استقبال رمضان 3
مدحت القصراوي
من حقائق التوبة.. {إِلَّا أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ}[التوبة:110]
- التصنيفات: التوبة - دعوة المسلمين - أعمال القلوب -
ومما يدل على صدق التوبة أن يتبدل تذوق المعصية ولو تقدم التاريخ ومرت الأيام؛ فتصبح مريرة في الفم بشعٌ ذكرها على اللسان، ويدعو للخجل وحياءِ القلب، وتوجب وجيعة يضطرب لها القلب وألمٌ يوخز ضميره..
ومن دلالاتها أن تعزم أنك لو استقبلت من أمرك ما استدبرت لما فعلتها..
وأن ينزل الندم في القلب منزل الشهوة، وكلما تذكرتها لا تثور الشهوة والإعجاب بزمن المعصية، ناهيك عن الفخر بالماضي القذر.. بل مكان كل معصية ندم يقطّع القلب؛ وإلا فإنه يُخشَى عليك أن يبقى أثرها خللا في القلب؛ في علمه وبصيرته أو عزمه وإرادته.. ولهذا قال تعالى: {لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ} [التوبة:110] والمقصود ـ في أحد وجهي التفسير ـ أنه لقبح ذنبهم سيبقى أثره يُسبّب الريب في القلب، والريب يشمل علم القلب وعمله.. فأخبر تعالى أنه سيبقى هذا الريب وأثره إلا أن يتعطل هذا الأثر بعلاج عميق للذنب السابق وذلك بأن يتقطع القلب ندما على ما أسلف..
فإذا تذكرت الذنب فوجدت نفسك تستدعي ذكرياته مستمتعا به وتجد له حلاوة فاعلم أن هناك خللا في توبتك فراجع الأمور وانظر ما تقْدُم عليه أمام الله تعالى..
وأما إذا تذكرت الذنب فوجدت الندم سابقا؛ وسؤال التبكيت ملحّا: كيف فرطت في جنب الله وكيف سمحت نفسك بانتهاك حرمة جنابه تعالى..
ووجدت ألم الندم سابقا والحياء من الله تعالى غالبا، وأنك لو عاد الزمن والظرف لأطعت الله ولم تعصه.. حينها تعلم أن هذه توبة مرجوّة الخير بإذن الله فاحفظها ولا تضيعها ولا تفرط فيها.
واحذر أن تضيع توبتك بنكث لعهدك وإفساد لوعدك وتبديل للحال الى ما هو أسوأ.. واحفظ الحال التي أكرمك الله بها.. لا تضيع منك.