علامات ظهور المهدي عند اليمانية 3

أحمد علوان

والعلامتان اللتان وردتا في هذه الرواية لا يمكن تحققهما على أرض الواقع تحت الأسباب الطبيعية، وقد احتج أحد الجالسين باستحالة حصول ذلك وأيد الإمام الباقر قول الرجل ولكنه أكد حصولهما أيضاً

  • التصنيفات: مقارنة الأديان -

وأما العلامات التي لم تتحقق بعد، وأنها قريبة من ظهور المهدي، ومنها:

1-خسوف القمر وكسوف الشمس في رمضان،"عن بدر بن الخليل الأزدي قال: كنت جالساً عند أبي جعفر عليه السلام، فقال: آيتان  تكونان قبل قيام القائم لم تكونا منذ هبط آدم إلى الأرض، تنكسف الشمس في النصف من شهر رمضان والقمر في آخره، فقال رجل: يا ابن رسول الله، تنكسف الشمس في آخر الشهر والقمر في النصف، فقال أبو جعفر: إني أعلم ما تقول ولكنهما آيتان لم تكونا منذ هبط آدم"[1]، "والعلامتان اللتان وردتا في هذه الرواية لا يمكن تحققهما على أرض الواقع تحت الأسباب الطبيعية، وقد احتج أحد الجالسين باستحالة حصول ذلك وأيد الإمام الباقر قول الرجل ولكنه أكد حصولهما أيضاً، فهل يمكن الخروج من هذا الطرح إلا بنتيجة واحدة واضحةة جلية وهي إن الرمزية وحدها هي المقصودة في طرح العلامات لغرض الحفظ من ناحية، ولغرض الاحتجاج بها لاحقاً من قبل الإمام المهدي"[2].

2-اختلاف الشِّيَعة:

كما جاء في الرواية"عن عميرة بنت نفيل قالت: سمعت الحسين بن علي يقول: لا يكون هذا الأمر الذي تنتظرونه حتى يبرأ بعضكم من بعض، ويتفل بعضكم في وجه بعض، ويشهد بعضكم على بعض بالكفر، ويلعن بعضكم بعضاً. فقلت لهما في ذلك الزمان من خير؟فقال الحسين: الخير كله في ذلك الزمان، يقوم قائمنا ويدفع ذلك كله"[3].

وهذه العلامة أهم علامة سيظهر بسببها المهدي-في نظر اليماني وأنصاره-: "وهنا نرى إن مسألة خروج الإمام المهدي مرتهنة بمسالة اختلاف الشِّيَعة؛ لأن أهل  البيت هم الحق المطلق، فإذا اختلف من يمثل آل محمد بينهم فأين تجد الحق، ومن يركز في كلام أهل البيت، يجد منهم

إشارة واضحة وتأكيد على أن اختلاف علماء آخر الزمان فيما بينهم هو فرج الشِّيَعة"[4].

سابعاً: ما هي الفرقة الناجية؟

إذا كان اختلاف الشِّيَعة معلم من معالم ظهور مهديهم، أي إن أمر المهدي متوقف عليهم ومعتمد اعتماداً كلياً على اختلافهم، هكذا يرى المهديون، فما موقف الشِّيَعة الذين هم خارج دعوة اليماني، وكيف يكون حالهم؟ فضلاً عن موقف المسلمين من أهل السنة، فإذا كان المهدي سيظهر عندما يختلف الشِّيَعة، فهل لغيرهم من غير الشِّيَعة اعتبار وانتظار، أم أنهم على الهامش ولا يؤثر وجودهم في شئ، هذا يُكشف عنه في السطور التالية، من خلال نظرة المهديين لأحاديث افتراق الأمة.

ولنذكر رواية من الروايات، وفيها عن أنس بن مالك رضي الله عنه  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : « «إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقَتْ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَإِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ، إِلَّا وَاحِدَةً وَهِيَ: الْجَمَاعَةُ» »[5].

فالأحاديث التي وردت عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  في افتراق الأمة مختلفة في سندها ومتنها، لكنها في مجملها مقبولة ومعمول بها، وأكد ذلك الإمام أبوزهرة، فقال: "قد تكلم علماء السنة في صحة هذا الحديث الذي روي بعدة روايات مختلفة، ولقد قال المقبلي في كتابه(العلم الشامخ): وحديث افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة روايات كثيرة، يشد بعضها بعضاً بحيث لا تبقى ريبة في حاصل معناه"[6].

وقد اختلفت أفهام علماء أهل السنة حول هذا الحديث تارة من حيث العدد المذكور فهو مجرد التكثير وأنها فرق كثيرة وليس عدداً بعينه، وتارة تحديد الفرقة الناجية والفرقة الهلكى، ويفهم من الحديث أن الفرق كلها ناجية إلا واحدة ففي النار، "وأن هذه الفرق تدين بالإسلام في جملتها، وتشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله وحقيقة لا تنكر أن منها من نقض أصلاً من أصول الإسلام مثل هؤلاء الذين جحدوا القدر، فهؤلاء نحكم عليهم بما يُحكَم به على من جحد أصلاً من أصول الدين، وكل من يماثل هذه الفرقة، أي كل من ينقض أصلاً من أصول الدين نحكم عليه بالخروج من الملة، لكن من الحق أيضاً أن الفرق ليسوا جميعاً كذلك، فإن كثيراً من الفرق تدين بالإسلام، وتقف عند حدوده، ولا تجحد شيئاً من أصوله وعقائده، فهؤلاء لا نحكم بأنهم في النار"[7].

وبالرجوع إلى كتب اليماني وأنصاره، نستطيع الوقوف على فهمهم للفرقة الناجية والفرقة الهلكى، فنظرتهم تختلف عن عموم الشِّيَعة، فإذا كان الشِّيَعة بوجه العموم يرون أنهم الفرقة الناجية وغيرهم غير ناجين، فإن اليماني يرى أن من تبعه واعتنق دعوته فهو الناجي وإن لم يكن من الشِّيَعة، وإن خالفه ولم يعتقد اعتقاده فهو من الهلكى وإن كان من الشِّيَعة، يعني هذا أن كل الشِّيَعة الذين خالفوه وعارضوه في نظره هلكى وليسوا من الناجين.

وفي ذلك يقول أحد معتنقي هذه الدعوة بعد ذكره لرواية شيعية عند الطوسي، وفيها:"....وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، اثنتان وسبعون فرقة في النار، وفرقة في الجنة، وهي التي اتبعت وصي محمد، وضرب بيده على صدره، ثم قال: ثلاث عشرة فرقة من الثلاث والسبعين كلها تنتحل مودتي وحبي، واحدة منها في الجنة وهم النمط الأوسط، واثنتا عشرة في النار"[8].

"ومن خلال هذه الرواية نرى أن الفرقة الناجية هي التي تتبع الوصي فحسب، فأما أمة محمد فتكون ثلاثة عشر راية تتبع الأوصياء من بعد رسول الله ويكون هذا الانقسام بشكل تدريجي، فكلما جاء وصي ترسبت فرقة من هذه الأمة مدعين أنهم على منهاج الوصي الذي قبله، إلى أن يصل الأمر إلى الوصي الثاني عشر من الأوصياء فعنده يكون قد اتُّبع من فرقة وترسبت على مسيرة الأوصياء أحد عشر فرقة كلها في النار، وعند مجيء الوصي الثالث عشر -وهو اليماني والمهدي الأول - تترسب عنه فرقة لا يؤمنون به، فيصبح عدد فرق النار اثنا عشر من منتحلين مودة أمير المؤمنين كلها في النار، وتبقى الفرقة الناجية التي اتبعت الوصي الثالث عشر"[9].

هكذا يرى المهديون أنفسهم ولا يرون غيرهم، فمن آمن بالوصي الثالث عشر وهو أحمد الحسن كان من الناجين، ومن اعترض على دعوته ولم يؤمن بها كان من أهل النار، وأصبح في تعداد الفرق الهالكة، إذاً فليحذر الشِّيَعة أن يكونوا من أهل النار لأنهم كذبوا اليماني واعترضوا على دعوته، أما عن أهل السنة فهم في نظر الشِّيَعة الإِمَامِيَّة وكذا اليماني هم من أهل النار، لكن الحقيقة تقول العكس، فأهل السنة يرون أن مذهب الشِّيَعة مخالف لمنهج رسول الله، فنحن أهل السنة على منهج نبينا وحبيبنا، ونوقر آل بيته وصحابته، لا كما يقول الشِّيَعة في بعض زوجاته وجل أصحابه، وبعدها يدّعون أنهم الناجون، ثم ما موقف المهديين، عندما يرون أن المَهْدِيّين اثنا عشر بعد الأئمة الاثني عشر، وأحمدهم هو الأول من المَهْدِيّين الاثني عشر أو الثالث عشر من الأئمة، فكيف بحال بقية أتباع المَهْدِيّين الاثني عشر، وبماذا حكموا عليهم بعد أن حصروا الناجين في أتباع الوصي الثالث عشر، فهل هذا صكوك؟ أم اطلاع على الغيب؟ أم أنه جهل وتضليل؟

 

 


[1] الكافي، للكليني، (ج8/212، 258)، دار الكتب الإسلامية.

[2] دابة الأرض وطالع المشرق، ص46.

[3] الغيبة للنعماني، ص213.

[4] اليماني الموعود حجة الله، ص31.

[5] أبو عبدالله محمد بن يزيد بن ماجة القزيني، (209ه-273هـ)، سنن ابن ماجة، حققه وضبط نصه وخرج أحاديثه: شعيب الأرناؤوط، محمد كامل قرة بللي، باب افتراق الأمم، (ج5 /130، 3993)، ط1/1430ه = 2009م، دار الرسالة العلمية، دمشق، وقال الأرناؤوط: (حديث صحيح).

[6] تاريخ المذاهب الإسلامية، ص11.

[7] انظر: دراسات في الفرق الإسلامية، للدكتور محمود مزروعة، ص24، نقلاً عن دراسات في الفرق الإسلامية-الخوارج والشِّيَعة-، ص28(بتصرف).

[8] الأمالي، ص524(مرجع سابق).

[9] اليماني الموعود حجة الله، ص35(مرجع سابق).