تدور لتراها"[16]، فهذه العلامة "قد ظهرت الكف حسب ما نقلته وكالة ناسا الفضائية، وهي آية سماوية تضاف إلى ما سبقها"[17].
7-الجراد الأحمر:
"فقد غزا الجراد الأحمر فعلاً شرق أفريقيا وتسبب بخسائر جسيمة في الحقول الزراعية، وفي يوم 24 يونيو 2009م، أفادت منظمة الأغذية والزراعة(فاو) أن حملة طوارئ دولية نجحت في مواجهة الجراد الأحمر بشرق أفريقا وجنوبها"[18]، وقال في نفس الصفحة ومن الآيات أيضاً الجراد الأحمر بلون الدم مستدلاً بهذه الرواية قال الإمام علي: "بين يدي القائم موت أحمر وموت أبيض وجراد في حينه وجراد في غير حينه كألوان الدم..."[19].
8-أحمد الآتي على السحاب:
إنها من العلامات الغريبة والمريبة والعجيبة، عندما يزعم المهديون أن اسم أحمد ظهر في السحاب ولا يعبر إلا عن أحمدنا، ومن المدهش زعمهم أن هذا أمر أكدته النصوص في كل الرسالات، فالمدعو-علاء السالم أحد المؤمنين بدعوة اليماني- يدلل على هذه الخرافة بنصوص من التوراة والإنجيل ليس لهما صلة من قريب أو بعيد بأمر أحمد اليماني، والنص الأول من العهد القديم وفيه: "فنزل الرَّبُّ في عَمُودِ سَحَابٍ وَوَقَفَ في بَابِ الخْيْمَةِ، وَدَعَا هارُونَ وَمَرْيَمَ فَخَرَجَا كِلاَهما"[20]، والنص الثاني من العهد الجديد، وفيه:"هوَذَا يَأْتِي مَعَ السَّحَابِ، وَسَتنْظُرُهُ كُلُّ عَين، وَالَّذين طعنوه، وينوح عَلَيْهِ جميعُ قبائِلِ الأَرْضِ..."[21].
بل افترى هذا السالم-سلمنا الله من الخرافات- على المسلمين أنهم يؤمنون بهذا، وتتوالى الروايات المصطنعة ليزداد الأمر فظاظة وقبحاً، فقد استند لهذه الرواية: "قال الإمام الباقر: أما أن ذا القرنين قد خير السحابين فاختار الذلول، وذخر لصاحكبم القائم الصعب، قلت: وما الصعب؟ قال: ما كان من سحاب فيه رعد وبرق وصاعقة فصاحبكم يركبه، أما أنه سيركب السحاب ويرقى في الأسباب"[22].
ثم وضح هذه السحاب بصورة ظهر فيها اسم أحمد، "وهي ثورة بركان "أيسلندا" بعد أن فار البركان أحدث دخاناً نتج عنه صورة وما خطته سحابة الدخان في السماء، إنه اسم القائم والمنقذ والمخلص (أحمد)، وإذا سألت لماذا أحمد؟ الجواب: لأجل كل ما تقدم وما يأتي من القائم أحمد عند المسلمين يساوي القائم عبدالحكيم عند المسيحيين يساوي القائم من يسّى عند اليهود
فهو المصلح العالمي المنتظر بكل وضوح، والحمد لله رب العالمين"[23].
الحمد لله الذي هدانا للإسلام الصحيح، واتباع منهج السلف الصريح، وعافانا من خبل الشِّيَعة والمَهْدِيّين، ونسأل الله الثبات على الحق والهداية للجميع.
[1] إنجيل متى: إصحاح 24/6، ط5/2006م، دار الكتاب المقدس بمصر.
[2] إعداد: علاء السالم، ص18.
[4] سفر إشعياء:21/9، ط5/2006م، دار الكتاب المقدس بمصر.
[5] رؤيا يوحنا اللاهوتي:18/2، ط5/2006م، دار الكتاب المقدس بمصر.
[6] شرحه: القس أنطونيوس فكري، كنيسة العذراء بالفجالة، ص183.
[7] أحمد الموعود، إعداد: علاء السالم، ص19و20.
[8] بحث حول ضرورة وجود ممهد للإمام صاحب العصر والزمان، موقع السيد أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي واليماني الموعود، ص6.
[9] العِجْل، الجزء الأول والثاني، ص159و160 (باختصار).
[10] ماذا قال علي عن آخر الزمان، إعداد: السيد علي عاشور، ص330.
[11] ص28.
[12] بحار الأنوار، باب علامات ظهوره عليه السلام من السفياني والدجال، ج52/231.
[13] أحمد الموعود، إعداد: علاء السالم، ص21.
[14] كتاب مائتان وخمسون علامة،ص122.
[15] اليماني الموعود حجة الله، الشيخ حيدر الزيادي، ص25.
[16] جاءت الرواية في كتاب" أحمد الموعود"، لعلاء السالم، ص23، وعزاه إلى كتاب "البرهان في علامات مهدي آخر الزمان"، لابن حسام الدين المتقي، ص69، ولم أجده، تحقيق: قسم التحقيق بدار الصحابة بطنطا، ط1/1412ه = 1992م، دار الصحابة للنشر.
[17] اليماني الموعود حجة الله، ص23،24.
[18] المرجع نفسه، ص24.
[19] منتخب الأنوار المضيئة، ص30.
[20] سفر العدد:12/5.
[21] رؤيا يوحنا اللاهوتي:1/7.
[22] بصائر الدرجات، ص429.
[23] انظر: أحمد الموعود، ص30و31 (بتصرف).