برنامج ذكرى .. بشيرا ونذيرا 1

ولد رحمة من الله سبحانه وتعالى، ولد وهو الذي يقول: أنا دعوة إبراهيم عليه السلام، وأنا بشارة عيسى عليه السلام، وأنا رؤيا أمي) وحينما ولد النبي صلى الله عليه وسلم رأت أمه نورًا أضاء ما بين المشرق والمغرب. (فياله من يوم أغر؛ ليس على آمنة وحدها ولا على ذلك الجدّ الحاني بل كان يوما غردت لقدومه الأكوان؛ وتلقفه في مهاده الزمان).

  • التصنيفات: السيرة النبوية - محبة النبي صلى الله عليه وسلم -

الحلقة الأولى

 

الشيخ عبداللطيف الغامدي: نظر الله تبارك وتعالى إلى أهل الأرض جميعا؛ إلى عربهم وعجمهم؛ إلى أبيضهم وأسودهم؛ إلى ذكرهم وأنثاهم؛ فمقتهم جميعا إلا بقايا من أهل الكتاب.

 

الشيخ خالد الخليوي: لم يكن في تلك المنطقة ديانات أخرى منتشرة بشكل كبير؛ إنما كانوا على الوثنية، فهم كانوا يعبدون الأوثان مع عبادتهم لله سبحانه وتعالى.

 

الشيخ/د. زيد القرون: فقريش لم تكن بمعزل عن الفتنة التي جرها عمرو بن لحيّ الخزاعي إلى مكة؛ عندما أتى بالأصنام من بلاد الشام.

 

الشيخ خالد الخليوي: ثم بعد ذلك نصبها عند الكعبة فبدؤوا يعبدون غير الله سبحانه وتعالى.

 

الشيخ/د. زيد القرون: فكانت عندهم من الأصنام التي نصبوها حول الكعبة أكثر من ثلاثمائة وستين صنما؛ هدمها النبي عليه الصلاة والسلام بعد فتح مكة.

 

الشيخ عبداللطيف الغامدي: كانوا يعبدون غير الله تبارك وتعالى.

 

الشيخ/د. زيد القرون: كانت عندهم مناة وكانت عندهم اللات وكان عندهم العزى.

 

الشيخ عبداللطيف الغامدي: كانوا يصرفون ما هو لله لغيره جل جلاله.

 

قال الشيخ/ د. زيد القرون: كانوا يتقربون إليها يبجلونها يذبحون لها الذبائح يقدمون لها الأكل والطعام والشراب، يطوفون حولها، يحجون إليها، ويقصدونها، يطلبون منها الشفاء والعلاج والرزق والمدد؛ كل ذلك ظنا منهم أنها تقربهم إلى الله تعالى زلفى.

 

قال الشيخ علي باقيس: يسجدون لحجر؛ يسجدون لغير الله عز وجل؛ وعندهم بيت الله العتيق الذي يذكرهم بنبي التوحيد إبراهيم عليه السلام.

 

قال الشيخ خالد الخليوي: فانحرفوا في ذلك الوقت عن عبادة الله عز وجل وحده لا شريك له إلى الإشراك به، فأهل قريش كانوا يؤمنون بأن الله سبحانه وتعالى هو الخالق الرازق المحي المميت؛ لكنهم كفروا بالله عز وجل من جهة العبادة فأصبحوا يعبدون مع الله عزوجل غيره. {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ ﴿١٩﴾ وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَىٰ} [سورة النجم].

 

قال الشيخ خالد الخليوي: العرب في ذات الوقت في حالتهم الاقتصادية كانوا ينقسمون إلى قسمين؛ كانوا ينقسمون إلى حضر وبدو، أما البدو فكانت تجارتهم في الماشية والإبل، وأما الحضر فكانت تجارتهم في شيئين اثنين؛ بعضهم كانوا أهل مزارع كما هم أهل المدينة فتجارتهم في الزراعة والثمار؛ وبعضهم تجارته أو اقتصاده قائم على التجارة، قائم على البيع والشراء.. وهم أهل مكة. {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ ﴿١﴾ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ﴿٢﴾ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـٰذَا الْبَيْتِ ﴿٣﴾ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ﴿٤﴾}

قال الشيخ/د.زيد القرون: كانت قريش تفتخر بأنها تقدم العون للحاج؛ فتكرمهم وتسقيهم وتقدم لهم ما يريدون.

 

قال الشيخ خالد الخليوي: أبرز ما يفتخر به أهل مكة من قريش وغيرهم هم وجودهم بجوار هذه الكعبة، هذه الكعبة التي بناها إبراهيم ومعه ابنه إسماعيل عليهما السلام، وكان الناس يعظمون أهل مكة بسبب وجود الكعبة عندهم. { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّـهِ يَكْفُرُونَ} [العنكبوت: ٦٧].

 

قال الشيخ خالد الخليوي: الجانب الآخر كان عندهم مجموعة من الصفات القبيحة الشديدة التي يأباها الإنسان بفطرته وعلى رأسها وأد البنات وهن أحياء، وهذا كان منتشرا في كثير من أحياء العرب.

 

قال الشيخ/د. زيد القرون: ومن تلك الصفات التي عرفوا بها قضية التطير والتشاؤم.

 

قال الشيخ خالد الخليوي: هذه المجموعة تعيش حياة قبلية وعصبية شديدة لهذه القبلية.

 

قال الشيخ علي باقيس: انصر أخاك ظالما أو مظلوم؛ لا كما جاء بها الإسلام، ولكن ينصره فيعينه على ظلمه؛ لا يمنعه عنه.

 

قال الشيخ عبداللطيف الغامدي: وكانوا يفعلون الأفاعيل؛ ويرتكبون العظائم ويجترحون الجرائم.

 

قال الشيخ د. زيد القرون: حدثت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن شىء من واقع المرأة قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ولننظر إلى زاوية النكاح.

 

قال الشيخ علي باقيس: أنواع من الزواج هي أقرب ما تكون للسفاح والفاحشة، رجل يطلب من امرأته إذا انتهت وطهرت أن تذهب إلى رجل من الأشراف فيطؤها ليستبضع منها خلفة يأخذ من صفات ذلك الرجل.

 

قال الشيخ د. زيد القرون: ومن تلك الصور التي ذكرتها أم المؤمنين رضي الله عنها أنه ربما يدخل على المرأة الواحدة في الليلة الواحدة عشرة رجال كلهم يجامعها؛ ثم بعد ذلك إذا أنجبت الولد دعتهم ونسبته إلى أحدهم ولم يكن له حينئذ إلا أن يتبناه ويعلن أبوته له.

 

قال الشيخ عبداللطيف الغامدي: فكان لابد لهم من هاد يهديهم سواء السبيل فكان محمد صلى الله عليه وسلم. {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٢﴾} [سورة: الجمعة].

 

قال الشيخ د. زيد القرون: محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه أفضل الخلق وخير الورى وأفضل من وطئ الثرى ينحدر من أسرة نسيبة شريفة؛ عرفت بالمكانة والمنزلة العلية الرفيعة.

 

قال الشيخ عبداللطيف الغامدي: هو فداه أبي وأمي ونفسي وأنفاسي أبو القاسم.

 

قال الشيخ خالد الخليوي: محمد بن عبدالله.

 

قال الشيخ د. زيد القرون: ابن عبدالمطلب.

 

قال الشيخ عبداللطيف الغامدي: ابن هاشم.

 

قال الشيخ علي باقيس: ابن عبد مناف.

 

قال الشيخ د. زيد القرون. زيد القرون: ابن قصي.

 

قال الشيخ علي باقيس: ابن كلاب.

 

قال الشيخ د. زيد القرون: ابن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب.

 

قال الشيخ علي باقيس: ينتهي نسبه إلى فهر وهو قريش.

 

قال الشيخ د. زيد القرون: وقريش من العرب والعرب من ذرية إسماعيل، بن إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم. (جمع له ربه كرم النسب؛ و نضارة الحسب؛ فلله در نسب انتضب، وكرم محتد اشتمل).

 

قال الشيخ د. زيد القرون: لما بلغ عبدالله بن عبدالمطلب الخامسة والعشرين من عمره؛ زوجه والده امرأة من أشرف النساء وأعرقهن نسبا.

 

قال الشيخ عبداللطيف الغامدي: آمنة بنت وهب بن عبدمناف بن زهرة فهي من بني زهرة؛ تزوجها عبدالله وكانت من أشرف الناس والنساء في مكة.

 

قال الشيخ خالد الخليوي: وأقام عندهم عبدالله ثلاثة أيام كما هي عادة العرب في ذلك الوقت ثم رجع بها بعد ذلك.

 

قال الشيخ علي باقيس: ويا لله ماذا خرج من ذلك الزواج؛ لقد حملت آمنة بنت وهب بنسمة خير للبشرية جمعاء.

 

قال الشيخ د. زيد القرون: إلا أن عبدالله لم يطل بقاؤه معها؛ فقد أرسله والده بعد نكاحه إلى المدينة.

 

قال الشيخ عبداللطيف الغامدي: وظل فيها قرابة الشهر ثم وعك ومات في المدينة ودفن في بيت النابغة.

 

قال الشيخ د. زيد القرون: لم يخلف عبدالله لمحمد صلى الله عليه وسلم مالا ولا عتادا؛ إلا خمسة جمال وقطعة غنم، وجارية هي أم أيمن التي حضنت؛ وتولت حضانته عليه الصلاة والسلام بعد ذلك.

 

قال الشيخ عبداللطيف الغامدي: ولد النبي صلى الله عليه وسلم في عام الفيل؛ في شعب بني هاشم؛ في يوم الاثنين من شهر ربيع الأول؛ والعلماء اختلفوا في يوم مولده، وتعيين ذلك اليوم.

 

قال الشيخ خالد الخليوي: بعضهم حصل عندهم اختلاف حتى في ذكر السنة التي ولد فيها النبي صلى الله عليه وسلم، المهم أنه ولد صلى الله عليه وسلم.

 

قال الشيخ زيد القرون: ولد النبي صلى الله عليه وسلم لتكون ولادته سبب خير وبركة، وسبب عز وتمكين لهذه الأمة.

 

قال الشيخ خالد الخليوي: ولد رحمة من الله سبحانه وتعالى، ولد وهو الذي يقول: أنا دعوة إبراهيم عليه السلام، وأنا بشارة عيسى عليه السلام، وأنا رؤيا أمي) وحينما ولد النبي صلى الله عليه وسلم رأت أمه نورًا أضاء ما بين المشرق والمغرب. (فياله من يوم أغر؛ ليس على آمنة وحدها ولا على ذلك الجدّ الحاني بل كان يوما غردت لقدومه الأكوان؛ وتلقفه في مهاده الزمان).

 

قال الشيخ خالد الخليوي: ولد النبي صلى الله عليه وسلم؛ لكن لم تكن ولادة النبي صلى الله عليه وسلم كولادة أي إنسان آخر.

 

قال الشيخ د. زيد القرون: ذكر بعض المؤرخين إرهاصات تدل على أن لهذا المولود شأن وشأو؛ فمن ذلك ما نقل وإن كان ضعفه بعضهم؛ أنه سقط عند ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم؛ أربع وعشرة شرفة من إيوان كسرى؛ والتي يبلغ عددها اثنان وعشرون شرفة.

 

قال الشيخ عبداللطيف الغامدي: ومما وقع في ذلك العام وفي يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم أن بحيرة ساوا غاضت وذهب ماؤها وتهدمت الكنائس من حولها.

 

قال الشيخ خالد الخليوي: لما ولد النبي صلى الله عليه وسلم قيل إن نيران فارس قد خمدت.

 

قال الشيخ علي باقيس: إنه يوم عظيم سجل وإن كانت هذه الأحاديث ربما في سندها ضعف هذه القصص لكن ولد بعد عام الفيل ب خمسين ليلة محمد صلى الله عليه وسلم.

 

قال الشيخ خالد الخليوي: ثم أرسلت آمنة ام النبي صلى الله عليه وسلم الى عبد المطلب جده تبشره بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم حتى اذا ما رآه أخذه وقبله وضمه اليه ضما شديدا ثم ذهب به الى الكعبة يشكر الله سبحانه وتعالى على هذا العطاء.

 

قال الشيخ د. زيد القرون: ويكفينا عندما نتكلم عن مولد النبي صلى الله علية وسلم ان ندرك واقع قصة أصحاب الفيل التي وقعت قبل مولد النبي عليه الصلاة والسلام بأقل من شهرين أبرهة كان عاملا للنجاشي مللك الحبشة في اليمن وقد رأى من حال العرب انهم يتوجهون الى بيت الله الحرام وبه يطوفون وعلى اصنامهم يعكفون.

 

قال الشيخ علي باقيس: فأراد أن يصنع كنيسة عظيمة في ارض اليمن فبنى كنيسة عظيمة ونادى لل الناس ان يحجوا اليها كما يححجون للبيت العتيق؛فسمع اناس من العرب بهذا الخبر وكان من بين اولئك الناس رجل من بني كنانة.

 

قال الشيخ د. زيد القرون: فما كان منه إلا ان تسلل ليلا ثم لطخ قبلتها بشيئ من القاذورات والأوساخ.

 

قال الشيخ خالد الخليوي: فلما علم الأبرهة بذلك يعني اشتد غضبه على ان الذي فعل ذلك من العرب وهم اهل مكة واهل الكعبة.

 

قال الشيخ د. زيد القرون: وحلف لينتقمن من الفاعل وليهدمن الكعبة انتقاما لهذه الكنيسة فجهز جيشا قويا عتيدا قوامه كما ذكر بعض المؤرخين ستون الف رجل.

 

قال الشيخ علي باقيس: وجعل في مقدمة الجيش تسعة من الفيلة وانطلق يقود الجيش بنفسه حتى وصل الى مشارف مكة.

 

قال الشيخ عبداللطيف الغامدي: وفي الطريق أصاب إبلا اكثر من مائة فساقها واخذها فبُلغ عبد المطلب ان أبرهة جاء لهدم الكعبة وانه ساق غنم ابله فذهب اليه وعندما دخل على ابرهة وكان رجلا جسيما وضيئا كبيرا مهابا هابه أبرهة فنزل من كرسيه اليه واجلسه بين يديه وجلس معه على البساط.

 

قال الشيخ خالد الخليوي: طلب منه عبد المطلب ان يرد ابله عليه فقال ابرهة اني قد عظمتك في البداية حينما رأيتك وسيما مهابا وقورا ثم لما طلبت مني ابلك وانا أغزو كعبتكم وقعت من عيني.

 

قال الشيخ عبداللطيف الغامدي: فقال عبد المطلب هذه الابل انا ربها وللبيت رب يحميه ثم خرج من عنده وذهب الى بيت اللله الحرام وامسك بباب الكعبة وبحلق الباب ثم قال وهو يتضرع الى الله تبارك وتعالى.

 

قال الشيخ خالد الخليوي: اللهم ان المرء يمنع رحله فامنع رحالك وانصر على ال الصليب وعابديه اليوم آلك لا يغلبن صليبهم و مِحالهم أبدا مِحالك.

 

قال الشيخ د. زيد القرون: ووصل الى مزدلفة ووصل بالتحديد الى وادي محسِّن امر الله عزوجل تللك الافيال ان تقف فى مكانها فاذا وجهوها شمالا او جنوبا او شرقا اتجهت حيث أراد راكبها فاذا توجهت غربا الى بيت الله الحرام وقفت في مكانها وحارت ولم تتحرك فتعجب الناس من ذلك الفعل والصنيع.

 

قال الشيخ علي باقيس: ثم أرسل الله عزوجل عليهم حجارة من سجيل ترميها عليهم طير أبابيل يمسك كل طائر في منقاره بحجر وفي رجليه بحجرين ليلقي بالحجر حجر كالحمص.

 

قال الشيخ د. زيد القرون: ما إن يلقيها على الرجل حتى تغوص فى دماغه وجسده بأمر الله عزوجل فتفرق القوم شذرا؛ مات منهم من مات وهرب منهم من هرب؛ وبقي أبرهة علامة للناظرين وعبرة للمعتبرين؛ تساقطت أعضاؤه عضوا عضوا؛ حتى وصل إلى اليمن كالفرخ المجذوذ ثم مات مهينا صاغرا عليه من الله تعالى ما يستحق؛ وكان بعد مولد النبي صلى الله عليه وسلم ليعلن الرسالة ويظهر الحق والدعوة للناس. {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ﴿١﴾ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ﴿٢﴾ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ﴿٣﴾ تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ ﴿٤﴾ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ ﴿٥﴾} [سورة: الفيل].

 

قال الشيخ عبداللطيف الغامدي: ولد صلى الله عليه وسلم وأرضعته أمه ثم أرضعته ثويبة مولاة أبي لهب.

 

قال الشيخ خالد الخليوي: وكان من عادة العرب في ذاك الوقت أن يخرجوا أولادهم ليسترضعوا فى البوادي فهذا أكثر فى غذائهم وصحتهم؛ وكذلك فى لغتهم العربية؛ وأكثر في تعلمهم أمور الفروسية والقتال والشجاعة.

 

قال الشيخ عبداللطيف الغامدي: ولذلك كان لرسول الله عليه وسلم المرضعة؛ فمن هي مرضعة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ دعونا نسمع من حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية وهي تحكي ما وقع لها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

قال الشيخ علي باقيس: جاءت حليمة إلى مكة في نفر من بني سعد تريد أن تلتمس غلاما لترضعه؛ خرجت مع أولئك النساء معها زوجها ومعها طفلها الصغير.

 

قال الشيخ خالد الخليوي: وأخذت كل واحدة من هؤلاء النسوة؛ وكل من مرت من هذه النسوة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ هذا الطفل الرضيع الذي هو يتيم الأب يمتنعن من أخذه.

 

قال الشيخ د. زيد القرون: وكيف تقبل المرأة بصغير يتيم ليس له أب يمد إليهن العطاء، ويقدم لهن ما يحتجن له من مال وكساء.

 

قال الشيخ خالد الخليوي: وكل من مر عليه يتركه؛ حتى قدّر الله سبحانه وتعالى واصطفى لحليمة السعدية أن تسعد.

 

قال الشيخ عبداللطيف الغامدي: تقول فوالله الذي لا إله الا هو ما ألزمني بأخذه إلا أني لم أجد غيره.

 

قال الشيخ علي باقيس: ويالله لقد اخذت نسمة مباركة كما قال لها زوجها.

 

قال الشيخ د. زيد القرون: تقول اخذت محمد وما ان القمته ثدي حتى ضّر ثديّ بإذن الله لبنا طيبا فشرب النبي صلى الله عليه وسلم حتى روي ثم القمت ثدي الضغير الذي كان معي فشرب الصغير حتى روي.

 

قال الشيخ عبداللطيف الغامدي: ثم خرجت مع صويحباتي ونحن في الطريق واذا بالآتان يسابق الحمر فينظرن النساء اليها ويقلن لها يا حليمة: اهذا ايتانك؛تقول بلى؛ فيقلن والله ان له لشأنا فتقول نعم ان عليه غلام مبارك.

 

قال الشيخ د. زيد القرون: ثم نام أحسن ما يكون وأفضل حالا مما كان ووالله ما كان ينوم قبلها مثل هذا النوم. قالت:ثم عمد زوجي إلى تلك الدابة العجفاء التي معنا فحلبها فإذا بثديها بإذن الله وضرعها يدر حليبا صافيا؛ فشربت منه، وشرب منه زوجي حتى روينا؛ قالت: فقال لي والله يا حليمة ما أحسبكِ إلا أخذتِ نسمة مباركة فقالت: هو ذلك يرحمك الله.

 

قال الشيخ عبداللطيف الغامدي: وعادت به إلى رحلها وإلى بيتها في بادية بني سعد؛ وكانت سنة شهباء؛ جوع ومسغبة؛ وكان لها قطيع من غنم، كانت تسرحها وتذهب بها إلى البادية؛ إلى الفيافي والقفار وتعود خماصا؛ لا شىء في الأرض حتى جاءت بمحمد صلى الله عليه وسلم؛ فكانت تسرح الغنم وإذا بها تعود بطانا؛حفلا، مليئة أضراعها بالحليب. (وأرضعته ولم تيأس حليمة من قول المراضع: إن البؤس في اليتم؛ فَفاضَ بِالدَّرِّ ثَدياها وَقَد غَنِيَت لَيالياً وَهيَ لَم تطعَم وَلَم تَنم)

قال الشيخ علي باقيس: انتهت السنتان الأوليان من حياته في بادية بني سعد.

 

قال الشيخ عبداللطيف الغامدي: ذهبت به حليمة وزوجها إلى أمه آمنة وفي الحقيقة كانوا لا يريدون ذلك.

 

قال الشيخ خالد الخليوي: كانت تريد من آمنة أن تجدد العهد بالاسترضاع؛ وأن تعيده سنتين أخريين.

 

قال الشيخ د. زيد القرون. زيد القرون: بقي النبي صلى الله عليه وسلم مع حليمة حتى بلغ الرابعة من عمره؛ ووقعت حادثة شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم.

 

الشيخ خالد الخليوي: جاءه جبريل عليه السلام وهو يلعب مع الغلمان؛ فأخذه جبريل عليه السلام فصرعه ثم شق صدره أمام مجموعة من الأطفال ثم أخرج علقة الشيطان او حظ الشيطان من صدره.

 

قال الشيخ د. زيد القرون: ثم يرد القلب إلى مكان ويلأم صدر النبي صلى الله عليه وسلم.

 

قال الشيخ خالد الخليوي: راى أخو النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة هذا الحدث أمامه فذهب مباشرة إلى أمه وهو هلع ووجل؛ يقول لامه: يا أمي انظري إلى محمد فإنه قد قتل؛ وما هي لحظات حتى أقبل النبي صلى الله عليه وسلم وهو ممتقع اللون من شدة هذه الذي عاناه مما فعله به جبريل عليه السلام بامر الله سبحجانه وتعالى.

 

قال الشيخ د. زيد القرون: بعد هذه الحادثة خافت حليمة على هذا الصبي فدفعته إلى أمه ليبقى بقية أيامه معها.

 

قال الشيخ علي باقيس: وبعد عامين من عودته لأمه؛ اشتاقت آمنة بنت وهب لذكريات زوجها، ورات أنه من الوفاء أن تذهب لزيارة قبر زوجها على عادة أهل الجاهلية.

 

قال الشيخ عبداللطيف الغامدي: فذهبت بالنبي صلى الله عليه وسلم غلاما حدثا كالجفر؛ ومعها أم أيمن وقيمها عبدالله المطلب، وذهبت وظلت شهرا في المدينة؛ وفاءا لزوجها الراحل؛ ثم قفلت راجعة. وعندما بلغت بالنبي صلى الله عليه وسلم الأبواء وعكت ومرضت؛ ثم فاضت روحها وماتت في ذلك المكان.

 

قال الشيخ خالد الخليوي: فأصبح النبي صلى الله عليه وسلم يتيما الأبوين؛ مات أبوه في السابق حينما كان حملا في بطن أمه؛ وهاهي أمه تموت وعمره ست سنوات. { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ ﴿٦﴾ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ ﴿٧﴾ وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ ﴿٨﴾ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ﴿٩﴾ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ ﴿١٠﴾ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴿١١﴾} [سورة الضحى].

 

قال الشيخ عبداللطيف الغامدي: وعندما ماتت والدته تكفل به جده عبدالمطلب؛ فكان يعتني به ويرعاه؛ ويريه من عنايته ورعايته الشئ الكثير.

 

الشيخ خالد الخليوي: كفله أعظم الكفالة، ورعاه أعظم الرعاية، وجعل رعايته وحضانته إلى أم أيمن بركة الحبشية التي أتمت رعاية النبي صلى الله عليه وسلم؛ حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم عن أم أيمن: هذه أمي بعد أمي.

 

قال الشيخ علي باقيس: كان عبدالمطلب سيدا في قومه، وكانوا يفترشون له فرشا عند الكعبة فيجلس عليه؛ وكان أبناؤه كلهم يهابون أن يجلسوا على ذلك البساط الذي فرش لأبيهم عبدالمطلب؛ أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان ياتي وهو غلام صغير جفر فيجلس على البساط فينهره أعمامه.

 

فيقول عبدالمطلب:الشيخ خالد الخليوي: دعوه..فإن لابني هذا شأنا عظيما.

 

الشيخ علي باقيس: ويجلسه بجواره ويمسح على ظهره؛ ويمسح على راسه؛ وعاش أشهرا في حنان جده عبدالمطلب؛ لكن الأيام الحلوة لا تدوم؛ ما هي إلا أشهر فيموت جده عبدالمطلب؛ يموت وقد أوصى به إلى عمه أبي طالب؛ الذي أخذه فأكرمه، وأحبه فنصره.

 

الشيخ عبداللطيف الغامدي: وكان له معه أماجد الأفعال والأقوال؛ مع أنه كان على الكفر وعلى الشرك. (وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمـة للأرامـلِ؛ أهكذ وصف العم ابن أخيه؛ وكانت فراسة صدق).

 

قال الشيخ علي باقيس: استمر النبي صلى الله عليه وسلم في كفالة عمه أبي طالب ولما بلغ الثانية عشر من عمره، خرج مع عمه أبي طالب إلى الشام في تجارة لقريش.

 

قال الشيخ عبداللطيف الغامدي: وعندما بلغ بصرى وهي أول أرض الشام من قبل الجزيرة العربية؛ وقع النبي صلى الله عليه وسلم حدث عجيب.

 

قال الشيخ علي باقيس: كان في تلك المنطقة راهب يقال له بحيرة؛ وكان هذا الراهب يعتكف في صومعته يمر أهل مكة بتجارتهم ويعودون لا يخرج إليهم ولا يكلمهم إنه منشغل بالعبادة.

 

قال الشيخ عبداللطيف الغامدي: إلا في ذلك اليوم فعندما أقبلوا عليه أقبل عليهم ورخج إليهم وجعل ينظر في وجوههم حتى نظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وذهب إليه وقلبه ثم قال: هذا سيد العالمين؛ هذا رسول رب العالمين؛ هذا الذي يبعثه الله رحمة للعالمين.

 

قال الشيخ علي باقيس: فقال أبو طالب وقريش له وما يدريك؟ قال إني أعرفه؛ والله منذ أن أشرفتم من الثنية لم تبقى شجرة ولم يبق حجر إلا سجد؛ ولا يسجدون إلا لنبي.

 

قال الشيخ عبداللطيف الغامدي: وهذا سجود تحية؛ ليس بسجود عبادة ولا تذلل لغير الله عز وجل؛ بل سجود تحية وترحاب.

 

قال الشيخ علي باقيس: ثم ناشد عمه أبا طالب؛ ناشده أن يعود به إلى مكة فإنه يخاف عليه؛ فاعاده أبو طالب إلى مكة ولم يكمل النبي صلى الله عليه وسلم تلك الرحلة في تجارته. (وَقالَ عَنهُ بَحِيرا حِينَ أَبصَرَهُ بِأَرْضِ بُصرى مَقالاً غَيرَ مُتَّهَمِ؛ إِذ ظَلَّلَتهُ الغَمامُ الغُرُّ وَانهَصَرَت عَطفاً عَلَيهِ فُروعُ الضَّالِ وَالسَّلَم؛ بِأَنَّهُ خاتَمُ الرُّسلِ الكِرامِ وَمَن بِهِ تَزُولُ صُرُوفُ البُؤسِ وَالنِّقَمِ)